حوّلَ «تنظيم ولاية الفقيه» إيران وسورية ولبنان والعراق، إلى قطعة سيريالية من الخشب القابل للاحتراق. في إيران وسورية والعراق ولبنان، ثمة من يُفضّل استخدام طاقة الفحم الحجري في التفكير والتدبير. جماجمهم لم تعد المكان الذي تنطلق منه الأفكار. أصبحت وعاءً تُسجن فيه القطط، كما يقول (ريمون آرون)، الذي تحدث طويلاً عن «المواء الإيديولوجي». * ربما سيضطر علي خامنئي، مُرغماً، إلى تقليص الدعم المالي النقدي المباشر لتابعه الصغير نظام الأسد، مُكتفياً بزيادة الدعم العسكري - البشري واللوجيستي والتسليحي، بعدما تدنّت الأحوال الاقتصادية للشعوب الإيرانية إلى هاوية الإفلاس والجوع، وبعدما تأكد أن تابعه العلوي الصغير ساقط لا محالة. لكنه، في المقابل، «اطمأن!» إلى أن سورية العروبية ذاهبة إلى أسوأ حالات الفوضى والانهيار. * كما يبدو من تحركاته الأخيرة، قرّر «تنظيم ولاية الفقيه»، تركيز اهتمامه الأول على تعميق نفوذه، أفقياً وعمودياً، في العراق، كبديل عربي عن النظام العلوي في دمشق، وضرورة استمرار استدراج لبنان إلى الاهتراء والتفكك، بتعميق الخلافات الطائفية والمذهبية، وتصعيد التهديد الصريح بسلاح ما يُسمى، تقيةً، «حزب الله». * اعترف قائد «فيلق القدس»الإيراني، الفريق قاسم سليماني، أن إيران تسيطر على لبنان والعراق، اللذين يخضعان لإرادتها، وبإمكانها فرض الحكومة التي تشاء في كلا هذين البلدين (عن «وكالة إيسنا للأنباء» الإيرانية في 18- 1- 2012م). * قال النائب العراقي محمد الدايني، إن إيران باتت تسيطر على 70 بالمائة من العراق. ولفت النائب العراقي عن محافظة (ديالى)، المحاذية لإيران بحدود طولها 600 كيلو متر، إلى أنه تم القبض، عند تلك الحدود، على 11 ألفاً من «فيلق القدس»، إلا أن وزارة الداخلية العراقية أحرقت ملفاتهم وأطلقت سراحهم. * ذكرت وكالة الإسوشيتدبرس للأنباء (16-10-2012 م) أنه يطغى على شوارع عراقية مؤشر جديد إلى النفوذ الإيراني المتزايد، إذ تنتشر ملايين الملصقات لصور علي خامنئي مبتسماً بلطف، «زيّنتها!» - على حد تعبير وكالة الأنباء - عبارات بالعربية والفارسية. وقالت الوكالة إن مسؤولين في المخابرات العراقية يعتقدون أن إيران تُرسل، نقداً، ملايين الدولارات، شهرياً، بالإضافة إلى كميات كبيرة من الأسلحة إلى إحدى ميليشياتها المسماة «عصائب أهل الحق»، التي يُشكل أفرادها أقل من ألف مجند، يعيش قادتهم في إيران. * أصوات ملالي كورتيزون ولاية الفقيه، تُسمع في المريخ، طالما أن لليأس أقداماً أخرى تمشي في الاتجاه المضاد للتاريخ والجغرافيا. وربما أدى تطرف العنصرية الفارسية إلى تهالك الدولة الإيرانية، بكل مُكوّناتها، التي تبدو الآن جليّة نُذر خلخلة عميقة في لُحمتيها الديموغرافية والمناطقية، وهو ما دفع رجلاً مثل (زيغنيو بريجنسكي) إلى إبداء تخوّفه من عودة إيران إلى عصر الفحم الحجري. [email protected]