قرر القضاء الفرنسي، في سابقة، إحالة الرئيس السابق جاك شيراك على المحكمة الجزائية في إطار قضية فساد تعود الى العام 1992، عندما كان رئيساً لبلدية باريس، لتضاف محاكمته الى سلسلة قضايا تطاول شخصيات من اليمين الفرنسي، بعضها من خصوم الرئيس نيكولا ساركوزي. وأصدرت قاضية التحقيق كزافيير سيميوني قراراً باحالة شيراك على المحكمة الجزائية في إطار قضية تتعلق ب 21 وظيفة في بلدية باريس يعتقد بانها كانت وهمية، أثناء تولي شيراك رئاستها بين 1987 و1995. وأصدر مكتب شيراك الذي يمضي اجازة مع عائلته في المغرب بياناً جاء فيه ان الرئيس السابق «تلقى بصفاء ذهن النبأ وهو عازم على أن يظهر أمام المحكمة أن أياً من الوظائف ال 21 لم تكن وهمية». يذكر ان آلان جوبيه الذي رأس الحكومة خلال عهدشيراك دفع ثمناً سياسياً في اطار قضية وظائف وهمية، فجرد من حقه في الترشح والانتخاب لمدة 3 سنوات. كما تمت ايضاً محاكمة وزراء سابقين آخرين عملوا مع شيراك، في قضايا أخرى منهم الوزير السابق ميشال روسان الذي كان مقرباً من الرئيس السابق وتقرب بعدها من ساركوزي. وساد تساؤل حول الصدفة التي أدت الى توالي مجموعة من الإجراءات القضائية بحق شخصيات تنتمي الى حزب «الاتحاد من اجل حركة شعبية» الذي كان يسمى «التجمع من اجل الجمهورية»، وهو حزب الرئيس نيكولا ساركوزي نفسه. اذ صدرت احكام على وزير الداخلية السابق شارل باسكوا. كما يُحاكم رئيس الحكومة السابق دومينيك دو فيلبان في قضيتين منفصلتين. وأثار القرار الجديد ردود فعل عدة، في حين لم يعلق عليه ساركوزي الذي يشارك في أعمال القمة الأوروبية في بروكسيل. وقال الناطق باسم «الحزب الاشتراكي» المعارض بنوا هامون انه يرحب بالقرار وأنه مسرور لوجود قضاة تحقيق مستقلين. ورحب رئيس الجبهة الوطنية (اليمين المتطرف) جان ماري لوبن بالقرار نظراً للخصومة القديمة بينهما. وتفاوتت ردود الفعل بين نواب الأكثرية الحاكمة، فالنائب جان بيار غران المقرب من رئيس الحكومة السابق دومينيك دوفيلبان قال انه يشعر بوجود «تحامل غير صحي»، وان ما يقوله سكان دائرته هو ان شيراك لا يستحق ذلك. أما الأمين العام السابق للحزب الاشتراكي فرنسوا هولاند، وهو نائب عن منطقة كوريز: «ليس لدي حساب لتصفيته مع الرئيس شيراك ولا أريد وضع نفسي ضمن صراعات سياسية خسرناها ومضت، فأنا أحترم المنصب الرئاسي وشخص الرئيس كما احترم القضاء». وتساءلت بعض الأوساط عما إذا كان قرار القاضية سيميوني جاء نتيجة ضغط سياسي من ساركوزي، إلا أن اوساطاً اخرى استبعدت ذلك لأن العلاقة بين الرجلين تحسنت اخيرا. ثم ان شيراك لم يعد يشكل تهديدا لساركوزي في الحزب. كما ان القضايا المتلاحقة التي تطاول شخصيات من اليمين الفرنسي تؤثر سلباً على ساركوزي بحسب أوساط عدة. والسؤال هو الى أين ستصل قضية شيراك وكيف ستؤثر القضايا المختلفة على انتخابات المناطق السنة المقبلة، علماً أن ساركوزي يعاني تدهورا كبيرا في شعبيته.