توافقًا مع التحركات الأخيرة من قبل هيئة السُّوق المالية، التي تسعى من خلالها إلى تطوير سوق الأسهم وتعزيز قدراتها، يدفعنا للسُّؤال عن مصير فكرة السماح للشركات المدرجة في سوق الأسهم السعوديَّة بإعادة شراء أسهمها وهو المشروع الذي تَمَّ طرحه منذ سنوات في سبيل إصلاح مسار طريق سوق المال السعوديَّة. صحيح أن السماح للشركات بإعادة شراء أسهمها ليس دواءً سحريًا سيعافي السُّوق بين يوم وليلة مما أصابها، بل هو في رأيي وسيلة إضافية لدعم السُّوق ومساعدته على الاستقرار وجزء من منظومة الإصلاحات الهيكلية التي تسهم بِشَكلٍّ أو بآخر في حفظ توازن السُّوق خاصة إذا ما نظرنا إلى الأسعار المنخفضة لأسهم الشركات الكبرى والفاعلة في السُّوق وذات الأرباح التشغيلية الجيِّدة التي تملك حجم أسهم كبير ولها ثقلها في المؤشر وهي أقدر على معرفة الشكل الفعلي لأدائها ووضعها المالي الحقيقي. السماح للشركات بشراء جزء من أسهمها معمول به في معظم أسواق المال في دول العالم من بينها بعض دول الخليج، ومن حسناته أنّه يعطي رسالة واضحة للمستثمرين بأن سعر سهم الشَّركة التي أعلنت عن شراء أسهمها متدنٍ وبالتالي فهو يزرع ثقة لدى المستثمرين في تلك الشركات بأن يحافظوا على السَّهم ويتمسكوا به، الأمر الذي يقل معه عدد الأسهم المتداولة في السوق، مما يترتَّب عليه زيادة أرباح السَّهم وكذلك ارتفاع في الأرباح. في المقابل فإنَّ مثل هذا المشروع يتيح للشركات التي ترغب في شراء أسهمها الاستفادة من سعرها السوقي الحالي المتراجع، إِذْ إن هذه الشركات تعرف سعرها العادل حسب المعايير الماليَّة المتعارف عليها من حيث مكررات الأرباح ونسبة النمو المتوقعة وغيرها. والحقيقة أنّه من واقع متابعة لسوق الأسهم يتبيّن أن هناك عددًا من الشركات الرائدة وذات العوائد تَتَعرَّض حاليًا لضغوط بيع من دون مبرر مما يسئ للشَّركة وأعمالها، ومن هنا تأتي أهمية هذا القرار الذي يتيح للشَّركة شراء جزء من أسهمها كنوع من الحماية، وبالطبع لا بد أن يكون هناك تنظيمات تشريعيَّة تستدعي درجة عالية من الحوكمة، ووضع ضوابط وشروط تحدِّد الحدّ الأعلى لتملك كل مرة شراء وأيضًا يتم ذلك بعد إعلان على «تداول»، وكم عدد الأسهم؟ ومتى تقوم الشَّركة بالبيع؟ وغيرها من الضوابط من أجل ألا يكون القرار دافعًا للمضاربة وخصوصًا لدى الشركات محدودة الأسهم. [email protected] @alionazi تويتر