حوّلت الحكومة الإسرائيلية الجديدة معركتها ضد المواطنين العرب إلى ساحتهم الثقافية مع إعلان وزير التربية والتعليم زعيم حزب المستوطنين «البيت اليهودي» نفتالي بينيت حرمان مسرح «الميدان» الفلسطيني في حيفا من الموازنة الحكومية السنوية بداعي بثه مسرحية «الزمن الموازي» مستوحاة من رواية لأسير أمني من عرب الداخل يقضي منذ 31 عاماً محكومية السجن المؤبد لقتله جندياً إسرائيلياً، وإعلان وزيرة الثقافة والشباب ميري ريغف أنها تدرس إلغاء دعم الوزارة لمسرح «المينا» في مدينة يافا لرفض مؤسسه الممثل الفلسطيني نورمان عيسى عرض مسرحياته في مستوطنة يهودية في غور الأردن المحتل. وأثار القراران ردود فعل متباينة في الشارع الإسرائيلي، إذ رحب بهما الفنانون المحسوبون على «المعسكر القومي» بحجة أن الأعمال الفنية الفلسطينية تساهم في «حملة نزع الشرعية عن إسرائيل»، فيما حذر فنانون يساريون من أن «سياسة كم الأفواه» ستطاول الجميع، وليس الفنانين العرب وحدهم. وقال الوزير بينيت إنه «لا يجوز أن يمول مواطنو إسرائيل عروضاً مسرحية تبدي تسامحاً تجاه قتلة جنود. ولا يعقل أن تجعل مسرحية من قاتل جندي بطلاً». وعقب مدير مسرح «الميدان» عدنان طرابشة على قرار الوزير بالقول إن بينيت «معروف بتأجيج الكراهية بين العرب واليهود. ما يريده هو كم الأفواه. هذه ملاحقة للفنانين. وللأسف هذه الملاحقة تلقى الدعم القوي من هذه الحكومة». واعتبر المركز القانوني «عدالة» قرار الوزير بينيت «كماً للأفواه وتقييداً لحرية التعبير لسبب واحد فقط هو أن الفكرة ليست مقبولة على الغالبية». من جهتها ادعت الوزيرة ريغف في كلمة امام طلبة جامعيين في أسدود إنها تؤيد التعددية في المجتمع الإسرائيلي «لكن في هذه الفترة نحن في مواجهة ديبلوماسية وعلينا عمل كل شيء لمنع تزويد أعدائنا بالذخيرة ضدنا». واستذكر معلقون ما قالته ريغف المعروفة بمواقفها المتطرفة من المواطنين العرب عند تسلمها منصبها قبل شهر أنها لن تسمح باسم التعددية المس بصورة إسرائيل وسمعتها و»كونها دولة يهودية وديموقراطية». ورد المحاضر الجامعي في موضوع السينما البروفيسور عنار برمنغر بالقول إنه «من دون حرية تعبير لن تكون هناك أية ديموقراطية». وأضاف أن «الثقافة تعني أن يتاح سماع كل الآراء، لكن الوزيرة لجأت إلى لغة التخويف تجاه المؤلفين والمخرجين والمنتجين، وهي بذلك تريد سد الطريق على جزء من الأصوات، وهنا الخطورة». ودافع الفنان عيسى عن نفسه من خلال تأكيده على أنه «كعربي إسرائيلي فإن التعايش بين الشعبين هي أجندته الشخصية»، مضيفاً أن المسألة حسمت منذ سنوات حين تقرر السماح لأي فنان عدم الظهور في موقع لأسباب ضميرية على أن يتم استبداله بفنان آخر. وحذر فنانون فلسطينيون في الداخل من ان يكون قرارا الوزيرين بدايةً لما هو أسوأ مؤكدين أن «الهدف هو طمس الفن العربي ومعه الهوية الفلسطينية وفرض الرواية المريحة للمؤسسة الحاكمة». في غضون ذلك، دعت (رويترز) وزارة الخارجية الفلسطينية الأربعاء الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى التراجع عن قرار إبقاء إسرائيل خارج قائمة سوداء لانتهاكات حقوق الأطفال. وقالت الخارجية الفلسطينية في بيان أنها تدعو «الأمين العام إلى إعادة النظر في قراره وعدم التنازل عن المبادئ التي قامت على أساسها الأممالمتحدة، لأن استشهاد 538 طفلاً واستهداف 340 مدرسة ومركزاً صحياً في أقل من 50 يوماً يشكلان جرما جسيماً يستدعي إدراج جيش الاحتلال على اللائحة السوداء». كانت الأممالمتحدة أبقت الإثنين إسرائيل وحركة «حماس» خارج قائمتها السوداء للدول والمنظمات التي تنتهك حقوق الأطفال أثناء الصراعات، لكنها انتقدت إسرائيل بقوة لعملياتها العسكرية في 2014. وكانت ليلى زروقي الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في شأن الأطفال والنزاعات المسلحة أوصت في مسودة تقرير بعثت به إلى الأمين العام بإضافة إسرائيل و «حماس» إلى القائمة السوداء. وللأمين العام القول الفصل في من يتم ضمه للقائمة السوداء. وقالت مصادر في الأممالمتحدة أن قرار الأمين العام تجاوز توصية زروقي غير معتاد. ووصفت الخارجية الفلسطينية قرار الأمين العام بأنه «انحياز للقاتل وحماية مجرمي جيش الاحتلال ودعوة إلى ضمان إفلاتهم من العقاب». وأضافت في البيان: «حان الوقت لمساءلة الاحتلال وجيشه على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وإدراجه على القوائم السوداء... قوائم مجرمي الحرب وقوائم الإرهاب».