ذات ظهيرة، اندفعت بسيارتي مع عشرات المندفعين بسيارتهم عبر طريق خريص العظيم، وما أن اقتربت من وجهتي حتى نحوت بسيارتي من خريص شيئاً فشيئاً إلى أن ابتلعتني شارع الوزارات القديم، فاندفعت مرة أخرى مع آلاف السيارات المندفعة، وكأننا في سباق رالي، ففي هذا الشارع يبدو أنه لا ذكر ل«ساهر»، بدليل أننا في سباق محموم نتسابق على الإشارات قبل أن يحمر لونها. ننطلق بسرعات فائقة من إشارة إلى أخرى في سباق عبثي مقيت، كان الجو حاراً، وكانت الشمس متوقفة في كبد السماء، وترسل أشعتها الحارقة في شكل عمود، كانت وجهتي هي الإدارة العامة للجمارك التي وصلتها بعد جهد جهيد، تخيلوا هذه الإدارة التي هي أم كل الإدارات والوزارات، نظراً لأهميتها البالغة مختبئة وراء مبنى حكومي، قد لا تعثر عليها بسهولة من هذا المبنى العملاق، توقفت وتوجهت إلى بوابتها الخلفية، فوجدت مجموعة من الشبان المهذبين والأنيقين، يتخللهم بعض الأشياء التي تخل بالمشهد، يسألونك، وعندما يعرفون وجهتك يمنحونك بطاقة دخول وهكذا، زرت الدور الأول حيث مكان الرئيس، فقابلت «النوفل» ومجموعة شبان يتحلقون حوله، وكذلك أبا محمد نائب الإدارة في الدور الثالث، والأستاذ صالح المقوشي أيضاً ممن قابلتهم، وقابلت حمود في شؤون الموظفين، والعديد من هؤلاء المسؤولين والموظفين والإداريين، وخرجت بانطباع هو أن إدارة الجمارك مقبلة بقوة بخاصة أنهم يعولون كثيراً على إدارة وأخلاقيات الشاب صالح منيع الخليوي الذي يقود الجمارك نحو فضاءات رحبة، لأن هذه الإدارة بأمس الحاجة إلى إدارات شابة، تجري فيها دماء حية. يقول معظمُ الموظفين: ما هي إلا أعوام وستشاهدون كيف ستكون إدارة الجمارك، نحن بدورنا ندعو لهذه الإدارة بمزيد من التقدم والرؤية الحديثة، إذ إنها الإدارة الوحيدة التي يستطيع أن ينفث منها الآخر إلى جراحنا، لا توجد وزارة أو إدارة مثل الجمارك قادرة ومعنية في شكل مباشر بلجم الشرور والسموم عنا وعن ذواتنا وأكبادنا وأجيالنا وثقافتنا، هذه الإدارة إن صلحت فقد يتعذر ولوج الثعابين السامة التي تحاول أن تنفث سمومها في موائدنا. [email protected]