مع بدء تدفُّق الإغاثة الإنسانية، وصمود الهدنة في اليمن رغم خروقات، تفاعلت مجدداً قضية إصرار طهران على رفض تفتيش التحالف العربي سفينة إيرانية محمّلة مساعدات لليمنيين. وصَعَّدتْ إيران مع السعودية إلى حدود قصوى، في حين استدعت الحكومة اليمنية الشرعية التي تعمل من الرياض، القائم بالأعمال في طهران، بعدما لوّحت بقطع العلاقات الديبلوماسية مع الجمهورية الإسلامية. (للمزيد). واللافت أن البنتاغون أعلن مساء أمس، أن لا سفن حربية إيرانية تواكب السفينة المحمّلة مساعدات، خلافاً لما أُعلِن في طهران قبل يومين. ودافعت الناطقة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم عن إرسال سفينة «شاهد» المحمّلة «مساعدات إنسانية» الى ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون، مؤكدة أن الأمر يجري ب «تنسيق كامل مع مؤسسات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة». وأشارت إلى اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بالأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون، علماً أن طهران ترجّح وصول السفينة إلى الميناء الأربعاء المقبل. وأعلن حسين أمير عبد اللهيان، مساعد وزير الخارجية الإيراني، أن بلاده «نسقت مع الجهات المعنية في الأممالمتحدة، من أجل رسوّ السفينة في الموانئ اليمنية»، لافتاً الى أن إرسال طهران «مساعدات إنسانية جواً يجري عبر سلطنة عُمان وجيبوتي». وقدّم مندوب إيران لدى الأممالمتحدة غلام علي خوشرو شكوى الى مجلس الأمن ضد السعودية، بسبب ما وصفه بأنه «عراقيل أمام إيصال المساعدات للشعب اليمني». وقال وزير الخارجية اليمني رياض ياسين في تصريحات نقلتها الوكالة الرسمية، إن الحكومة الشرعية «تُحمِّل جمهورية إيران الإسلامية المسؤولية الكاملة في حال دخول سفينة الشحن التي أرسلتها إلى المياه الإقليمية اليمنية، من دون إذن السلطات الشرعية». وذكر ياسين أن «الحكومة تدرس قطع العلاقات الديبلوماسية مع إيران وسيتم اتخاذ كل الإجراءات في حق السفينة في حال دخلت المياه الإقليمية اليمنية من دون إذن مسبق». وزاد: «تم تفويض التحالف العربي ردع أي مخالفة لكن العنجهية الإيرانية في شأن السفينة تؤكد أن طهران لا تريد الاستقرار لليمن». ميدانياً، وعلى رغم الهدنة الإنسانية، تواصلت أمس المواجهات بين المسلحين الحوثيين وقوات من الجيش اليمني مساندة لهم من جهة، ومسلحي المقاومة المؤيدين للرئيس عبدربه منصور هادي، في مأرب وتعز وعدن، في وقت غادر مبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ صنعاء، بعد اجتماعات عقدها مع الحوثيين وحزب الرئيس السابق علي صالح (المؤتمر الشعبي) لتثبيت الهدنة وإنجاح عمليات الإغاثة، والتحضير للعودة إلى المسار التفاوضي بين الأطراف اليمنية. وفيما وصلت إلى مطار صنعاء أمس طائرتان تابعتان للجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة «أطباء بلا حدود»، شوهدت آلاف السيارات في طوابير أمام محطات الوقود في العاصمة وبقية المدن، مع تواتر أنباء عن وصول أول شحنة من المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة، ستُوزّع على كل المناطق. وقالت مصادر قبلية ل «الحياة» في مدينة مأرب (شرق صنعاء)، إن مواجهات عنيفة شهدتها أمس الأطراف الغربية للمدينة بين المسلحين الحوثيين والقوات الموالية لهم من جهة، وبين مسلحي القبائل الموالين لحزب «الإصلاح» والمؤيدين لشرعية الرئيس هادي، ما أدى إلى مقتل 15 وجرح 20 من الطرفين. وتابعت المصادر أن المواجهات التي خرقت الهدنة اندلعت في مناطق «الطلعة الحمراء ومخدرة والجفينة والزور وصرواح»، وسط جهود يبذلها زعماء قبليون لوقف النار، والسماح لفرق الصيانة بإصلاح خطوط الطاقة الرئيسة وفتح الطريق أمام ناقلات الغاز والمشتقات النفطية الآتية من مصفاة مأرب. وفي مدينة تعز تجدد القصف المتبادل بين الطرفين، وسُمِع دويُّ انفجارات عنيفة. وروى شهود أن مسلحي المقاومة المؤيدين لهادي قصفوا مواقع الحوثيين في جبل صبر بالدبابات والمدفعية، رداً على القصف الحوثي أحياء سكنية في المدينة، في حين أفادت معلومات عن وصول تعزيزات حوثية من وحدات مكافحة الإرهاب. إلى ذلك، قالت مصادر إن مسلحي جماعة الحوثيين والجيش المساند لها باتوا يسيطرون على معظم مناطق مدينة عدن، باستثناء أطرافها الشمالية في دار سعد. واتهمت مصادر الحوثيين قوات التحالف بتوجيه ضربات أمس إلى مواقع الجماعة في جبل حديد وصلاح الدين ورأس عمران في مدينة عدن. وفي محافظة أبين، أكدت مصادر المقاومة أنها انسحبت من مدينة لودر التي سيطر عليها الحوثيون، حفاظاً على أرواح المدنيين. وأضافت أن مسلّحي الجماعة لم يلتزموا الهدنة وقصفوا أمس بصواريخ «كاتيوشا» مواقع المقاومة في منطقة عكد. وذكرت مصادر حوثية أن سبعة أشخاص قتلوا بقصف في منطقة قريبة من الحدود الشمالية الغربية مع السعودية، فيما تواصَلَ تحليق طيران التحالف في أجواء صعدة وتعز ومناطق أخرى يمنية.