دعا عاهل الأردن الملك عبدالله الثاني، أمس، إلى تقريب وجهات النظر بين الفلسطينيين والإسرائيليين خلال المفاوضات التي تقودها حالياً الولاياتالمتحدة، مؤكداً استمرار بلاده في دعم جهود السلام، «بما يحفظ مصالحها العليا». جاء ذلك، خلال استقبال الملك الأردني وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي زار عمان ظهر أمس قادماً من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ضمن جولة له في المنطقة، حيث جرى بحث جهود تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ومستجدات الأزمة السورية، وعدد من القضايا الإقليمية، وفق بيان أصدره الديوان الملكي الأردني عقب انتهاء الزيارة التي استمرت ساعات. وأكد العاهل الأردني خلال اللقاء، الذي حضره ولي عهده الأمير حسين، وتناول المساعي الأميركية لدفع عملية السلام، أن الأردن «مستمر بدعم جهود العملية السلمية، وصولاً إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، بما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية». وأشار البيان إلى «تأكيد الملك بأن عمان ستواصل دورها في دعم مسار مفاوضات السلام، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية، وحل الدولتين، ومبادرة السلام العربية، بالتنسيق مع جميع الأطراف، وبما يحمي مصالحها العليا، خصوصاً تلك المرتبطة بقضايا الوضع النهائي». ولفت إلى أن كيري «وضع الملك عبدالله في صورة المراحل والخطوات التي تمر بها مفاوضات السلام، والمساعي المبذولة لتحقيق تقدم فعلي في المستقبل». الى ذلك, اكد (أ ف ب) العاهل الاردني، خلال استقباله وفدا يمثل مسؤولي الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في العالم يزور المملكة للمشاركة في احتفال تدشين الكنيسة اللوثرية في موقع المغطس (50 كلم غرب عمان) اليوم الاثنين، رفض بلاده «للانتهاكات الإسرائيلية المستمرة ومحاولاتها تهويد مدينة القدس، والتي من شأنها زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة». ودعا الى «ضرورة توحيد جهود جميع الكنائس لمواجهة الممارسات الإسرائيلية المرفوضة ودعم الجهود الهادفة للمحافظة على هوية المدينة المقدسة، وحماية المقدسيين من خلال تعزيز وجودهم وترسيخ حقوقهم في المدينة». وأكد ان «الأردن مستمر في بذل الجهود للحفاظ على المقدسات في القدس، ومنع أية انتهاكات أو محاولات لتغيير معالم المدينة، والحفاظ على هويتها العربية والإسلامية». و تعترف اسرائيل التي وقعت معاهدة سلام مع الاردن في 1994 باشراف المملكة الأردنية على المقدسات الاسلامية في القدس بما فيها المسجد الاقصى. كيري: خطة عادلة ومتوازنة وكان كيري صرح أمس، وقبيل مغادرته القدس، أن خطة السلام ستكون «عادلة ومتوازنة» للجانبين. وأضاف: «أستطيع أن أضمن لكل الأطراف أن الرئيس (باراك) أوباما وأنا شخصياً ملتزمان تقديم أفكار عادلة ومتوازنة للجميع». وتابع: «الطريق أصبح أكثر وضوحاً، واللغز ما زال في مكانه، والقرارات الصعبة المطلوبة باتت أكثر وضوحاً للجميع ( ... ) لكن الأمر يتطلب بعض الوقت». وخلال جولته الجديدة، وهي العاشرة له في المنطقة منذ آذار (مارس)، قدم كيري للاسرائيليين والفلسطينيين مسودة «اتفاق اطار» اميركي يحدد الخطوط العريضة لتسوية نهائية للنزاع بينهما تتناول المسائل المتعلقة بالحدود والأمن ووضع القدس ومصير اللاجئين الفلسطينيين. ولم يكشف المسؤولون الاميركيون تفاصيل النص الذي يبدو امراً غير مرجح أن يتم اعتماده من كلا الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني. وأشار كيري السبت الى حصول «تقدم» في مفاوضات السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين، لكنه أقر في الوقت نفسه بأنه يتعين القيام بمزيد من العمل. وقال في ختام لقاء مطول مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله بالضفة الغربية، هو الثاني في غضون 24 ساعة «لم نبلغ (الهدف) بعد لكننا نحرز تقدماً». وتابع: «انا واثق من ان المحادثات التي اجريناها في اليومين الماضيين قد تطرقت، وربما حتى حلت، بعض القضايا المعينة ووفرت فرصاً جديدة لحل قضايا اخرى»، مضيفاً: «بدأنا في التطرق الى اصعب العقبات». ولكن الخلافات بين اسرائيل والفلسطينيين لا تزال عميقة جداً. وبحسب وسائل الاعلام الاسرائيلية فإن نتانياهو لم يخف بعض الغضب في حديثه مساء السبت مع المسؤول الاميركي، في حين أفادت مصادر فلسطينية الى ان المناقشات كانت «صعبة للغاية». في غضون ذلك، اعتصم نشطاء أردنيون أمام مجمع النقابات المهنية الأردنية أمس تنديداً بزيارة كيري. وقال نقيب المهندسين عبدالله عبيدات إن زيارة كيري «مرفوضة، لأن الاتفاق المزمع توقيعه بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي يدخل في إطار تصفية القضية». وفي السياق ذاته، ندد نواب أردنيون، منهم محمد الحجوج ومحمد الظهراوي ومحمد هديب، بخطة وزير الخارجية الأميركي الخاصة بعملية السلام في الشرق الأوسط. وقال هؤلاء في بيان مشترك إن الوزير الأميركي «يثير فينا كل هواجس القلق والإرتياب، وهو يصر على زيارة المنطقة للمرة العاشرة». وأضافوا «لم يتم إطلاع الشعب الأردني ولا نوابه ولا برلمانه على المفاوضات التي تجري عبر قنوات سرية مغلقة، ولا يوجد معلومات عن طبيعة التسوية المفروضة تحت ستار المفاوضات، ولا عن الدور الأردني المطلوب ضمن ترتيباتها، والتي ستنتهي بكل الأحوال في كيان فلسطيني مشوه غير مستقل ومنقوص السيادة، لا يرقى بأفضل أحواله لأكثر من تجربة لروابط القرى». يذكر ان مسؤولين أردنيين أبدوا قبل أيام خشيتهم من «مفاوضات سرية» بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، خصوصاً بعد أنباء ترددت عن وجود قناة سرية بين عباس ونتانياهو، ربما تكون على حساب الأردن.