استنفرت القاهرة أمس لتطويق تبعات تفجير انتحاري استهدف مديرية أمن محافظة الدقهلية (قلب الدلتا)، في ساعة متقدمة من صباح أول من أمس وراح ضحيته عشرات القتلى والجرحى وتبنته أمس جماعة «أنصار بيت المقدس»، وسط مخاوف من تصاعد الهجمات الإرهابية تزامناً مع استعدادات الأقباط للاحتفال بأعياد الميلاد واقتراب موعد الاستفتاء على مشروع الدستور. وأعلن الجيش توقيف فلسطيني قال إنه «ينتمي إلى حركة حماس، وكان يعتزم استهداف منشآت بسيارة مفخخة»، لكن الحركة نفت انتماء الموقوف إليها. وأفادت مصادر أمنية بأن الشرطة أوقفت أشخاصاً يشتبه بتورطهم في اعتداء المنصورة، بعدما توصلت إلى هوية منفذ الهجوم الذي لقبته جماعة «أنصار بيت المقدس» ب «أبو مريم». وظهر أن الهجوم الإرهابي سيلجم تسامح الحكم الموقت مع جماعة «الاخوان»، فاستبق وزير التضامن الاجتماعي أحمد البرعي نتائج اجتماع للحكومة أمس ركز على الملف الأمني، بإعلان أنه أعد مذكرة قانونية لإعلان «الإخوان» منظمة «إرهابية»، ما يعني اجتثاث الجماعة وحزبها «الحرية والعدالة» الذي يحق له حتى الآن المشاركة في العملية السياسية، بعدما جمدت السلطات أموال مئات الجمعيات غير الرسمية التابعة ل «الإخوان». وأعلن القضاء تخصيص دوائر للنظر في قضايا الإرهاب والقضايا المتورط فيها كبار قادة الجماعة. وكانت «أنصار بيت المقدس» التي تتخذ من سيناء مقراً لها أعلنت تبنيها استهداف مقر مديرية أمن الدقهلية في مدينة المنصورة. وقالت في بيان: «قام اخوانكم في جماعة أنصار بيت المقدس باستهداف مديرية أمن الدقهلية أحد أوكار الردة والطغيان التي لطالما كانت حرباً على الإسلام والمسلمين». ودعت الجماعة التي نفذت عدداً من الهجمات خلال الشهور الماضية ضباط الجيش والشرطة إلى «الاعتبار بما رأوه في إخوانهم، وأن يتركوا الخدمة». واعتبرت تنفيذها اعتداء المنصورة «إقامة لفريضة الجهاد في سبيل الله ورد عادية الطغاة الظالمين، ورداً على ما يقوم به النظام المرتد الحاكم من محاربة للشريعة الإسلامية وسفك لدماء المسلمين المستضعفين وانتهاك أعراض نسائنا وأخواتنا». وأضافت: «انبرى لهذه الغزوة المباركة ليث من ليوث الإسلام وبطل من أبطاله، الأخ الاستشهادي أبو مريم الذي امتطى صهوة جواده مدافعاً عن دينه راجياً ثواب ربه، وقد أكرمه الله بالإثخان في أعدائه والفتك بهم». وتوعدت بمزيد من الهجمات ضد نظام الحكم الموقت الذي اعتبرته «محارباً لله ورسوله وأننا ماضون بإذن الله في قتالهم حتى يقام شرع الله وتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى». ودعت الجماعة المصريين إلى مقاطعة الاستفتاء على الدستور، قائلة إن «على كل مسلم غيور على دينه ألا يرضى بالذل وبالهوان وألا يرضى بغير شرع الله دستوراً وحاكماً ولا بغير الجهاد في سبيل الله سبيلاً... وليعلم أهلنا في مصر أننا ما سلكنا سبيل الجهاد إلا دفاعاً عن الإسلام وثأراً لدماء المسلمين وأعراضهم، فنناشدكم الابتعاد عن المقار الأمنية للنظام المرتد وقواته حرصاً على حياتكم ودمائكم المعصومة». وكشفت مصادر أمنية ل «الحياة» أن أجهزة الأمن أوقفت عدداً من المشتبه بتورطهم في اعتداء المنصورة «بعدما توصلنا إلى هوية منفذ الهجوم بعد إخضاع أشلائه لتحليل الحامض النووي»، مشيرة إلى أن «بين الموقوفين قيادياً إخوانياً في الدقهلية يدعى ياسر عادل يونس ضبطته أجهزة الأمن في ساعة مبكرة من صباح أمس قبل فراره إلى تركيا». وأوضحت أن «معلومات وصلت من لجنة التحقيق تفيد بنية قيادي من الإخوان في محافظة الدقهلية يشتبه بتورطه في انفجار المنصورة، السفر إلى خارج البلاد، وتم تشديد الإجراءات الأمنية، ولدى إنهاء إجراءات سفر ركاب الطائرة التركية المتجهة إلى اسطنبول تبين وجود القيادي بصحبة والدته وتم القبض عليه ويخضع للتحقيق». وأعلن الناطق باسم الجيش العقيد أحمد محمد علي أن قوات الجيش الثاني أوقفت أمس «فلسطينياً يدعى جمعة خميس محمد بريكة، ينتمي إلى حركة حماس، وفي حوزته سيارة مرسيدس بيضاء اللون تحمل لوحات شمال سيناء، وبالتحقيق معه اعترف باعتزامه تفجيرها في أحد المواقع الأمنية الحيوية في الدولة». ونفى الناطق باسم «حماس» سامي أبو زهري صلة حركته بالموقوف. وقال إن «لا علاقة لحركة حماس به ولا تعرف عنه شيئاً وهو غير موجود في كشوف السجل المدني في قطاع غزة». ودعا القاهرة إلى «توخي الدقة في معلوماتها، والكف عن الزج بحماس في الأحداث التي تجري في مصر». وجُرح 3 مدرسين أمس بعدما أطلق مسلحون مجهولون النار على إحدى الحافلات التي تقل عدداً من المدرسين على طريق منطقة السادات قرب مدينة رفح. وأوقف الجيش في مدينة العريش في شمال سيناء أحمد عزمي حسن الذي وصفه بأنه «أحد العناصر التكفيرية» وأسامة أحمد عاشور بدوي الذي قال إنه «أحد ممولي التكفيريين» و2 آخرين، كما دمر 28 عشة خاصة بمسلحين وسيارة بلا لوحات معدنية. وأعلن مصدر أمني «إلقاء القبض على طبيب عضو في كتائب الفرقان المرتبطة بتنظيم القاعدة في حملة على شمال سيناء حيث يخضع لتحقيق للوقوف على حجم نشاطه ومدى ارتباطه ببعض العمليات الإرهابية التي وقعت في البلاد أخيراً». وعقد مجلس الوزراء أمس اجتماعاً دورياً ركز على البحث في الملف الأمني والتعاطي مع تصاعد العمليات المسلحة قبل أعياد الميلاد والاقتراع على مشروع الدستور المقرر في 14 و15 الشهر المقبل. وقبل الاجتماع، أعلن وزير التضامن الاجتماعي أنه أعد مذكرة قانونية لإعلان جماعة «الإخوان» منظمة «إرهابية» بتكليف من رئيس مجلس الوزراء حازم الببلاوي، لإعلانها رسمياً عقب موافقة المجلس عليها. وكان البنك المركزي أعلن الأحد الماضي تجميد حسابات 1055 جمعية غير حكومية بعضها تابع ل «الإخوان»، بناء على طلب لجنة حكومية شكلت لتنفيذ حكم محكمة الأمور المستعجلة بحظر نشاط الجماعة ووضع مقراتها وممتلكاتها تحت تصرف الدولة. واستمرت أمس ردود الفعل المنددة باعتداء المنصورة، فدانته مسؤولة الشؤون السياسية والأمنية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، ودعت إلى «توقيف ومحاكمة مدبري تلك الأعمال البغيضة».