أعلن رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية الدكتور صائب عريقات أمس أن القيادة الفلسطينية سترفع تقرير القاضي الدولي ريتشارد غولدستون إلى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة خلال أيام للبحث فيه وتبنيه، لكنه لم يوضح آلية لإعادة طرح التقرير الذي أثار طلب السلطة إرجاء التصديق عليه في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة انتقادات حادة.وقال: «نريد مناقشة التقرير في المحافل الدولية لاتخاذ قرارات في شأن ما ورد فيه ولضمان عدم تكرار ما حدث من جرائم ضد شعبنا من قبل إسرائيل... نحن مصممون على دراسة قرار التوجه إلى المحافل الدولية، ونرجو أن نلقى دعماً للوقوف الى جانب شعبنا». وأوضح أن هذا الموقف اتخذ «في ضوء الملابسات التي حدثت والضجة التي أثيرت حول سحب مناقشة التقرير في لجنة حقوق الانسان في جنيف وتنكر البعض لمسؤولياتهم». وجاءت تصريحات عريقات عقب تصاعد الانتقادات للرئيس محمود عباس في الشارع الفلسطيني لموافقته على طلب واشنطن إرجاء مناقشة التقرير إلى آذار (مارس) 2010. ويرى مراقبون في الخطوة محاولة لوقف التدهور في مكانة القيادة في الشارع الفلسطيني الذي اعتبر الموافقة على الطلب الأميركي «جائزة» لإسرائيل وقادتها الذين اتهمهم التقرير بارتكاب جرائم حرب خلال العدوان الأخير على قطاع غزة. وأجمعت القوى والفصائل والمؤسسات الفلسطينية على رفض الموقف الرسمي، بما فيها حركة «فتح» واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والحكومة، وهي مؤسسات تتبع كلها الرئيس عباس. وطالبت هذه القوى والمؤسسات بإجراء تحقيق في كيفية اتخاذ القرار الذي قالت إنه لم يعرض على أي منها لمناقشته قبل المصادقة عليه. وقالت مصادر فلسطينية مطلعة إن الرئيس عباس تعرض إلى ضغوط إسرائيلية وأميركية شديدة من أجل سحب أو إرجاء الطلب الفلسطيني المقدم عبر مجموعات عربية وإسلامية ودولية إلى مجلس حقوق الإنسان. وأشارت إلى أن إسرائيل لوّحت بفرض قيود على السلطة ومؤسساتها، وان الإدارة الأميركية حذرت من أن تقديم الطلب سيقوض جهودها لاستئناف العملية السلمية. وذكرت أن واشنطن أجرت اتصالات مع مختلف أركان القيادة الفلسطينية في محاولة لحشد أكبر ضغط ممكن على عباس، وان بعض القيادات قبلت المبررات الأميركية فيما رفضها آخرون. وأشارت إلى أن موقف عباس رجح كفة قبول الطلب، لكنه اعتبر ذلك تأجيلاً إلى الدورة المقبلة للمجلس، وليس سحباً للطلب. وأثارت اعتراضات حركة «حماس» على موقف القيادة الفلسطينية غضباً واسعاً في حركة «فتح» التي رأت في هذا الموقف «نفاقاً سياسياً»، وفق وصف عريقات الذي قال إن التقرير يدين «حماس» بارتكاب جرائم حرب، شأنها في ذلك شأن إسرائيل، مشيراً إلى أن «قيادة حماس كانت رفضت التقرير عند صدوره، معلنة أنه يساوي بين الجلاد والضحية... وتبني التقرير من المؤسسات الدولية سيلحق الضرر، ليس فقط بإسرائيل وانما ايضاً بحماس التي تتباكي اليوم على عدم تقديمه للمؤسسة الدولية». وسعى عباس في مقابلة بثها التلفزيون اليمني مساء أول من أمس إلى توضيح موقف السلطة من إرجاء مناقشة التقرير. وقال: «ليس من حق السلطة الوطنية أن تقدم طلباً أو تسحب طلباً أو تؤجل طلباً لأننا أعضاء مراقبون في مجلس حقوق الإنسان وأعضاء مراقبون في الأممالمتحدة... كانت هناك مجادلات ونقاشات مطولة أدت بالنتيجة إلى ما يلي بالضبط: الدول الكبرى (الولاياتالمتحدة وروسيا وأوروبا والصين) وجدت أن هذا الموضوع يحتاج إلى مزيد من البحث فتحاورت مع الدول الإقليمية العربية والأفريقية والإسلامية ودول عدم الانحياز، أي الدول الأعضاء في هذا المجلس... وتم التوافق على تأجيل عرض هذا التقرير الى آذار (مارس) المقبل». وأضاف: «لم نسمع دولة واحدة قالت نحن لم نقبل ورفضنا أو عرض علينا ولم نعط جواباً، والكل توجه إلى السلطة الوطنية يحملها المسؤولية، تلك السلطة التي ليس من حقها أن تقدم الطلب أو تلغي الطلب أو تؤجل الطلب... هذه ملامح الحقيقة». وتابع: «إذا كانت هناك ضغوط حصلت من دول على دول وأطراف على أطراف، فهذا ما تم في المجلس نفسه وما جعل كثيراً من الدول يرى أن من المناسب والأفضل أن يتم التأجيل، لذلك صدر قرار التأجيل بموافقة الجميع». وبدا كلام عباس رداً على اعلان قطر أن إرجاء التصويت على التقرير تم بناء على طلب من المندوب الفلسطيني لدى المجلس إبراهيم خريشة، واعتبرته «تفويتاً لفرصة قد لا تتكرر». وقال مندوب قطر في المجلس الشيخ خالد بن جاسم آل ثاني لقناة «الجزيرة» مساء أول من أمس إن «الفرصة كانت مواتية لإقرار هذا المشروع، خصوصاً أنه كان هناك العديد من الدول التي كانت داعمة له، وكان متوقعاً أن يمر بالغالبية، لكن فُوتت فرصة سانحة ربما لن تعود».