تمرّ المصارف الأوروبية في أوضاع صعبة تزداد حدتها أسبوعاً بعد آخر، نتيجة الشح في السيولة لدى كثير منها. ويبدو أن عوامل سياسية - مالية تحول دون تمكّن الأنظمة المصرفية الأوروبية من استعادة عافيتها. في حين تشهد المصارف السويسرية الكبرى في مقدمها «يو بي اس» و «كريديه سويس»، أوضاعاً وردية لا تمت بأي صلة لأي مصرف أوروبي. إذ تملك هذه المصارف سيولة كبيرة فضلاً عن نوعية خدمات للزبائن داخلية وخارجية. صحيح أن المصارف الأوروبية والسويسرية تسجل تراجعاً متفاوتاً في حركة العائدات، لكن تلك السويسرية الكبرى تستغل استقرار تجارة إدارة الأصول كي تكون الأفضل في أوروبا. وعلى صعيد القروض سجلت المصارف الكبرى في سويسرا خسائر محدودة خلال العامين الأخيرين نتيجة عجز الزبائن عن تسديدها. وعلى عكس المصارف الأوروبية، لا تزال تلك السويسرية مستعدة لتقديم قروض تتخطى 4 ملايين فرنك سويسري أحياناً لزبائن من الطبقات الاجتماعية الوسطى، من دون إغفال تقلّص نشاطات فروع الصيرفة الاستثمارية «إنفستمنت بنكينغ» التابعة للمصارف السويسرية الكبرى لا سيما في الخارج. صحيح أن عدداً من المصارف غير السويسرية يتمتع بقوة مالية وتنافسية بارزة، لكن التصنيف الائتماني المصرفي يعتمد أيضاً على عوامل أخرى، منها السياسي والجغرافي والديموغرافي. وحلّل الخبراء السويسريون نحو مئة نظام مصرفي حول العالم، وقُسّمت الأنظمة المصرفية الخاضعة لمجهر المحللين إلى ثلاثة أقسام، الأول غير مهدد بأخطار اقتصادية وصعوبات في السيولة المالية، وينطبق على سويسرا وهونغ كونغ وسنغافورة وأستراليا وكندا والدنمارك وفرنسا وهولندا والنروج وألمانيا والنمسا وبلجيكا ولوكسمبورغ وفنلندا واليابان وإمارة ليشتنشتاين. ويمثّل القسم الثاني النظام المالي الذي يعاني من أخطار اقتصادية ومصرفية خفيفة ومتوسطة الدرجة، كما في بريطانيا واسرائيل والبرازيل وايطاليا وتشيخيا وسلوفاكيا وأميركا ونيوزلندا وبولندا والهند واسبانيا والصين وكرواتيا وتركيا والبرتغال وايسلندا والبرتغال. أما القسم الثالث، فهو يشهد أوضاعاً مصرفية توشك على الانهيار، ويشمل روسيا وإرلندا واندونيسيا وكازاخستان وهنغاريا وباراغواي ومصر واليونان والأرجنتين وسلوفينيا وأوزبكستان. ورأى المحللون أن على الدول المنتمية إلى القسمين الثاني والثالث تقوية موازناتها والسعي إلى تحسين نوعية خدمات إدارة الأصول السيئة حالياً. واعتبر الخبراء أن المصارف حول العالم تحتاج إلى سيولة مالية قيمتها 1.028 تريليون يورو، والمصارف الأوروبية إلى 776 بليون يورو. فيما يتهدد مئة مصرف أوروبي خفض درجة تصنيفه الائتماني حتى نهاية العام المقبل.