إن من يعيش في المدن الكبيرة التي تباعدت أطرافها والمخططات المترامية الأطراف يجد في التواصل والتزاور مع الأهل والأقارب والأصدقاء صعوبة بالغة حيث يقتصر في كثير من الأحيان على السؤال عنهم عبر الهاتف أو الهاتف النقال والرسائل والتي أنعم الله بها علينا هذه الأيام ، أما الزيارات الشخصية فتكون غالباً في المناسبات المختلفة كالزواج أو الوفاة أو وليمة عامة أو في الأعياد ..وهذا الكلام واقع وحقيقي وليس من نسج الخيال ..ولكن الشيء الذي يدعو إلى الاستغراب ويلفت الأنظار ويبعث الاسى في القلوب هو أن الجيران في الحي الواحد لا يوجد لديهم تواصل وتزاور ولا اجتماعات أسبوعية أو شهرية ولا يكاد يعرف بعضهم الآخر وخاصة قاطني المخططات المترامية الأطراف حيث نجد أن كل فرد يقفل باب منزله على نفسه ..فالجار يجهل جاره وحتى أنه لا يعرف اسمه ولا يعرفه إلا بشكله أو كنيته فقط ولا يعرف أين يعمل أو من أي قبيلة هو مع أنه قد يجتمع معه في منزل وقد يكون يصلي بجواره وكم من سائل يسأل عن جاره وتكون اجابته لا أعرفه - سبحان الله - لهذه الدرجة وصلت علاقاتنا بجيراننا ..فقد يمرض الجار وقد يموت وقد ينقل من الحي ولا أحد يعرف عنه شيئا..وكم من أسر لا تجد لقمة العيش وقد يوجد أيتام وأرامل ولا يعلم عنهم أحد سوى خالقهم. بالمناسبة التقيت بأحد كبار السن في مناسبة صحيفة وسألته عن ضعف العلاقة بين الناس اليوم؟ وعندها قال بعد أن اغرورقت عيناه الناس اليوم غير الناس زمان، والعلاقات الإنسانية اليوم ليست كما كانت في السابق قديما كان الواحد منا إذا بحث عن مسكن للإيجار ولم يجد تجد من يقول له يا فلان أو يا أبا فلان (ابْنِ لك في السطوح التابع لي غرفة ومنافعها واسكن ..الناس بالناس والكل بالله) رأيت كيف كان الناس زمان حتى ولو لم يكن قريباً له ..اليوم إذا أوقفت سيارتك أمام منزل أحدهم يخرج عليك يريد مقاتلتك ..(يا خفي الألطاف) قالها وهو يمسح دمعة سقطت على خده. - نعم أيها الأحبة- لقد ضعف الوازع الديني في قلوب البعض ..لقد فقدت القلوب الوازع الديني الذي يحث على التواصل التزاور والتعارف بين الناس اليوم، لقد نسوا قول المولى جل في علاه (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم). وقول الحبيب صلوات الله وسلامه عليه (مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه) أو كما قال عليه الصلاة والسلام فهل تدبرنا ما جاءت به شريعتنا السمحاء ؟!! . وهل سعينا للسؤال عن جيراننا وأقاربنا وأصدقائنا؟!! وهل عرف كل واحد منا أن صلة الأقارب والجيران تطيل في العمر وأن لها أثر عظيم وثواب جزيل وتبعد التباغض والتباعد ..والله من وراء القصد. همسة: الجار ولو جار!