سئم الناس وضجوا في مسألة تبرير بعض التجاوزات، وإذا كانت تجاوزات بعض رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تبرر من بعض من يسمون أنفسهم رجال دين وعامة الناس الذين يتبعونهم بلا وعي، لكن أين سيذهبون من غضب الخالق في الدنيا والآخرة؟ حقيقة صعق الناس من خبر إطلاق سراح رجال الهيئة المتهمين بقتل الأخوين في اليوم الوطني، وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي هذا الخبر بمزيج من الذهول والاستنكار. ربما يكون إطلاق سراحهم هذا موقتاً وربما هناك استنئاف، وربما القضية لم تنته بعد، لكن وددت من هؤلاء المطلق سراحهم ومن ساعدهم، أن يقرؤوا رأي الناس فيهم، وأن يحاسبوا أنفسهم ويسائلوها، هل حقاً هم أبرياء؟ أين خوفهم من الله الذي يقتلون باسمه وهو الذي أمر بحفظ النفس وصونها من القتل؟ ليدعوا المبررين لهم جانباً، فهؤلاء لن ينفعوهم أمامه وسيكونون معهم في العقاب سواء عند الله، فالتبرير في حد ذاته شبهة تحوم حولها الشكوك، ولم يعد هذا التبرير للجرائم يقنع أفراد المجتمع الذين هم أوعى مما يلبسون به الدين. لم تعد سياسة التبرير تنطلي على الناس، فليس من مصلحة المجتمع تعطيل حدود الله التي شرعها الله لحمايته، ليسود العدل بينهم. حادثة أخرى أيضاً كان التبرير فيها هذه المرة من جانب الشرطة التي قبضت على الشاب المتحرش بالطفلة عند المصعد، الذي انتشرت فعلته بالفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى رغم توجه المواطنين بالشكر للشرطة على سرعة قبضها على الشاب المتحرش، إلا أنهم فوجئوا بالتبرير الذي نقلته الشرطة بأنه مضطرب سلوكياً ومن أصحاب السوابق، مما اعتبره الناس إشارة للإفلات من العقوبة بهذه الحجة. الغريب في الأمر أن من يسمون أنفسهم الدعاة لم يرتفع لهم صوت، وظلوا معارضين لسن قانون، بل والكثير منهم ومن نسائهم يضعون اللوم على الطفلة لأنها غير محجبة، ويتهمون أسرتها بالإهمال! كتبت هنا سابقاً مقالة طالبت فيها بسن قانون لردع المتحرشين ولست أنا التي كتبت في ذلك، المجتمع كله يصرخ ويطالب بهذا، ولكن الظهور لهذا القانون يختبئ تحت مظلة المنتفعين بالتبرير، فلن يجدوا لهم سوقاً لترويج بضاعتهم من مواعظ، وفتاوى، وهجوم على المرأة، وأنها سبب كل المصائب بتبرجها، وخروجها، متناسين الوحوش التي تمادت بسبب منعهم هذا القانون من الظهور، وجعلتهم يزيدون في جرائمهم لأنهم يعلمون أن لا عقوبة تطاولهم، والتبريرات كلها جاهزة، كنا نتندر على عبارة وردت في أحد الأفلام العربية تقول: «الميت هو المخطئ»، وأصبحنا نراها في مجتمعنا ظاهرة تقول: «الضحية هو المخطئ» حتى لو كان الضحية من الأطفال الأبرياء. كتب أحدهم في «هاشتاق» تداوله الناس بعنوان «شاب يتحرش بطفلة»، يقول: «كيف لمختل عقلياً أن يراقب الدرج ويلتفت يميناً ويساراً ليتأكد من خلو المكان؟». وكتبت سيدة تقول: «وصفه بالمضطرب سلوكياً أتمنى ألا يكون حجة لعدم ملاحقته قضائياً وتجريم فعله»، لكن المؤلم أن نساء مشهورات محسوبات على الثقافة كأكاديميات وكاتبات يعارضن هذا القانون بشدة، ولا تدري لمصلحة من؟ [email protected] zainabghasib@