أكد مختصون في مجال الأسرة والتربية واستشاريون اجتماعيون ل «المدينة» أن تزايد وسرعة وتيرة التطور التكنولوجي جعل عملية الاتصال بالجوال هي الوسيلة الأساسية للسلام والتواصل بين أفراد المجتمع، ووصفوها بأنها وسيلة صامتة خالية من مشاعر الحب والتصافح والابتسامة والحوار، وخالية من الحميمية أعدمت معها فرص التواصل الحقيقي بين الأفراد، حيث إن تلك الرسائل أسهمت في التقليل من التواصل الاجتماعي المباشر بين أفراد الأسرة الواحدة، وأضعفت العلاقات الجميلة الدافئة التي تفتقدها قلوبنا، ولا تحقق مفهوم صلة الرحم الحقيقية، وليس فيها استفسار عن مشاعر الآخر وأوضاعه؛ مما أوجد الوحدة لدى العديد من الأفراد، وقلل العلاقات والزيارات العائلية الجميلة وزاد من نسبة الاكتئاب، وأيضًا ستظهر نتائج غير مباشرة مثل تخفيف تماسك المجتمعِ، وأخفت أيضًا معاني الأعياد والمناسبات، بل وحتى العزاء وزيارة المريض استبدلت بالرسائل، والتي لا يحتاجها المريض أو المبتلى، بل يحتاج أخًا أو صديقًا يقف معه. وأن صلة الرحم ثوابها الأجر وبسط الرزق وطول العمر أمر بها الله عز وجل في كتابه الكريم، ولم يغفل عنها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بل ورد لها أكثر من حديث شريف. - فيما قالت الدكتورة سلمى سيبيه الاستشارية الاجتماعية والأسرية والتربوية: إن التكنولوجيا دخلت العالم، وكانت سببًا في التطور، وحولت العالم إلى عصر السرعة لكنها أثقلت بكاهلها على ما أمر به الإسلام، وكانت سببًا في تباعد الإخوان والأخوات والأهل والأصدقاء، واكتفى الناس بتواصل من خلال أجهزة صماء، وغفلوا عن الأجر والثواب في الفيس بوك والتويتر واليوتيوب والبلاك بيري والماسنجر وغيرها تأثيرات على المجتمع وصلة الرحم، وحيث إن مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني أجرى دراسة حول الحوار الأسري داخل الأسر السعودية، وكشف عن أن 30 % من أفراد الأسرة يتواصلون من خلال رسائل الجوال وأن 12% من أفراد الأسرة يتواصلون من خلال الانترنت، والسلام في شريعتنا الإسلامية حكمه سنة وردّه واجب، فهو تواصل مباشر للمحبة والود والألفة بين أفراد المجتمع، وأضافت أننا لا ننكر أهمية التواصل الإلكتروني ولكن ليس هناك أفضل من الزيارات، ومن ثمّ الاتصالات الهاتفية في التهنئة والشكر باللسان والدعاء، ولذا أصبحت الرسائل القصيرة عبر الجوال خطرًا يهدد علاقاتنا الاجتماعية وروابطنا الإنسانية. - أما المحاضر الدولي في التنمية وتطوير الذات الدكتور عبدالرحمن الذبياني، فذكر أن الألفية الثالثة تشهد تطورًا هائلًا لوسائل الإعلام الجديد، مما جعل العالم كالقرية الصغيرة فكل مجالات التواصل الاجتماعي ممكنة، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والمدونات والمنتديات والمواقع الصحافية الإلكترونية والألعاب، مما سهل التشارك بملفات وطرح الآراء والتعليقات والحوارات، وجعله أمرًا ممكنًا وسهلًا وميسرًا وغير مكلف من خلال الشبكة العنكبوتية التي تتميز بالسرعة والجذب والتشويق، وأصبح التواصل الاجتماعي غير المخطط له آثار سلبية كبيرة، فعلى مستوى الأسرة قلّ التواصل والترابط الأسري بين أفرادها في المنزل، إذ الكل مشغول بجهازه وموقعه فلا يكاد أن تجتمع الأسرة على مائدة واحدة في ظل هذه المواقع!! أما على مستوى المدرسة فقد أصبح عاملًا مسببًا في عملية التأخر الدراسي، حيث يعتبره الطلاب وسيلة ترفيهية، فالبلاك بيري والآي فون فعلا فعلتهما السلبية لأبنائنا الطلاب لقضاء وقت أطول معهما على حساب الالتزامات والواجبات الدراسية. أما على المستوى الاجتماعي فقد ضاعت العلاقات العامة في زحمة هذا المواقع وأجهزة النقال بين الأقارب والزملاء والأصدقاء، وقلّ العطاء المهني والوظيفي واندثرت القيم والعادات، مما قد يتسبب في نكسة اجتماعية واقتصادية. - ومسك الختام يأتي في قول فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء: إن التواصل بين الأقارب بواسطة وسائل الاتصال لا يكفي، بل لا بد من زيارتهم والذهاب إليهم ما أمكن ذلك.