يجمع الخبراء السويسريون، على مبالغة المصارف السويسرية في ردود فعلها إزاء تفشي أزمة المال، خصوصاً في منطقة اليورو المحيطة بسويسرا، ومع أنها كانت دفاعية، تخطت من حيث التداعيات الحالية والمستقبلية كل الحدود. ورأى محللون أن سويسرا مع مصارفها في المقام الأول، لا تزال دولة غنية على رغم مساحتها الجغرافية وتقلص حركتها التجارية في شكل طفيف. وإذا جُمعت سويسرا مع إمارة ليشتنشتاين التابعة لها أمنياً وعسكرياً، لرصدنا مرور نسبة 55 في المئة من الأموال الخارجية غير الأوروبية عبر مصارفها، ما يضمن لها أرباحاً تتخطى بسهولة 170 مليون فرنك سويسري، في حال احتسبنا فقط الرسوم الشهرية المفروضة على الحسابات المصرفية لغير المقيمين في سويسرا أو في الإمارة. يُضاف إلى ذلك، ان المصارف السويسرية عزّزت أصولها الخاصة من طريق رفع سقف رؤوس أموالها لمجاراة البنود الجديدة التي أقرتها «بازل 3». كما سجلت أرباح بعضها، باستثناء «يو بي اس» و «كريدي سويس»، تراجعاً نتيجة خروج عدد كبير من المواطنين الأميركيين منها، بعدما توصلت حكومة برن إلى اتفاق ضريبي «مشتبه به» مع حكومة واشنطن. ما أفضى بدوره إلى تسريح آلاف الموظفين المصرفيين، علماً أن التراجع في الأرباح لم يطل صلابة البنية التحتية المصرفية. وتواجه الشركات في سويسرا، مشاكل من نوع آخر مع المصارف، بعدما عمدت الأخيرة منذ مطلع السنة، في خطوة دفاعية أخرى لا مبرر لها، على فرض قبضتها الحديد على شروط الإقراض. وهكذا، توسعت حالات الإفلاس لدى الشركات المحلية التي لم يحالفها الحظ بإيجاد مخرج لها لتصريف تجارتها. ولم يستبعد خبراء مصرفيون، أن يتأثر انتعاش برامج الاستثمار والإقراض المصرفية سلباً بطابع محافظ، طالما واكب تاريخ سويسرا المصرفي. ويُذكر أن المصارف الآسيوية وبعض الأفريقية بدأت تتنافس مباشرة ومن دون خوف، مع نظيرتها السويسرية لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الزبائن الجدد. وذكّر محللون بأن العالم مرّ في أربع أزمات مصرفية كبرى منذ العام 1881، الأولى عام 1911 تبعتها ثلاثة أخرى في الأعوام 1931 و1991 و2007. وكان لكل أزمة تكاليف باهظة كانت ضحيتها الطبقات الاستهلاكية الوسطى وما دون. ويلفت أساتذة اقتصاد جامعيون، إلى أن الأزمات المصرفية الكبرى تتكرر عادة كل 60 ومئة سنة، فيما تدق الصغيرة أبواب المصارف كل 20 أو 25 سنة. وهذا ما حصل مثلاً، في كل من اليونان وقبرص والبرتغال وإسبانيا. ولا يستبعدون ولادة اتفاق «بازل 4»، الذي يهدف إلى بناء أنظمة مصرفية بديلة تأخذ في الاعتبار تغيرات مالية واقتصادية وجيوسياسية، سيمرّ فيها العالم في السنوات العشر المقبلة.