منذ ما يقارب من أربعة أشهر، بخروج المتظاهرين في بعض الشوارع باعتصامات و مطالبات «تغييرية» بدأت بتونس ومرت بمصر وهي اليوم في اليمن وليبيا، انقسم المواطن العربي في تلك الدول إلى فئتين، الأولى في الشارع تطالب وتصرخ، والأخرى تتنقل بين الفضائيات لمتابعة ما يجري على الأرض.ويبدو الغالب في المتابعة الفضائية قناتي (العربية) و (الجزيرة) الإخباريتين، ورغم التغطيات الواسعة والمتوسعة لهاتين القناتين، وهذا ليس محل نقاشنا، كان هناك أمراً لافت تقومان به، من خلال تركيزها أكثر على المواقع والمواطنين المناصرين لها، أقصد هناك من كان من المتظاهرين من يحمل لافتات وشعارات منها من تؤيد العربية ومنها من يؤيد الجزيرة.وركزت كثيراً القناتين (الأكثر متابعة وتأثيراً في الدول العربية) على تلك اللافتات والشعارات محاولة منهم «خطف الثورة» الإعلامية، والتأكيد على أنهم الأكثر قوة وحضوراً ومتابعة.لا أدري حقيقة كيف يصل أحياناً كاميرات وفريق العمل التابع للقناتين إلى تلك المواقع رغم أن بعضها تكون في مواقع منزوية وبعيدة عن التظاهرة الأم، سؤالي جعلني أتساءل أكثر، هل تقوم القناتين بتوزيع لافتاتها بين عدد من المواطنين، وهل تطالبان بترديد بعض الشعارات الممجدة والمناصرة لهم ؟ لا أدري حقيقة كيف يجري ذلك , ولكن من هو من المتظاهرين والذي يجد متسعا من الوقت ليحول مطالبته وشعاراته من مصلحة التغيير في بلده ولأجل معيشة أفضل له ولأسرته إلى المطالبة بتمكين قناة (العربية أو الجزيرة) وطواقمهما من العمل بكل أريحية، يبدو أننا نشهد في أرض المظاهرات أيضا فئتين، فئة تطالب بتغيير قيادتها وحكوماتها وفئة تناصر «العربية أو الجزيرة». شواهد كثيرة لصحة كلامي، ما علينا فقط سوى متابعة إحدى القناتين وسنجد في أول ساعة من المتابعة مواطنين يحملون لافتات ويرددون شعارات لمصلحتهما وهم بعيدين من أرض وموقع المظاهرات . يبدو أن الثورة والتغيير ومحاولة خطفها انتقل فعلاً للفضاء، ربما نشهد في قادم الأيام انتقال هذه «اللعبة « إلى قنوات أخرى لتلحق هي أيضاً بالشعوب.