ضمت حقبة التسعينات الهجرية من القرن الفائت نجوماً كبار ونماذج رائعة، حفرت أسماءها في ذاكرة الكرة السعودية بعد ما تألقت في ساحة المنافسة وميادين الإبداع، ومن هذه الأسماء الشهيرة التي صالت وجالت في تلك الحقبة الرياضية الفارطة الحارس الدولي -سابقاً- سالم مروان -شفاه الله- الذي تألق في المرمى النصراوي حوالي 20 عاماً كانت حبلى بالألقاب الذهبية والإنجازات الخالدة. بدأ الحارس الكبير مشواره الكروي في منتصف الثمانينيات الهجرية بحي الشميسي، ومن فريق الحي انضم إلى النصر -شبلاً- بدعم قوي ومباشر من رمز النصر الراحل صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن سعود -رحمه الله- ومثل الفريق الأصفر في كافة مراحله السنية. وجاء تألقه الباكر في الخارطة النصراوية كحارس مرمى واعد كان يملك ثقة بنفسه وحضوراً ذهنياً جيداً، وانضباطاً قوياً، فضلاً عن هيبته القوية لحظة وقوفه أمام المرمى الأصفر إلى جانب قدراته الفنية البارعة، فاختير لتمثيل منتخب المملكة للناشئين عام 1392ه في دورة الصدقة بإيران، مثل منتخب المملكة في هذه المرحلة السنية الباكرة قبل تمثيله فريق النصر رسمياً باعتبار أنه كان احتياطياً للحارسين جوهر مرزوق ومبروك التركي -رحمه الله-. وأمام تألقه اللافت للأنظار في إيران، وجد الحارس الصاعد آنذاك (سالم مروان) فرصة حماية العرين الأصفر رسمياً بعد ابتعاد الحارس العملاق (مبروك التركي) عام 1393ه عن مشاركة الفريق عدة أشهر بسبب ! فوجد المروان فرصة حماية العرين الأصفر، ورغم صغر سنه وحداثة تجربته دخل في تحد مع الحارس المخضرم آنذاك (جوهر مرزوق) الذي مثل النصر منذ النصف الثاني من عقد الثمانينات الهجرية، ونجح (سالم) في إظهار قدراته البارعة كحارس مرمى كان يشار له بالبنان في ذلك الزمن الجميل ليكسب الجولة من منافسيه ويحمي العرين النصراوي بكل همة وإصرار. ويعتبر المدرب الراحل عبد الله الكنج -رحمه الله- من أشهر المدربين الذين ساهموا في إبراز قدراته الفنية وإمكانياته العالية، ولعبوا دوراً محورياً في صقل موهبته وتنمية ثقته بنفسه وإعطائه الفرصة لتمثيل الفريق، ومن حسن حظ المروان. إن مشاركته مع الفريق النصراوي في التسعينيات الهجرية جاءت متزامنة مع عصر (النادي العاصمي) الذهبي حيث وفرة النجوم الكبار والأسماء الشهيرة التي كانت تزخر بها الخارطة النصراوية في ذلك الوقت، منهم: توفيق المقرن ومحمد سعد العبدلي ومبروك التركي وسعد وناصر الجوهر الأمير ممدوح بن سعود ويعقوب مرسال وعيد الصغير وأحمد الدنيني وبقية الأسماء الرنانة التي كانت تزخر بهم الخارطة النصراوية في تلك الأيام الخوالي. مع هذه الكتيبة من النجوم العمالقة ساهم الحارس الكبير سالم مروان في إحراز الألقاب الذهبية لفريقه والإنجازات الخالدة في تلك الحقبة الفارطة التي كانت بطولاتها المحلية محصورة بين فريقي النصر والأهلي ونجح الفريق الأصفر في إحراز لقب بطل كأس الملك ثلاث مرات وكأس ولي العهد مرتين. رحلته مع المنتخب الأول بدأت في النصف الثاني من عقد التسعينات الهجرية حين تم استدعاؤه للمشاركة في دورات الخليج الرابعة بقطر والخامسة في العراق والسادسة في الإمارات، بالإضافة مشاركته في أولمبياد سيول بكوريا الجنوبية في الثمانينات الميلادية. وكان من نجوم الأخضر الذين تألقوا في هذه الدورة، وواصل المروان حضوره الكروي المشرف مع عشقه الأزلي فارس نجد وقاده للفوز بكأس الملك عام 1401 وعام 1406ه. وطوال مشواره الرياضي الطويل الذي امتد قرابة (20 عاماً) عايش خلالها أفضل جيلين مرا بتاريخ النادي العاصمي، جيل ناصر وسعد الجوهر وأحمد الدنيني ويعقوب مرسال وعيد الصغير، ثم جيل ماجد عبد الله وتوفيق المقرن ودرويش سعيد وابن دحم ومحيسن جمعان. كان الحارس الكبير متميزاً حتى في سلوكه الرياضي وأخلاقه الرفيعة، فهو الحارس الوحيد في عصره الذي جمع المستوى العالي والخلق الرفيع خلال مسيرته الكروية وغادر الملاعب الرياضية بلا بطاقة حمراء مؤكداً أن النجومية الحقيقية للاعب تكمن في سلوكه الرياضي الرفيع الأمر الذي أكسبه شهرة واسعة وحب الرياضيين للحارس الخلوق بمختلف الميول والانتماءات الرياضية. استمر الحارس العملاق سالم مروان في الملاعب حتى أواخر الثمانينيات الميلادية حيث توقف عنوة بعد تعرضه لحادث مروري مروع أثناء عودته من مكةالمكرمة «معتمراً» وأصيب بشلل رباعي، وما زال الحارس الشهير في مستشفى النقاهة بالرياض -شفاه الله-. ويبقى العملاق سالم مروان علامة بارزة في تاريخ الكرة السعودية ممن حفروا أسماءهم في الذاكرة النصراوية بإنجازاتهم الخالدة وتضحياتهم الكبيرة وألقابهم الذهبية!