صوّت البرلمان الفرنسي أمس بغالبية كبيرة على قرار غير ملزم يقضي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو قرار رمزي لا تترتب عليه تبعات قانونية ويقتصر على دعوة الحكومة الفرنسية للاعتراف بدورها في دولة فلسطين. وتم تبني القرار بغالبية 339 نائباً من أصل 506 نواب حضروا الجلسة، التي غاب عنها رئيس الحكومة مانويل فالز ووزير الخارجية لوران فابيوس وعارضه 151 نائباً، وامتنع 16 عن التصويت. ورحب (أ ف ب) وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي بقرار البرلمان الفرنسي، وأعلن «تقديره وشكره للبرلمان والشعب الفرنسي على هذا القرار»، فيما انتقدت إسرائيل القرار واعتبرت انه يبعد فرص السلام. وتحدث خلال الجلسة التي سبقت التصويت النائب الاشتراكي جان بيار دوفو الذي دافع عن القرار ووصفه بأنه «متوازن ولصالح السلام وحل الدولتين». وأضاف أن القرار يندرج في إطار ديناميكية أوروبية، داعياً البرلمان الفرنسي الى المشاركة في ديناميكية السلام. ورأى أن التصويت على القرار ينبغي أن يكون فرصة لحركة «حماس» للتخلي عن ميثاقها والاعتراف بإسرائيل، على غرار ما فعله الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عام 1988. وقال الوزير المكلف بالشؤون الأوروبية هارليم ديزير، إن أمل السلام مهدد أكثر من أي وقت مضى بسبب مأزق المفاوضات، علماً بأن الحل معروف ويتمثل بدولتين تتعايشان بسلام عاصمتهما القدس. وأشار ديزير إلى الطابع غير الملزم للقرار على صعيد الحكومة الفرنسية، لافتاً إلى أن هذه الحكومة ستعترف بالدولة الفلسطينية في الوقت المناسب وفي إطار حل سلمي يؤدي إلى إنشاء دولة فعلية وليس دولة افتراضية. أما النائب عن حزب «الاتحاد من أجل الحركة الشعبية» اليميني المعارض كريستيان جاكوب، فعارض مشروع القرار ليس من حيث الجوهر وإنما من زاوية توقيته والمؤسسة التي تتولى إقراره، وهي البرلمان. وقال جاكوب إن تحرك البرلمان للاعتراف بالدولة الفلسطينية يشكل إضعافاً لموقع رئيس الجمهورية، الذي يعود إليه أمر تحديد السياسة الخارجية، وهذا لن يؤدي إلى أي تغيير في طبيعة النزاع القائم كونه يفتقر لأي مغزى قانوني ويصب الزيت على النار ويقسم الفرنسيين. وأيد أنصار البيئة القرار، باعتبار أن من حق الفلسطينيين أن تكون لهم دولة مثلما للإسرائيليين، وأكدوا ضرورة معاودة المفاوضات للتوصل إلى حل، ودعوا «حماس» إلى الاعتراف بإسرائيل كي تعتبر بمثابة محاور، فيما أعرب النواب الشيوعيون عن تأييدهم القرار، أملاً بوضع حد لمعاناة الفلسطينيين ولسياسة الإذلال التي تفرضها عليهم حكومة بنيامين نتانياهو. وكان وزير الخارجية الفرنسي السابق هوبير فيدرين (اشتراكي) وصف مشروع قرار الاعتراف بدولة فلسطين بأنه «يعطي دفعة ويعزز جناح السلام في إسرائيل»، لافتاً إلى أن هذا الجناح ليس له وزن انتخابي لكنه نافذ لدى الرأي العام الإسرائيلي. وحيّا فيدرين، في حديث إلى إذاعة «فرانس إنتر» مساء أول من أمس، مبادرة سفير إسرائيل السابق في فرنسا إيلي برنافي الذي قدم عريضة وقعتها 700 شخصية من جناح السلام الإسرائيلي تقول إن أمن إسرائيل يتوقف على دولة فلسطينية. وأشار فيدرين إلى أن تصويت البرلمان الفرنسي «يؤكد لجناح السلام في إسرائيل أن صوته مسموع، كما يؤكد للفلسطينيين المعتدلين أنهم ليسوا متروكين كلياً، ويمنح دوراً لفرنسا التي حددت سنتين لمؤتمر دولي للسلام وإن لم يتم ذلك تعلن فرنسا اعترافها بدولة فلسطين».