أطلق إعلان الأمين العام ل»حزب الله» السيد حسن نصرالله مجدداً أمس التزام المشاركة في الحرب في سورية، واعتباره أن من يتحدث عن انسحاب «حزب الله» منها كشرط لتشكيل حكومة لبنانية في المرحلة الحالية يطرح شرطاً تعجيزياً، ردود فعل رافضة، أبرزها من زعيم «تيار المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، الذي اعتبر أن «من مخازي هذا الزمن أن تتحول ذكرى عاشوراء إلى مناسبة لإشهار الوقوف مع نظام ظالم ضد شعب مظلوم». وقال: «أكد الأمين العام لحزب الله ما هو مؤكد، وجدد التزامه المشاركة في الحرب السورية والخروج على الإجماع الوطني لإعلان بعبدا ورفضه الابتعاد بلبنان عن الحريق السوري. ومن جانبنا نؤكد ما هو أكيد، أننا لن نقدّم لحزب الله أي شكل من أشكال الشرعية الوطنية، لسياسات رعناء تزج بلبنان في مهب العواصف الإقليمية». وأضاف أن «حزب الله يستطيع أن يستقوي على لبنان واللبنانيين وعلى الشعب السوري وثورته بقوة إيران ومالها وأسلحتها، وأن يجعل من الحدود اللبنانية أرضا مسيَّبة لمقاتليه والمسلحين المستقدمين من إيران وسواها، ولكنه لن يستطيع بعد اليوم أن يفرض على اللبنانيين شروط المشاركة في الحياة السياسية». ولفت إلى أن «حزب الله اختار أن يضحي بسيادة لبنان وكرامته ووحدته الوطنية، كُرمى لنظام (الرئيس السوري) بشار الأسد وتلبية لقرار القيادة الإيرانية بحماية هذا النظام، وهو اختيار سيلعنه التاريخ». وكان الحريري رأى في بيان تعليقاً على خطاب نصرالله عشية اليوم العاشر من محرم أول من أمس، أن «السيد نصرالله أطلق مجموعة مواقف أقل ما يقال فيها إنها فعلاًأضغاث أحلام ولا تمت إلى الواقع والحقيقة بأي صلة، بل هي مجرد أفكار مركبة ومتوهمة، هدفها التغطية على السبب الجوهري الذي يعطل تشكيل الحكومة، ويجعل من الدولة رهينة لسياسات خاطئة، تصادر دورها ومؤسساتها وقوانينها وحدودها، وتنصِّب الحزب ولياً على الجمهورية وسيادتها». وقال: «السيد حسن يرمي محاولات تعطيل تشكيل الحكومة على المملكة العربية السعودية، وهو يتوهّم أن المملكة طلبت منا تأخير تشكيل الحكومة في انتظار تغيير الوضع في سورية، ويضيف إن هذا التغيير لن يحصل وأننا في قوى 14 آذار لن يتحقق لنا الانتصار في سورية». وتابع: «يكشف السيد حسن بعد ذلك عما يسميه معلومات مؤكدة، وهي في الحقيقة من بنات أفكاره، التي تتدفق هذه الأيام كلاماً مسموماً غير مسبوق في التحامل على السعودية ودورها. وفي المعلومات أن المملكة طلبت منا أيضاً تأخير تشكيل الحكومة في انتظار مفاوضات الملف النووي الإيراني، باعتبار أنها قد تنتهي إلى التخلص من حزب الله». وزاد: «السيد حسن نصرالله على ما يبدو إما أن يكون أسيراً لحلقة من الأوهام والمعلومات المركبة، أو هو يحب أن يمارس إطلاق الغبار السياسي وتعمية الرأي العام عن السبب الجوهري الذي أعدناه وأعلناه عشرات المرات، بأننا لن نكون شركاء لحزب الله في حكومة تغطي مشاركته في القتال ضد الشعب السوري، أو تغطي خروجه على الإجماع الوطني الذي تحقق من خلال إعلان بعبدا». وقال: «السيد حسن لم يأتِ على ذكر هذا الأمر لا من قريب ولا من بعيد، ويريد أن يتصرف تجاهه باعتباره مسألة غير قابلة للبحث والنقاش، وهي أمر واقع سياسي وعسكري مفروض على جميع اللبنانيين، من رئيس الجمهورية إلى الرئيس المكلف إلى كل القوى السياسية في البلاد. ومع كل هؤلاء ليس علينا سوى أن نبصم لحزب الله على ذلك، وأن نذهب إلى حكومة تعترف له بحق إرسال مسلحيه إلى سورية والقتال إلى جانب بشار الأسد». وأضاف: «لحزب الله أن يفهم، ويمكنه ألا يفهم، أننا لن نكون تحت أي ظرف من الظروف شركاء في أي عملية سياسية تعطي حزب الله صك براءة لمشاركته في الحرب السورية، وانتهاكه الصارخ لسيادة الدولة وقرارها، حتى ولو تمكن مع ايران في إعادة تتويج بشار الأسد رئيساً أبدياً فوق جماجم الشعب السوري». واعتبر عضو كتلة «المستقبل» النيابية أحمد فتفت في حديث إلى «صوت الشعب»، أن «موقف السيد نصرالله هو الذي يعطل تشكيل الحكومة، من خلال إصراره على شروطه، وهو يريد من تيار المستقبل المشاركة في الحكومة والالتزام بهذه الشروط والإملاءات التي تغطي سياسته». ودعا إلى «تأليف حكومة حيادية الآن تعنى بشؤون المواطن ليس فيها المستقبل أو حزب الله»، قائلاً إن «الخلافات السياسية تبقى على طاولة الحوار». الكتائب ورد عضو كتلة «الكتائب» النيابية إيلي ماروني على خطاب نصرالله في حديث إلى «صوت لبنان»، مشيراً إلى أن» جاء «لتأكيد المؤكد، أن دويلة حزب الله تبقى أقوى من الدولة اللبنانية، وأنه هو صاحب القرار في الحرب والسلم، وفي تشكيل الحكومة، غير آبه بالرأي الآخر في لبنان، وبالتالي إما نسير كما يريد أو أن أياً من الأمور في البلاد لن يحل». وقال: «خطابه كان خطاباً تصعيدياً». وإذ وصف خطاب نصرالله أول من أمس بخطاب «المعنويات لجمهور المقاومة»، أشار إلى «أنه وجه رسائل في كل الاتجاهات كي لا يراهن أحد بعد اليوم على مشروع قيام الدولة». ورأى عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا في حديث إلى إذاعة «الشرق»، أن «نصر الله لا يمل من إعلان الانتصارات، والمؤشر الأكثر لفتاً للنظر في خطاب الأمس (أول من أمس) هو الظهور العلني لفترة طويلة، بما يوحي بالاطمئنان وعدم الخوف من الشياطين، لا كبيرها ولا صغيرها، بما يعني أنه صار مطمئنا إلى أن الشياطين لا تستهدفه، لا أميركا ولا إسرائيل». وقال: «على حزب الله أن يعرف أن لا مشاركة للقوى السيادية في لبنان بحكومة يكون فيها حزب الله ما دام منخرطاً في القتال في سورية، وما دام لا يوافق على سياسة النأي بالنفس وتطبيقها». وأضاف: «السيد حسن في كلامه بشأن التفاوض النووي كان يضيء على العراقيل التي تصيب المفاوضات الإيرانية-الدولية، والتي هي في الواقع أبعد من الملف النووي».