أولئك الباطنيون اليائسون حتى من اليأس، في طهرانودمشق، الذين يتسللون إلى الشوارع الخلفية من التاريخ، يقولون إنهم آتون من الأزل الذي كلّفهم بتدمير العالم تمهيدا لظهور» إمام زمانهم «، يبدون، في حقيقتهم، وكأنهم آتون من عصر أكلة لحوم البشر. في 8-12-2004 م، حذر العاهل الأردني، في حوار مع « الواشنطن بوست « الأمريكية، من أخطار النفوذ الإيراني في المنطقة، لإنشاء ما أسماه « الهلال الشيعي»، يشمل إيران والعراق وسورية ولبنان، مُنبها إلى أن النظام العلوي في دمشق يُدرّب مقاتلين من « القاعدة « على أراضيه، ويُوجههم إلى العراق، تمهيدا لتحويل العراق إلى محافظة إيرانية. في تغريداته، عبر حسابه في « التويتر « (في 10-8-2012 م)، قال رياض حجاب رئيس الوزراء السوري المُنشق مؤخرا عن نظام الأسد: إن القصر الجمهوري في دمشق « يضمّ مكاتب خاصة لمستشارين وخبراء من إيران، ومن « حزب الله «، ولهم الأفضلية عند بشار الأسد، أكثر من أي مسؤول سوري». وبيّن حجاب أن « الأسد يعتمد في كل قراراته على أوامر الإيرانيين، مع أنه يستمع إلى آراء المقربين إليه، دون أن يهتمّ أو يأخذ بها. وهو مُتزمت وحاسم في قراراته التي يعرف أن إيران تؤيده في اتخاذها، لأنها هي، أصلا، التي تستدرجه إليها وتوحي بها «. وكشف حجاب أن إيران هي التي أمرت الأسد، منذ بدء الثورة السورية، التعامل مع تظاهرات الشعب السوري « بقبضة من حديد، والسماح ل «حزب الله» بدخول سورية، لقيادة عمليات قمع السوريين، نظرا لولاء الحزب المطلق لإيران». وأكد أن « إيران هي الوحيدة التي تتدخل في شؤون سورية، وتُملي سياستها إملاء حازما على النظام العلوي في دمشق، وتتعامل مع الأسد على أنه وكيلها في محافظة إيرانية. كما أنها تعمل على تأجيج الحرب الأهلية المستعرة «. في الوقت الذي تحدثت أنباء (الجزيرة أونلاين) عن أن الحكومة الإيرانية (بعدما صدرت فتاوى دينية شيعية متفرقة تحث على الجهاد في سورية)، في طريقها إلى إصدار فتوى موحّدة توجب على الشيعة في العالم الوقوف إلى جانب النظام العلوي في دمشق. ولاحظ (ليون بانيتا) وزير الدفاع الأمريكي « وجودا إيرانيا مُتعاظما إلى جانب النظام في سورية «. وحدد رئيس الأركان الأمريكي الجنرال (مارتن دمبسي) نوعية هذا الوجود، فقال إنها ميليشيات مؤلفة من الشيعة عموما وبعضهم علويون. وفيما كان وزير دفاعهم يتحدث عن مخطط غربي - تركي لإقامة مناطق آمنة في سورية، وشلّ طيران نظام الأسد، اعترف الأمريكيون، لأول مرة، بأن ثمة حربا أهلية تستعر في سورية، إذ يقول (دانيال بايمان) في مجلة « فورين بوليسي « الأمريكية، المعروفة بدقتها وحياديتها وقربها من الإدارة الأمريكية: « تتدهور الحرب الأهلية في سورية من سيء إلى أسوأ، مع تزايد عدد الضحايا والفظاعات، وهي بمثابة مأساة بالنسبة للسوريين وكارثة مُحققة بالنسبة للدول المجاورة..» (12-8-2012 م). (كينيث بولاك) في صحيفة « الواشنطن بوست « الأمريكية، (12-8-2012 م) يطرح طريقتين لإنهاء هذه الحرب: « إما فوز أحد الطرفين على الآخر بطريقة دموية، أوتدخّل طرف ثالث بقوة لوقف القتال. وإلى أن تُقرر الولاياتالمتحدة مساعدة طرف على آخر، أو التدخل عسكريا في سورية، فإن لا شيء يُمكن أن يُحدث فارقا». العاهل الأردني صاحب التحذير من أخطار « الهلال الشيعي «، منذ العام 2004 م، يعود فيُحذر، من جديد، من أن « السيناريو الأسوأ في سورية، هو اندلاع حرب أهلية شاملة، يُصبح عندها من المستحيل النجاة من الانزلاق نحو الهاوية « (قناة « سي إن إن « يوم 18-7-2012 م). هل قرر نظام ولاية الفقيه في طهران وتابعه النظام العلوي في دمشق الذهاب إلى الهاوية، ل « انتظار « ظهور « إمام زمانهم « ؟. ألا يعرف ملالي طهرانودمشق ما هي المسافة التي تفصل بين» الانتظار « و»الاحتضار « ؟. هم، بالتأكيد، يعرفون أن أسوأ أنواع اليأس هو اليأس.. اليائس. [email protected]