يستحق ال 23 من سبتمبر، بكل ما يختزنه من معانٍ وعِبر، أن يكون عنواناً لجدلية العلاقة بين التاريخ والمستقبل؛ فهو ثمرة الملحمة الكبرى، التي صنعها بعون الله القائد المؤسس، المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود، وتلقفتها شعوب المنطقة، بعد انتظار دام ثلاثة عقود ونيفاً. كان إعلان قيام الدولة السعودية الحديثة تجسيداً لتاريخ من الكفاح والعزيمة الصلبة، وقوة الإيمان، بنصر من الباري - عز وجل - لقوة الحق. لم يكن ذلك اليوم قبل 83 عاماً البداية لكفاح من أجل إقامة الدولة السعودية الحديثة، التي كرست تقاليد جديدة في العمل من أجل شعوب الكون، وما كان نهاية لعالم من العطاء للبشرية، جسده الملك المؤسس ونسله الطيب، بل كان قنطرة بين زمنين. أكاد أجزم بأثر قوله تعالى: {كَشَجَرة طَيِّبَة أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء} في تفكير الملك المؤسس وهو يصنع الملحمة الكبرى. فقد حرص على أن يشيد بنياناً صلباً، يقوم على إيمان بالكد، في السعي لإرضاء الخالق. نصرة الدين، والتخفيف من معاناة الخلق، كانا الرسالة والطريق، الذي اختاره حكام المملكة لبلوغ غايتهم، وهم أهل التوحيد المحافظون على الإسلام والمسلمين. وكما أرادها الملك المؤسس وذريته الكريمة بقي صانع السياسة السعودي حريصاً على أن تكون المملكة {شَجَرَة مُّبَارَكَة زَيْتُونِة لَّا شَرْقِيَّة وَلَا غَرْبِيَّة يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْه نَارٌ}، مثلما كانت في تفكير الملك المؤسس، وهو يؤدي رسالته في صناعة الملحمة الكبرى. بقيت المملكة قبلة لكل باحث عن الضوء، حين يدلهم الظلام، أبوابها مفتوحة لمن سدت دروبهم، يدها ممدودة لإغاثة المنكوب، سيفاً مجرباً للدفاع عن الحق ونصرة المظلوم. ويأتي اليوم الوطني ال83 ليشهد فتحاً جديداً في تجديد مملكة العطاء لعطائها، فاتحة أخرى لمستقبل الشعب والأمتين العربية والإسلامية، رغم صعوبة المنعطف الذي تمر به المنطقة، فهو تجسيد للقناعة بالقدرة على ترك بصمات من الفعل الحضاري، في المشهد الكوني التواق لإبداع العرب والمسلمين. وختاماً، لا يسعنا إلا أن نتوجه بالدعاء للباري - عز وجل - أن يحفظ المملكة العربية السعودية ملكاً وقيادة وشعباً وأرضاً وكياناً، وأن يديم عليهم نعمة الأمن والأمان والرغد والسعادة والسرور. (اللهم آمين).