أغلب الأشياء التي نستخدمها في الحياة لها ضريبة ونتائج تبعية، وعلاقاتنا الاجتماعية ليست بمنأى عن هذا القانون، لكن قد تكون هذه النتائج في بعض جوانبها سلبية يتوجب علينا في مقابلها محاولة علاجها أو التخفيف من آثارها على حياتنا.. الجوال وأجهزة الاتصال المختلفة تقنية ولدتها الحضارة المادية التي نعيشها اليوم ورغم ما قدمته للبشرية من نقلة هائلة في مجال التواصل إلا أنها في المقابل أسهمت في تقليص شيء مهم من أساسيات التواصل الإنساني وهو اللقاء المباشر وجهاً لوجه. في الماضي القريب وقبل ثورة الاتصالات التي طغت بشكل هائل كنا نتواصل ونتقابل مع أقاربنا وأصدقائنا في جميع المناسبات الاجتماعية المختلفة ونجلس ونتحدث وتطرب مسامعنا بأصوات من نحب واليوم أصاب هذه العلاقة الإنسانية شيئا من الجمود والتباعد فأصبحت لغة التواصل الجديدة عبر الأثير فقط عبر مكالمات الجوال ورسائله النصية والمحزن في الوضع الراهن أننا أصبحنا شبه مقتنعين ومكتفين بهذا النهج الجديد من العلاقة ليغيب في أفق علاقاتنا القادمة لغة التواصل الشخصية المباشرة التي منحت آباءنا وأجدادنا مشاعر عميقة بالألفة والمحبة. (الجزيرة) لمست انتشار هذه العادة في العلاقة الاجتماعية وأصبحت ظاهرة في مجتمعنا السعودي خصوصاً مع حلول هذا الشهر الكريم شهر رمضان ورصدت آثارها عن طريق أخذ رأي العديد من المواطنين.. فكانت البداية مع المواطن (الخمسيني) سالم صبيح الذي عبر عن رأيه قائلاً: إن الفرق واضح في مدى تغير العلاقات الاجتماعية بين الماضي القريب واليوم، ولعل المخضرمين أمثالي الذين عاشوا فترتين مختلفتين يدركون جيداً مقدار التباعد الحاصل في العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع، فحتى سنوات قريبة مضت كنا نعود أقاربنا وأصدقاءنا سواء في المناسبات السنوية كالأعياد والزواج والمناسبات الأسرية الخاصة وكنا نعود المرضى احتساباً للأجر ورفعاً لمعنويات المرضى وغيرها من المناسبات وكان الوضع النفسي إيجابياً وكانت مشاعر السعادة والفرح غامرة وكانت الألفة والتراحم في أعلى مستوياتها باختصار كنا إنسانيين أكثر من الوقت الحالي الذي أصبحت مشاعرنا فيه لا تتجاوز الشكليات والتصنع بل أصبحت معلبة نبثها دون شعور داخلي والسبب في رأيي يعود لغياب التواصل الشخصي والاكتفاء بالتواصل الأثيري عبر الجوال والإنترنت. ومن جانبه تحدث الشاب الثلاثيني مهدي تيسان اليامي قائلاً أصبحت ارتباطاتنا اليومية لأتسمح لنا بالتواصل الشخصي وأصبحت الرسائل النصية تقوم بالواجب رغم عدم اقتناعي بهذه الخدمة التي توهمنا إننا قمنا بالتواصل واسميه التواصل اليتيم. من جانبه قال المواطن الستيني هادي سالم اليامي كنا في الماضي قبل ثورة الاتصالات والانترنت نقوم بزيارات بعضنا ونجتمع في المناسبات على مختلف أشكالها كذلك كنا نود بعضنا لبعض مودة صادقة وأساسها التواصل الشخصي لان التواصل الشخصي يقوي روابط المحبة والألفة ويشعر الإنسان انه قريب من أصدقاءه وأسرته وأقاربه بينما اليوم اتخذنا وسائل التكلنوجيا الحديثة ممثلة في الرسائل النصية والاتصالات الهاتفية بديلا من الاتصال الشخصي الذي يقوي العلاقات الأسرية والاجتماعية على حد سوا. من جانبه قال المواطن الستيني حسن عبد الله اليامي عندما نعود بالذكرة لحوالي أربعين عاما نتذكر عندما كنا نعود بعضنا في جميع المناسبات الجميلة مثل حلول شهر رمضان المبارك والأعياد مما يزيد الترابط الأسري بينما وفي هذه اللحظة التي أتكلم معكم فيها قمت بإرسال تهنئة معممة لأكثر من خمسين شخصا فأين أمس من اليوم وأين الزيارات الشخصية التي تقابل فيها جميع الأصدقاء والأسرة كما حثنا ديننا الإسلامي على مواصلة الرحم فلا يمكن بشكل من الأشكال أن تقوم رسالة نصية عبر الأثير بالنيابة عن التواصل الشخصي.