بلغ ما صرفته إيران، خلال السنوات العشرين الماضية، لتكريس احتلالها سوريا، عبر سيطرتها على النظام العلوي، أكثر من مائة وعشرين مليار دولار، وتزيد تكلفة دعمها نظام الأسد للإبقاء عليه وإطالة عمره، طيلة الثمانية عشر شهراً المنصرمة، على عشرين مليار دولار أخرى، إضافة إلى مئات القتلى والجرحى من الحرس الثوري الإيراني، وعشرات الرهائن والمعتقلين لدى الثوار السوريين. في إطار إستراتيجيته الإمبراطورية التوسعية الفارسية في الوطن العربي، يؤكد نظام ولاية الفقيه، عملياً، أن احتلاله لسوريا، العربية، واعتبارها « جزءاً» من الأراضي الإيرانية، هو استكمال مرحلي مُتصاعد لاحتلاله الجزر الإماراتية، العربية، الثلاث: طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى، وترسيخ لاحتلاله لبنان، العربي، بواسطة وكيله «الشرعي!» حسن نصر الله. وكما افترض ملالي طهران الجزر العربية جزراً فارسية «منذ الأزل وإلى الأبد»، كذلك هم ربطوا بقاء الأسد، والياً إيرانياً على سوريا، ربطاً عضوياً بالأمن القومي الفارسي، حالها كحال لبنان تحت حكم حزب ولاية الفقيه. في تغريداته، عبر حسابه في «التويتر»، قال رياض حجاب رئيس الوزراء السوري المُنشق عن نظام الأسد، إن القصر الجمهوري في دمشق «يضمّ مكاتب خاصة لمستشارين وخبراء من إيران، ومن «حزب الله»، ولهم الأفضلية عند بشار الأسد، أكثر من أي مسؤول سوري». وبيّن حجاب أن «الأسد يعتمد في كل قراراته على أوامر الإيرانيين، مع أنه يستمع إلى آراء المقربين إليه، دون أن يهتمّ أو يأخذ بها. وهو مُتزمت وحاسم في قراراته التي يعرف أن إيران تؤيده في اتخاذها، لأنها هي، أصلا، التي تستدرجه إليها وتوحي بها». وكشف حجاب أن إيران هي التي أمرت الأسد، منذ بدء الثورة السورية، بالتعامل مع تظاهرات الشعب السوري، السلمية في الأشهر الأولى من الثورة، «بقبضة من حديد، والسماح ل «حزب الله» بدخول سوريا، لقيادة عمليات قمع السوريين، نظرا لولاء الحزب المطلق لإيران». وأكد أن «إيران هي الوحيدة التي تتدخل في شؤون سوريا، وتُملي سياستها إملاء حازما على النظام، وتعامل الأسد على أنه وكيلها في محافظة إيرانية. كما أنها تعمل على تأجيج الحرب الأهلية المستعرة». في الوقت الذي تحدثت أنباء (الجزيرة أونلاين) عن أن الحكومة الإيرانية (بعد ما صدّرت فتاوى دينية شيعية متفرقة تحث على الجهاد في سورية)، في طريقها إلى إصدار فتوى موحّدة توجب على أنصار ولاية الفقيه في العالم الوقوف إلى جانب النظام العلوي في دمشق، والجهاد من أجل بقائه. مع ذلك، فالمرشد الإيراني يُحاصره الرعب، لأنه يعرف أكثر من غيره أن نظام الأسد تهاوى، والمسألة الآن هي مسألة وقت لا أكثر، بعد ما فشل في سحق الثورة السورية، ما يعني أن على القيادة الإيرانية أن تسقط، اليوم قبل غد، من حساباتها استمرار احتلالها لسورية، وتلغي رهانات تسلطية مستقبلية كثيرة كانت تعول عليها في علاقتها مع العرب، وتقرّ، علنا، بخسارة أكبر استثمار توسّعي إمبراطوري قامرت به إيران، منذ الثورة الخمينية. [email protected]