قد اطلعت على ما نشرته (الجزيرة) في عددها 14336 المؤرخ في يوم الخميس 4 صفر 1433ه عن كلمة ولي العهد الأمير نايف أن الدولة ستظل متبعة للمنهج السلفي القويم ولن تحيد عنه فهو مصدر عزها، ثم رد -أيده الله- على ما ينسب للسلفية من تهم باطلة...الخ، فأقول: إن المتأمل في كلمة الأمير نايف ولي العهد -حفظه الله- يجد أنها تحمل معاني عظيمة ولها أهداف بعيدة، حيث جاءت في وقت سقطت فيه الأقنعة، وظهرت الحقائق، وانفضحت الطوائف، بعد أن عاش الناس في مد وجزر، وخوف وأمن، وفي زمن اختلطت فيه الأوراق، وكثرت الهتافات، وتنوعت النداءات، وتعددت الشعارات وأصبح كل حزب بما لديهم فرحين، حتى وقعت العامة في الحيرة والتردد، بل وقليل من الخاصة، فأكثرهم يسمع كل ناعق، ويجلس إلى كل متكلم، ويأخذ بكل فتوى، وينظم لأي جماعة، طالبًا للحق أو مستمتعًا بالحديث، أو محبًا للاطلاع والفضول، حتى اختلط الحق بالباطل، والحابل بالنابل، وتفرق الناس طرائق قددًا، فأصبح من عباد الله مؤمن وكافر، مصدق ومكذب، صالح وطالح، وشقي أو سعيد فظهر منّا من يتبع المتشابه، ويعرض عن المحكم من الكتاب، يأخذ بالضعيف ويترك الصحيح من السنّة، وظهر من سب أسلافنا ومدح أشرارنا، يظهر السيئ من تاريخنا، ويبطن الحسن منه، ومنّا من جعل الإيمان في القلب دون العمل، أو كفّر الناس بمجرد الزلل، ومنّا من يرى الركون إلى الذين ظلموا عزةًَ وشرفًا {أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فإن الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا..} (النساء:139)، حتى دعانا أن نضع أيدينا في أيدي من عبدوا العباد وسبوا صحابة أفضل العباد أو إلى الاجتماع مع أهل الأهواء والظلمات، أولئك الذي يتمسحون بأعتاب الأولياء، وأن بهم ومعهم توحيدًا للصف واجتماعًا للأمة زعم، بل منّا من ذهب إليهم، وجلس معهم وإليهم، ولم ينكر منكرًا، أو استدرك زللاً، حتى التبس الحق بالباطل لدى عامة الناس أو جوز الحرام، تيسيرًا للأمة، أو تحبيبًا في الدين، أو أن يكثر محبوه، وهم لن يغنوا عنه شيئًا فنادى هنا وهناك جمعًا للأصوات أو خوفًا منها، في أقوال شرقت وغربت، وصلاح القصد وحده لا يشفع، ما لم يكن معه دليل، ومن ترك الدليل ضل السبيل. إن هذا الخلط الواضح والصريح، له أضراره الوخيمة عاجلاً أو آجلاً، شئنا أم أبينا، لماذا يحاول بعض المنظرين أو الكتّاب أن يأخذوا بالأمة إلى حيث انتهى القوم؟ ولماذا يريد البعض أن يمزج الظن باليقين والسقيم بالصحيح، والغث بالسمين، بحجة الاجتماع وتوحيد الصف؟ إنهم يسعون -هداهم الله- إلى جمع أهل الأهواء والرفض والنفاق والكفر والتكفير تحت سقف واحد، مع أهل الهدى والرشاد، إن أهل الأهواء أيًا كانوا يسعون إلى محاكاة الغرب أو الشرق محبةً أو إعجابًا، إن من أحب النهوض بالأمة يجب أن يتميز عن أولئك وأمثالهم حتى يصفو الجو من الكدر، ويظهر الطريق للسالكين ويتميز الخبيث من الطيب، ويكون الخبيث بعضه على بعض وليس على الطيب منه شيء: {ما كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ..} (آل عمران: 179). يقولون لا تفرقوا بين بني البشر، إذًا فالأنبياء -عليهم السلام- فرَّقوا بين بني البشر فرَّقوا الصف، لأنهم جعلوا الناس فريقين؛ مؤمنًا وكافرًا، كذا قال المشركون فرّق جماعتنا.. إلخ. إن منابذة أهل الانحلال ومقاطعتهم وهجرهم، وعدم الجلوس معهم وإليهم، طريقة عقلاء البشر ومنهم الأنبياء والمصلحون: {فَانْبِذْ إليهمْ عَلَى سَوَاءٍ ان اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} (الأنفال: 58). وهاك إمام الحنفاء وقائد الموحدين يقول: {..وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ..} (مريم:48)، وكانت النتيجة حميدة {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاً جَعلنا نَبِيًّا} (مريم: 49) وكانت العاقبة له. وهذا موسى يقول: {فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ } (الشعراء:21). وهذا رسول رب العالمين وأصدق الدعاة المخلصين خرج من مكة وحيدًا فريدًا شريدًا طريدًا حزينًا فقيرًا مغلوبًا، ثم أقام دولة الإسلام والمسلمين في طيبة الطيبة، ثم رجع إلى مكة غنيًا قويًا ظاهرًا قاهرًا. وأصحاب الكهف الفتية المؤمنة: {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إلا اللَّهَ فَأْوُوا إلى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا} (الكهف:16)، وتأمل قوله تعالى: {..وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا} وكانت العاقبة لهم. إن الدعوة السلفية اليوم في أشد ما تكون حاجة إلى التميز والظهور والوضوح حتى يشتد عودها ويظهر أمرها، ويكثر أنصارها، وأهل الأهواء لن ينتهوا إلى نقطة وسط، أو كلمة سواء، أو مصلحة راجحة، أو وطنية صادقة، حتى وإن زعموا، بل يريدون أن يضعفوا أمرنا بحجة مواكبة العصر، ومسايرة الركب كذا زعموا. {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} (القلم:9) وحتى لو كان في اعتزالهم ترك بعض مصالحنا، فلا لوم علينا، فهذا إبراهيم الصادق في دعوته قال: {وَقال: إني مُهَاجِرٌ إلى رَبِّي} (العنكبوت: 26). وكانت العاقبة له {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إلى الأرض الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} (الانبياء:71) ثم لك أن تتأمل أيضًا عمق الطرح الذي طرحه الأمير السلفي (نايف بن عبدالعزيز) عندما أشار إلى دعوة عالم من علماء السلفية وهو الإمام محمد بن عبد الوهاب، والشُّبه التي تُثار حول المنهج السلفي المتمثل في دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب.. الخ، وأقول: وليعلم أن محمد بن عبدالوهاب رجل منَّ الله عليه بهذه الدعوة الإصلاحية نشر من خلالها الفكر السليم ودعا إلى تحرير عقول الناس من التعلق بالبشر، والخضوع لهم، وأراد أن يستقل المرء بعقله ويتحرر بفكره كما هي دعوة الرسل، وأن الموتى لا يملكون حولاً ولا طولاً، ألا ترى أن اللات التي كانت تعبد في الجاهلية هو رجل صالح كان يخدم الحجاج، وهدمها النبي صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأخرى} (النجم: 19-20)، نعم لقد هدم ابن عبدالوهاب القبة المنصوبة على قبر زيد بن الخطاب شقيق عمر بن الخطاب عملاً بوصية علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم أن قال لأبي الهياج: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تدع صورة إلا طمستها ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته. أخي القارئ نحن لا ندعي عصمته أو قداسته نحن لا نغلو فيه، هو في نظرنا لا ينفع، أو يدفع أو يرفع، نحن لا نتبرك بآثاره، بل نحن لا نعرف قبره، ولا مسكنه ولا نقدس ذريته، فهو مثله مثل سائر الناس إلا أن الله منَّ عليه بهذه الدعوة الإصلاحية وذلك فضل الله يأتيه من يشاء: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ..} (النساء:54). أخي القارئ.. عقيدة ابن عبدالوهاب ظاهرة جلية في كتبه، أعرف تمامًا أن هناك شبهات يثيرونها ضده منها: 1- إنه يكفر الناس، وأن الوهابية يكفرون الناس، والرد: إن هذا كذبٌ وافتراءٌ، فإن الذين يكفرون الناس هم الخوارج، والسلفية أو كما يقولون (الوهابية) هم أشد الناس على الخوارج أهل التكفير والتفجير، إن أول من تصدى للخوارج المكفرة في هذا العصر هم أبناء المدرسة (الوهابية)، إن أول من فنَّد أقوالهم وتصدى لضلالاتهم، وذكرهم بأسمائهم هم أبناء المدرسة السلفية (الوهابية) بعد ضرب برج التجارة العالمي في أمريكا، نعم لقد ترددت، بل وجاملت بعض الجماعات والطوائف، فكان أول من تصدى هم أبناء هذه المدرسة أمثال الشيخ صالح بن محمد اللحيدان.. عضو هيئة كبار العلماء، الشيخ صالح بن فوزان الفوزان.. عضو هيئة كبار العلماء، الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ وهو من أبناء محمد بن عبدالوهاب وأبناء المدرسة، فتكلموا يوم أن سكتت الطوائف، وبيّنوا يوم أن تردد المترددون، وقذفوا بالحق على الباطل فإذا هو زاهق، ولو فرضنا جدلاً أن من المنتسبين للوهابية حسب زعمكم من كفر أو فجر، فإن هذا لا يضر منهج السلفية أوَليس أولئك ينتسبون للإسلام؟ فهل يضر ذلك الإسلام؟ أوَليس في الخوارج من تتلمذ على الصحابة - رضي الله عنهم - أيضر ذلك الصحابة؟ إن ابن ملجم قاتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه تتلمذ على يدي معاذ بن جبل رضي الله عنه، أفيضره ذلك؟ 2- ومن الشُّبه: إن (الوهابية) لا يعظمون رسول صلى الله عليه وسلم والحق أنهم يعظمونه غاية التعظيم والدليل كتبهم ومؤلفاتهم، فإن لابن عبدالوهاب مصنفات في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذا الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد ابن عبدالوهاب وغيرهم من تلاميذهم وأبنائهم وغاية ما في الأمر أنهم لما عظموا أوامره ورسوله.. ظن وأعتقد أعداء السلفية أنهم لا يعرفون حقه ولا يعظمونه، إن ابن عبدالوهاب عظَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبدٌ فقولوا عبد الله ورسوله..) ظن وأعتقد أعداء السلفية أنهم لا يعرفون حقه ولا يعظمونه، إن ابن عبدالوهاب عظّم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أن ترك أقوال العلماء مهما بلغوا رتبة ومنزلة إذا هي خالفت قول رسول رب السماوات والأرض. 3- ومن الشُّبه: إن الوهابية لا يحبون آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه فرية منشأها أن الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود ذهب إلى العراق بجيشه وهدم مشهد النجف الذي يزار في العراق، ولئن كانوا هدموا المشهد الذي يزار في العراق فلقد هدموا المشهد المصوب على قبر زيد بن الخطاب رضي الله عنه في نجد فمرادهم تحرير العقول وتنوير الأذهان من التعلق بالموتى، ثم ليعلم أن الشيخ محمد بن عبدالوهاب لمحبته لآل البيت قد سمى أولاده بأسماء آل البيت فسمى الحسن والحسين وعلي وفاطمة -رضي الله عنهم- وهذا مشهور معروف ومازال أبناؤه يسمون بهذه الأسماء، فإمام الحرم النبوي في وقتنا هذا اسمه حسين آل الشيخ وغيره كثير. 4- ومن الشُّبه: إن ابن عبدالوهاب لا يحترم الأولياء والصالحين وينكر الشفاعات والجواب: إن ابن عبدالوهاب يرى للصالحين مكانتهم، وللأولياء منزلتهم ولكنهم بشر لا يضرون أو يدفعون، أو يرفعون، أو ينفعون، ولم يأت بجديد عليه رحمة الله، وأنت ترى أن بداية الشرك كان سببه تعظيم الصالحين ودا ويغوث ويعوق ونسرا في زمن نوح عليه السلام. 5- إنه جاء بأقوال محدثة ومذهب جديد وهذا غير صحيح ومن نظر في رسائله، أو كتبه وخصوصًا كتاب التوحيد (الذي هو حق الله على العبيد) وجد أنه مجموعة آيات وأحاديث وآثار الصحابة، وليس فيه حرف واحد من جعبته ورأيه، فتأمل. 6- إنه متشدد وهذا غير صحيح وتأمل كتب الشيخ ورسائله سواء في العقيدة أو الفقه أو رسائله لمن سألوه عن عقيدته تجد سهولة العبارة وسلامة الفكر وأدب الحديث، والدعاء للقارئ والمرسل إليه بالحفظ والتوفيق والرحمة...الخ. 7- إنه ليس من أهل العلم والاختصاص في الشريعة، ليعلم أن الشيخ أخذ العلم عن علماء العالم الإسلامي فمن شيوخه: أ - محمد بن حياة السندي من بلاد السند. ب- عبد الله بن سالم البصري من البصرة وهو من سكان الحجاز. ج- محمد المجموعي من علماء العراق وغيره من علماء الأحساء، فالعلم أخذه من هؤلاء. وأخيرًا أقول: أعلم أن أعداء محمد بن عبدالوهاب ودعوته إما مكابر جاحد أو جاهل، أو حاسد وكأني بهم يقولون: لو كان غيره كان أولى، ولقد قيلت كما قال الله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ، أهم يَقْسِمُونَ رَحْمَة ربك} (الزخرف:31-32)، فالله أراد بهذا الرجل الخير والرفعة وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء وكما قال تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ..} (النساء: 54) يقول رحمه الله لما سأله أحد علماء العراق عن عقيدته يقول: (وأخبرك أني -ولله الحمد- متبعٌ، لست مبتدعًا، عقيدتي، وديني الذي أدين الله به، هو: مذهب أهل السنّة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين، مثل الأئمة الأربعة، وإتباعهم إلى يوم القيامة، ولكنني بيّنت للناس: إخلاص الدين لله، ونهيتهم عن دعوة الأحياء، والأموات من الصالحين وغيرهم وعن إشراكهم فيما يعبد الله به، من الذبح والنذر والتوكل والسجود وغير ذلك مما هو حق الله الذي لا يشركه فيه أحدٌ لا ملك مقرب ولا نبي مرسل وهو: الذي دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم وهو: الذي عليه أهل السنّة والجماعة، وأيضًا: ألزمت من تحت يدي، بإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وغير ذلك من فرائض الله ونهيتهم عن الربا وشرب المسكر وأنواع المنكرات فلم يمكن الرؤساء القدح في هذا وعيبه لكونه مستحسنًا عند العوام فجعلوا قدحهم وعداواتهم فيما أمر به من التوحيد وأنهى عنه من الشرك ولبسوا على العوام: إن هذا خلاف ما عليه أكثر الناس ونسبوا إلينا أنواع المفتريات فكبرت الفتنة وأجلبوا علينا بخيل الشيطان ورجله، فمنها: إشاعة البهتان، بما يستحي العاقل أن يحكيه فضلاً عن أن يفتريه ومنها: ما ذكرتم: إني أكفر جميع الناس، إلا من اتبعني، وأني أزعم أن أنكحتهم غير صحيحة، فيا عجبًا كيف يدخل هذا في عقل عاقل؟! وهل يقول هذا مسلم إني أبرأ إلى الله من هذا القول، الذي ما يصدر إلا عن مختل العقل، فاقد الإدراك فقاتل الله أهل الأغراض الباطلة، وكذلك قولهم، إني أقول: لو أقدر على هدم قبة النبي صلى الله عليه وسلم لهدمتها، وأما دلائل الخيرات، وما قيل عني: إني حرقتها، فله سبب وذلك أني أشرت على من قبل نصيحتي من إخواني: إلا يصير في قلبه أجل من كتاب الله، ولا يظن أن القراءة فيه أفضل من قراءة القرآن، وأما: إحراقها، والنهي عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بأيلفظ كان، فنسبة هذا إليّ من الزور والبهتان، ومن أعجب ما جرى، من بعض الرؤساء المخالفين أني لما بيّنت لهم معنى كلام الله تعالى وما ذكره أهل التفسير، في قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أقرب وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ أن عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} (الإسراء:57)، وقوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأرض سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عمّا يُشْرِكُونَ} (يونس:18)، وقوله تعالى: {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إلا لِيُقَرِّبُونَا إلى اللَّهِ زُلْفي ان اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فيما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ أن اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (الزمر:3). وما ذكره الله من إقرار الكفار في قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرض أمن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأمر فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} (يونس:31)، وغير ذلك قالوا: القرآن لا يجوز العمل به لنا، ولا مثلنا ولا بكلام الرسول صلى الله عليه وسلم ولا بكلام المتقدمين ولا نقبل إلا ما ذكره المتأخرون، وأما التكفير فأنا أكفر من عرف دين الرسول صلى الله عليه وسلم ثم بعدما عرفه سبه ونهى الناس عنه وعاد من فعله فهذا هو الذي أكفره وأكثر الأمة ولله الحمد ليسوا كذلك، وأما القتال فلم نقاتل أحدًا إلا دون النفس والحرمة فإنا نقاتل على سبيل المقابلة: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا..} (الشورى:40) كذلك من جاهر بسب دين الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ما عرفه والسلام) انتهى. هذه رسالة مختصرة نقلتها من رسائله رحمه الله تعالى، أخيرًا أقول لكم أيها القراء وماذا بعد الحق إلا الضلال، نسأل الله أن يبارك فيما قاله الأمير نايف بن عبدالعزيز، وأن يديم علينا حكام هذه الدولة السلفية ويبقي ملكهم ويمكنّ لهم في الأرض، ويجعلهم أئمة هدى.. آمين. فهد التويجري