تشكل «الهاشتاقات» حراكاً دائماً على خلفية الأخبار والقضايا الاجتماعية الساخنة. وفي الوقت الذي يعتبر البعض أن التفاعل معها يعتمد على التجييش واعتبارات الترويج عبر الحسابات الأكثر تداولاً، يعتبر آخرون أنها تصب في مصلحة تركيز التفاعل حول قضية ما عبر عنوان محدد. نشأت عن تفاعلات الهاشتاقات ردود فعل معاكسة، فما «يمثل» يعارض بما «لا يمثل»، وما يعتبر تكريساً لنادٍ معين يتعرض لمناكفة من النادي المنافس بهاشتاق آخر وهكذا.. إنها حروب الهاشتاق ومواجهاتها التي لا تعد ولا تنتهي. ويرى الباحث في الشبكات الاجتماعية مروان المريسي أن الهاشتاقات المضادة «تنبع من إحساس بعض الناس أن منشئي الهاشتاق المعين لم يكونوا حياديين في تسمية الهاشتاق وإنما جعلوه موجَّهاً، فيحاول الطرف الآخر الميل به نحو الاتجاه الآخر، لذلك وجدنا هاشتاقات من قبيل #رأي_فلان_يمثلني و#رأي_فلان_لايمثلني». ويعتقد أن سهولة إنشاء هاشتاق تجعل الجميع «يفتي»، ويصبح كل منشئ لهاشتاق يظن أن ما لديه أهم، وما عند الآخرين أقل أهمية. وتعتبر حرب الهاشتاقات ظاهرة من ظواهر الإمكانات الجبارة للشبكات الاجتماعية، وهي جزء من الاستهلاك اليومي للمعلومات على «تويتر»، بل إن إحدى الكلمات الشائعة على «تويتر» هي أن تتم «هشتقة» شخص معين، وكأنه أضحى حبيساً بين خطوط رمز الهاشتاق (#)، ومجهز لتلقي كل أنواع الضربات التي لا تعرف الرحمة، وهو الأمر الذي أكده المتخصص في الإعلام الرقمي الدكتور عمار بكار. موضحاً أن «في الفترة الماضية بدأ ينتشر نوع آخر من (الهشتقة)، وهي خلق هاشتاق مضاد لآخر، ويتحزب الجمهور في فسطاطين، أحدهما يدعم أحد الهاشتاقين والآخر يدعم الثاني». ويشدد على أن حرب الهاشتاقات ظاهرة أخرى من ظواهر هذه الإمكانات الجبارة للشبكات الاجتماعية التي تسمح بأن يجتمع ملايين الأشخاص في مكان افتراضي واحد ليناقشوا موضوعاً واحداً وكأننا جميعاً نعيش في غرفة واحدة. ويؤكد بكار أن هذا يشرح حجم التحزبات الموجودة على «تويتر» ما جعله يتحول من أداة لتوحيد نسيج المجتمع كما كان متوقعاً نظرياً من العالم الافتراضي إلى أداة للتقسيم والصراع والحرب أحياناً. ويرى أن الهاشتاقات تعني تسطيح القضايا في شكل مخيف، وتحويلها إلى أبيض وأسود من دون الاعتراف بالأبعاد الرمادية العديدة لأية قضية. مشيراً إلى أنه عندما ظهرت شبكة الإنترنت كان الفلاسفة الاجتماعيون يقولون إن مشكلة الشبكة أنها ستسمح لعامة الناس غير المثقفين أن يدخلوا في حوار على أرضية واحدة مع المثقف، وهذا يعني أن يهبط المثقف إلى غير المثقف أو العكس، ولكن ما هو ملاحظ في مجتمعاتنا أن المثقف والأكاديمي والرجل ذا الخبرة هبطوا فعلاً إلى أرضية أكثر سطحية وأقل عمقاً، وهو هبوط مبرر لأنه يعني مزيداً من المتابعين و«الريتويت» والتفاعل وزيادة القوة عندما تبدأ حرب الهاشتاقات. ويؤكد أهمية مراقبة «تويتر» واستخدام الأدوات الإحصائية لدورها المهم في فهم المجتمع وتحليله في شكل عام، «لأن الشبكات الاجتماعية ليست مجرد مرآة، بل هي عامل شديد التأثير في حياتنا وقيمنا وأخلاقنا وطريقة تعاملنا مع القضايا والناس، فلا شيء يؤثر في الإنسان مثل ضغط الرأي العام».