سعدت قبل أيام بلقاء نخبة من المثقفين حيث تبارى الأصدقاء في الحديث عن رجل اتفق الجيع على أنه يمثل لأبناء الرياض حالة فريدة من النسق الاجتماعي المتماسك صنعها بحكمته وعززها بمواقفه الإنسانية والاجتماعية والوطنية. ومع اتفاقي مع الأصدقاء على تلك الخصوصية في رجلنا إلا أنني ارتأيت - وبحكم تشرفي بالاقتراب من عدد من أبنائه - أن هناك جانباً ندر الحديث عنه في شخصية رجلنا، وهو مدرسته التربوية الأخلاقية التي جعلت منه نموذجاً يحتذى، وخرجت صفوة من أصحاب الخلق الرفيع حظوا بحب واحترام ومودة كل من عرفهم. أما رجلنا فهو طيب الذكر دائماً الأمير سلمان بن عبدالعزيز، أمير منطقة الرياض ومحبوبها، أما مدرسته التربوية فقد عرفتها عن قرب من خلال أحاديث الوالد - رحمه الله - ومن خلال مخرجاتها المتميزة. وأعود إلى حوار الأصدقاء حيث حاولت أن أسجل بين مداخلات أهل الكلام المبدعين بعضا من شواهد مدرسة سلمان ومقوماتها، مثل تقديره الفائق للعلم والعلماء، سعة الاطلاع ونهم المعرفة، احترام الوقت واستثماره - يقينه المطلق بالعلاقة التلاميذية بين تحكيم شرع الله عز وجل ونصره وتأييده، حزمه في وجه أقنعة الفتنة والفساد، رحمته وعطفه على كل مبتلى. أما الميزة العظمى التي طالما ما ذكرها الوالد عن سمو الأمير سلمان في معرفته للناس، وكيف يفرق بين الصادق وغير الصادق والوطني الحق ومن لا صلة له بالوطنية سوى الميلاد والنشأة. ورجلنا الذي يعد علماً باراً من أعلام المملكة وله إسهامات كثيرة ومميزة في ميدان الثقافة والإدارة والتاريخ والتنمية الاجتماعية والمعرفية والاقتصادية والصحية وغيرها، ناهيك عن إدارته كثيراً من المشاريع الخيرية والنهضوية والإشراف المباشر عليها.. والإشراف على بعض المؤسسات الثقافية الفاعلة في المملكة، كل هذا إلى جانب مسؤولياته كحاكم للعاصمة ومسؤول في الدولة والأسرة المالكة، إلا أنه يتفوق في إدارة الوقت. وكما يقول الأمير سلطان بن سلمان.. أحد خريجي مدرسة سلمان التربوية، فإن أحد أهم دروس تلك المدرسة هي أن الإنسان يجب أن يذكي عن وقته وصحته، من خلال استثمارها أفضل استثمار، فليس هناك من وقت سموه ما يمكن أن يذهب هباء، فدوامه يبدأ من الثامنة صباحاً، حيث يستقبل عامة الناس على كثرتهم مرتين في اليوم مع الاستقبالات الخاصة والرسمية للوفود والسفراء وإنجاز المهام، وترؤس سموه للجان وتدشينه للمشاريع وافتتاحه لما أنجز منها، وزيارات في المساء للمرضى في المستشفيات، ومشاركة الناس أفراحهم بتشريفه لاحتفالاتهم ومواساتهم في أحزانهم وأتراحهم بحضوره الشخصي، هذا فضلاً عن نشاطات سموه الأخرى غير الظاهرة للكافة كعلاقته ببقية أفراد الأسرة المالكة التي يعد سموه رمزاً من رموزها وكبيرا من كبرائها. أعود للحيث عن خريجي تلك المدرسة المتفردة، لأجدهم صورة من رجلنا.. سلوكاً ومسؤولية، خلقاً والتزاما ًوانتماءً وبراً، وحباً للخير وتفاعلاً مع العمل العام مبادرة ورؤية ومنهجية وصدقاً وصراحة وقوة في الحق، تقديراً لكل صاحب عطاء وحرصاً على الصالح العام، وتواصلاً اجتماعياً ومودة وتكافلاً، تسابقاً نحو إقالة عثرة الناس وتعاطفاً مع أصحاب الحاجة. هنيئاً للوطن برجل مثل سلمان المربي، وهنيئاً له بما خصه الله من شيم الرجال الأفذاذ، وهنيئاً لخريجي مدرسته، وهنيئاً لنا بهم.