أحيا «الغزيون» أمس الذكرى الأولى للحرب الاسرائيلية المدمرة على قطاع غزة، وسط أجواء من الحزن والتوجس تذكروا خلالها الشهداء والصور الأليمة ومشاهد الموت، لكنهم رفعوا شعار الصمود، واتحدت كلمتهم وكلمة فصائلهم وأجنحتها المسلحة على الدعوة الى رص الصفوف والوحدة، وضرورة محاسبة ومحاكمة قادة الحرب الاسرائيلية. من جانبه، دعا رئيس الحكومة المقالة اسماعيل هنية حركة «فتح» الى استئناف الحوار الوطني تمهيداً للمصالحة. في غضون ذلك، خفّض رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو سقف التوقعات في شأن قرب التوصل الى اتفاق على صفقة تبادل الاسرى عندما قال: «حتى الآن لا توجد صفقة ... ولا اعرف ما اذا كانت ستحصل». في الوقت نفسه، اعلن انه سيجري محادثات في مصر مع الرئيس حسني مبارك غداً «لبحث السبل الكفيلة بدفع عملية السلام في المنطقة». وكان وفد من «حماس» وصل امس الى القاهرة برئاسة القيادي في الحركة محمود الزهار. وفي قطاع غزة، أُطلقت صفارات الانذار صباح امس ايذاناً ببدء فعاليات احياء الذكرى الاولى للحرب الاسرائيلية، وهي فعاليات ستستمر على مدى 22 يوما. وتنوعت الفعاليات بين وقفات صمت لاستذكار أحبة غيبهم «الفسفور الابيض»، او «الجحيم الاسود» لدبابة «ميركافا» الاكثر تصفيحاً في العالم، او طائرة «اف - 16» او مروحية «أباتشي» المقاتلتيْن الأقوى في العالم، وبين احتفال رسمي امام مبنى المجلس التشريعي المدمر، ومسيرة شموع، ومعارض، واحتفالات تكريم منها «لوحة شرف» ازيح الستار عنها وتحمل اسماء الشهداء. وما زال نحو 1400 متضامن دولي من 43 دولة، ينتظرون في القاهرة للسماح لهم بالدخول الى غزة عبر معبر رفح اليوم للمشاركة في مسيرة «الحرية لغزة». كما لا تزال قافلة «شريان الحياة - 3» تنتظر في ميناء العقبة السماح لها بالدخول الى غزة عبر ميناء نويبع المصري. وفي الذكرى الاولى للحرب، ركزت الفصائل الفلسطينية وأجنحتها العسكرية على ثلاثة عناوين: صمود أهالي غزة وعدم تحقيق الأهداف الاسرائيلية من الحرب بالقضاء على المقاومة بل خروجها أقوى من السابق، والدعوات الى الوحدة ورص الصفوف ونبذ الفرقة والانقسام، وضرورة محاسبة الاحتلال الاسرائيلي على جرائمه ومتابعة ملف «جرائم الحرب» امام المحاكم الدولية. وقال هنية في خطاب ليل الاحد - الاثنين: «ندعو الأخوة في فتح إلى استئناف لقاءات الحوار والمصالحة والبحث من خلال لقاءات مباشرة مع حماس في النقاط المختلف فيها، وإيجاد صيغ تشجع على التوقيع (على الورقة المصرية) وإنهاء الانقسام واستعادة اللحمة». وأعرب عن استعداده «لاستضافة المتحاورين وتقديم كل مساعدة لإنجاح جهودهم»، مشددا على أن دوره سيكون «مكملاً لما قامت به مصر الشقيقة، وليس بديلاً عنها». وغازل الرئيس حسني مبارك «بطل الضربة الجوية التي مهدت للعبور عام 1973»، وقال إن «الأنفاق التي توفر بعض مستلزمات الحياة لشعبنا هي حالة استثنائية دفعت إليها الضرورة، ودفع إليها الحصار، لذلك نناشد الرئيس مبارك اتخاذ القرار العاجل بفتح معبر رفح، ووقف بناء الجدار الفولاذي الذي يهدد بخنق غزة وشعبها». وقال: «نؤمن بسيادة مصر على أرضها ونؤمن بحقها في التصرف وحماية حدودها، لكننا نؤمن أيضا بمسؤولية مصر الدينية والقومية تجاه غزة وشعبها المحاصر». وأضاف: «إننا في الذكرى الأولى للعدوان على غزة لا نتوقع من مصر الشقيقة أي إجراء يكرس المعاناة ويعمق المأساة ويوسع الضرر الواقع على أهل غزة الذين يعيشون في أكبر سجن عرفه التاريخ المعاصر». من جانبها، دعت الرئاسة الفلسطينية في بيان الى رفع الحصار عن قطاع غزة، كما دعت «حماس» الى انهاء حال الانقسام الفلسطيني. وبعد ان حملت «حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن العدوان»، قالت انه ما كان ليحصل «لو لم يقع الانقسام نتيجة انقلاب حماس، وسلخ قطاع غزة عن الوطن، وسحبه من تحت مظلة الشرعية الوطنية والقانونية». وما زالت نتائج الحرب الاسرائيلية ماثلة في قطاع غزة حتى اليوم، فإضافة الى استشهاد 1455 مواطناً، ما زالت معاناة 5303 جرحى مستمرة، فيما فقدت 1700 أسرة عائلها نتيجة الوفاة او الاصابة، كما شرد مئة الف مواطن نتيجة هدم 5 آلاف منزل، وما زال 20 ألفاً منهم بلا مأوى يعيشون في الخيام. في الوقت نفسه، أدت الحرب الى تدمير بيئي وتلويت مياه الخزان الجوفي نتيجة استخدام اكثر من 3 ملايين كيلوغرام من الذخائر الاسرائيلية، معظمها محرم دولياً. كما ادت الحرب الى خسائر في الاقتصاد الفلسطيني قدرت بنحو 4 بلايين دولار. * لمشاهدة المزيد من الصور