هذا كتاب لأحد رواد الفكر في بلادنا عرف بشعره الجزل وطول باعه فيه، هو الشاعر الأديب المرحوم أحمد بن إبراهيم الغزاوي، أحد الرعيل الأول من أدبائنا الذي ظل ينظم الشعر أكثر من ستين عاما ويلقي قصائده في مختلف المناسبات، وفي شعره روح الشعر العربي الأصيل في معانيه ومبانيه وقصائده في الملك عبدالعزيز وما زالت باقية خالدة وإلى جانب ذلك فهو ناثر أديب وهذه الشذرات وقعت في حوالي ألف صفحة تضم بين ثناياها الفي شذرة في ميادين الأدب واللغة والتاريخ والمثل والجغرافيا والبلدان والتراجم والأخلاق والآثار واللهجات وغيرها من المعارف والعلوم. ولقد امتد نشره لها طوال مدة خمسين عاماً على صفحات مجلة المنهل الغراء وإنه لعمل علمي كبير تستحق عليه مجلة المنهل الشكر والتقدير على نشرها هذه الشذرات ذات الإشعاع والعطاء المفيد والأثر الفكري في مجال الثقافة والأدب والفكر تجلى في هذه البادرة الحسنة التي تمثلت في إخراج هذا الكتاب وطباعته طباعة جيدة وأنيقة. والمنهل بهذا العمل الفكري يضيف خدمة جليلة للعلم والمعرفة وعملاً نبيلاً للفكر واللغة وإثراء الميدان الأدبي والساحة الفكرية بمثل هذه الأعمال والآثار، لقد كان الأستاذ الغزاوي- يرحمه الله- مهتماً باللغة العربية وآدابها وبشؤون التراث وشجونه يمتح من فضائله ومزاياه ويهتم بتوثيق مسائله وتخريج شواهده وتحقيق نصوصه وانتقاء ما يصلح للنشر والتعليق عليه، وكم تحوي هذه الشذرات من الحكم والآداب والمبادئ الخلقية والقيم الإسلامية والفوائد اللغوية والعلمية والتاريخية، فهذه الشذرات تشبه شجرة تمتد جذورها المغذية امتداداً عميقاً وهي تشكل في الواقع مصدراً ثقافياً نافعاً ومعطيات فكرية مفيدة ونشر هذا الكتب إسهام جيد في بناء صرح النهضة الأدبية في بلادنا الفتية الناهضة. وتحية لمجلة المنهل على اهتمامها بالتراث الفكري ونشر مثل هذه الكتب وما تحفل به من فائدة وعلم وتاريخ وأدب وسيرة وأعلام وهذا وفاء منها لأعلام الأدب، فقد مضى هؤلاء وما انقضى فضلهم وغابوا عنا وما غابت مآثرهم ولا انقطعت آثارهم بما قدموا لدينهم ولغتهم وتراثهم وحفل إنتاجهم بأزاهير الشعر وأفانين الأدب فكان أحد الروافد القيمة لأدبنا وتاريخنا. وعلى أي حال فإن هذه الشذرات الذهبية مادة أدبية ولغوية وتاريخية جمعت لنا أشتاتاً من الحكم والفوائد استخرجها كاتبها من كتب التراث وجرى نظمها في عقد جميل تجذب القارئ وتشده إليها. هذا وبالله التوفيق.