أعلن الرئيس اللبناني ميشال سليمان أمس، أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قرر تقديم مساعدة مخصصة للجيش اللبناني بقيمة 3 بلايين دولار أميركي لتقوية قدراته ولشراء أسلحة من الدولة الفرنسية وبسرعة، على أن تعقد اتفاقات بأسعار مدعومة. وإذ اعتبر سليمان أن الدعم هو الأكبر في تاريخ لبنان والجيش اللبناني، دان الإجرام الذي ضرب لبنان وأدى إلى استشهاد الوزير السابق محمد شطح وسقوط سائر الشهداء يوم الجمعة الماضي. ودعا سليمان في كلمة ألقاها مساء أمس بعد إلغائه مؤتمراً صحافيا،ً إلى التضامن مع المؤسسات الشرعية والجيش وتقدم «بالتعزية من عائلة الوزير شطح وعائلات الضحايا الشهداء وتمنى الشفاء العاجل للجرحى». وقال: «العمل على تحقيق خير الوطن واستقراره وعزته واجب دستوري وأخلاقي يقع على عاتق كل مسؤول مؤتمن على هناء الشعب وأمنه». إعلان بعبدا أضاف: «اقترحت على هيئة الحوار الوطني، في الحادي عشر من حزيران (يونيو) من العام الماضي، تحييد لبنان عن التداعيات السلبية للأزمات الإقليمية، فأقرت الهيئة بالإجماع «إعلان بعبدا» وأكدت عليه في اجتماعاتها اللاحقة، ولقي هذا الإعلان دعماً صريحاً من أمين عام جامعة الدول العربية، وأمين عام الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي. وقال سليمان: «تقدمت منها (هيئة الحوار) بنص تصور استراتيجيةٍ وطنيةٍ للدفاع عن لبنان في موجهة الاحتلال والاعتداءات الإسرائيلية والتطرف والإرهاب، ولمعالجة مسألة السلاح وإمرته من ضمن مرجعية الدولة الجامعة، فأصبح المشروع، وفقاً للهيئة ولأمين عام الأممالمتحدة، منطلقاً صلباً للنقاش. وعملت على إنشاء مظلة أمانٍ دوليةٍ للبنان، ولا سيما من خلال تكوين مجموعة دعمٍ دوليةً رفيعة المستوى. وقد صدر عن هذه المجموعة، التي أنشئت في نيويورك بتاريخ 25 أيلول (سبتمبر) 2013 خلاصات تبناها مجلس الأمن الدولي، بهدف دعم استقرار لبنان واقتصاده وقواته المسلحة الشرعية، والجهد القائم لمواجهة مشكلة اللاجئين السوريين المتفاقمة على أراضيه، وهي خلاصات ستكون موضع متابعة وتنفيذ». أضاف رئيس الجمهورية: «لئن نجحنا في تحديد هذه المبادئ والرؤى، بتوافقٍ لبناني واسع ودعمٍ دولي مميز، فإنه لا يسع الدولة اللبنانية تطبيق أي من هذه السياسات من دون إرادةٍ سياسيةٍ فعلية، ومن دون آليات تنفيذٍ ومتابعةٍ وضبط، أي من دون مؤسسات دستورية فاعلة، وتحديداً من دون سلطة قضائية مستقلة وشجاعة، ومن دون جيشٍ قوي وقادر». وكشف سليمان أنه «بعد عقودٍ من السعي المتعثر لتحقيق هذا الهدف السامي، وما واجهه من اعتراضاتٍ وعراقيل حالت دون اقترانه بنتائج وازنة، فقد أمكنني من خلال الاتصالات التي أجريتها مع خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وبفضل عنايةٍ نأملها دوماً من الله، توفير دعمٍ استثنائي ووطني الأبعاد لصالح الجيش اللبناني، يسرني إبلاغه الى الشعب اللبناني، للمشاركة في تقدير أهميته والتعبير عن الامتنان لما يحمله لهم في جوهره من آمالٍ بمستقبل أكثر أمناً وعزةً واستقراراً»، «فعلاً، فلقد قرر خادم الحرمين الشريفين عاهل المملكة العربية السعودية الشقيقة، تقديم مساعدة سخية مشكورة للبنان، بمقدار ثلاثة بلايين دولار، مخصصة للجيش اللبناني، لتقوية قدراته، وهي ستسمح له بالاستحصال على أسلحةٍ حديثة وجديدة، تتناسب مع حاجاته وتطلعاته. وقد أشار جلالته إلى أن شراء الأسلحة سيتم من الدولة الفرنسية وبسرعة، نظراً إلى العلاقات التاريخية التي تربطها بلبنان، ولعمق علاقات التعاون العسكري بين البلدين. ومن منطلق هذه العلاقة، آمل أن تلاقي الحكومة الفرنسية هذه المبادرة وتتعامل معها بنية المساهمة أيضاً في دعم الجيش اللبناني، لجهة تسهيل التجهيز والتسليح والتدريب والصيانة، وعقد الاتفاقات بأسعارٍ مدعومة، مع الأخذ في الاعتبار دور فرنسا في تنفيذ خلاصات مجموعة الدعم الدولية للبنان، التي ساهمت هي في إقرارها في 25 أيلول في نيويورك». وقال رئيس الجمهورية إن «موضوع الدعم المذكور كان مدار بحث واتفاق بين خادم الحرمين الشريفين والرئيس هولاند خلال القمة الفرنسية - السعودية، التي تجري الآن في الرياض، هذا مع الإشارة، إلى أنه كانت هناك مداولات تحضيرية ثلاثية الأطراف بين الملك عبدالله والرئيس الفرنسي ومعي شخصياً». وشدد سليمان على «أن هذا الدعم هو الأكبر في تاريخ لبنان والجيش اللبناني، وهو يكفي لتمكين الجيش من تنفيذ مهامّه المشار اليها، خاصةً وأنه سيضاف إليه جدول التجهيز الذي أقره مجلس الوزراء العام الماضي بموجب قانونٍ برنامج، بقيمة 2400 بليون ليرة لبنانية (1,6 بليون دولار). هذا القانون يمكن أن يتم تمويل جزء منه من الدعم الذي قد تبادر إلى تقديمه الدول التي ستشترك في الاجتماع الذي ستدعو إليه إيطاليا في شهر آذار (مارس) 2014، تنفيذاً لخلاصات المجموعة الدولية، كما يمكن أن تؤدي مبادرات أخرى مضافة إلى اجتماع روما، ومبادرات المجتمع المدني إلى التخفيف عن كاهل الخزينة في تمويل القانون البرنامج. (وأعني 1,6 بليون). ومن الطبيعي أن تتم مناقشة بنود هذا الاتفاق وتفاصيله وعملية إقراره وفق الأطر القانونية والإدارية النافذة، بما يضمن شروط الشفافية والنزاهة». وأكد سليمان أن «هذه مساعدة تهدف في جوهرها لدعم لبنان الواحد بجميع طوائفه، ولدعم الجيش اللبناني المتسم بالمناقبية والمجسد بامتياز للوحدة الوطنية، وسنوفر لها جميع الشروط اللازمة، لتحقيق الغاية الوطنية العظمى التي منحت من أجلها، مع استمرار سعينا الموازي لتشكيل حكومة جديدة في أقرب وقت ممكن، واحترام الاستحقاق الرئاسي، بما يضمن الاستقرار واستمرارية المؤسسات والروح الميثاقية التي يقوم عليها لبنان». لم أناقش أوضاعنا الداخلية مع أحد وأكد رئيس الجمهورية أن أهدافه «كانت وما زالت مصلحة لبنان، وهذا ما سعيت إليه في اتصالاتي وزياراتي لكل دول العالم والمحافل الدولية. ولم أناقش يوماً مع خادم الحرمين الشريفين ورئيس فرنسا ورئيس الولاياتالمتحدة وأمين عام الأممالمتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي وغيرهم عملية تشكيل الحكومة أو تمديد ولايتي الرئاسية، كما أنهم بدورهم لم يطرحوا معي هذه المواضيع إطلاقاً». واعتبر أن هذه المبادرة السعودية تضاف «الى مبادرات المملكة المستمرة والمتكررة تجاه لبنان وشعبه، واحتضانها مئات الآلاف من اللبنانيين على أراضيها، ودعمها لمؤسسات لبنان واقتصاده والاستحقاقات الدستورية، كما حصل في الطائف، من منطلق رغبة عاهلها وكبار مسؤوليها في الحفاظ على لبنان ووحدته واستقراره وازدهاره». ودعا الرئيس سليمان اللبنانيين إلى «مزيد من الوعي والعقلانية والهدوء» وإلى «التكاتف والتضامن مع المؤسسات الشرعية ومع الجيش اللبناني البطل، الضامن للوحدة والاستقلال والاستقرار». وتوجه الى العسكريين ولقوات «اليونيفيل» بالتهنئة بالأعياد والعام الجديد، واعداً بأنه سيحاول في الأسابيع اللاحقة «زيارتهم في الجنوب حيث يمارسون مهمتهم السامية، كما دأبت على القيام بذلك سنوياً خلال ولايتي». وختم رسالته الى اللبنانيين بتوجيه «شكر من القلب للملك عبدالله بن عبدالعزيز، على كرم دعمه وعظم غيرته على الجيش اللبناني وعطائه، وحرصه على نهج الاعتدال في مواجهة جميع أشكال التطرف والغلو»، وقال: «ليست المبادرة سوى تعبيرٍ صريحٍ عن نوايا المملكة ومواقف ملكِها العظيمة بالحفاظ على لبنان».