تسعى مصارف سويسرية وأوروبية شمالية، ومن ضمنها الألمانية والفرنسية، إلى تعزيز وجودها في دول أوروبا الجنوبية. وللمرة الأولى منذ عام 2007 تركز هذه المصارف نشاطاتها على قطاع القروض العقارية بما أنها تنتمي إلى تلك الدول الأوروبية، التي لم تطلها الأزمة المالية في العمق. وتراجعت أسعار العقارات في دول أوروبا الجنوبية، ويصل سعر الشقة العائلية في هذه الدول إلى نحو 140 ألف يورو. وفي حال الحصول على قرض عقاري للشراء يقسّط القرض على 25 سنة. وتحاول خمسة مصارف الهيمنة على أسواق القروض العقارية في أوروبا الجنوبية، هي: «بي ان بي باريبا» و «كريدي أغريكول» الفرنسيان و «دويتشه بنك» الألماني و «يو بي اس» و «كريدي سويس» السويسريان. أما الفوائد السنوية على القروض العقارية فتتراوح بين 2.85 و3.23 في المئة. ويفيد خبراء سويسريون بأن المصارف الأوروبية تحاول فرض ذاتها مجدداً على أسواق القروض العقارية التي سيطرت عليها أخيراً المصارف العاملة حصراً على الانترنت، والتي روّجت عروض قروض عقارية في غاية التنافسية. وستحاول مصارف أوروبا الشمالية حتى نهاية العام المقبل الاستئثار بنحو 20 في المئة من أسواق القروض العقارية في أوروبا الجنوبية. وستتم هذه العملية التوسعية الرامية إلى تقديم قروض عقارية مغرية، من طريق افتتاح فروع جديدة لهذه المصارف في أوروبا الجنوبية. ولا شك في أن الغزو الذي تشهده أسواق القروض العقارية الأوروبية الجنوبية يعكس معه مدى الراحة والاستقرار الماليين اللذين تتمتع بهما مصارف أوروبا الشمالية. يذكر أن المؤسسات المالية في أوروبا الجنوبية، أي ايطاليا وإسبانيا والبرتغال واليونان، تتصارع مع كلفة التموين بالسيولة، ما أثّر في قوتها التنافسية مع المصارف الأجنبية. أما في سويسرا فيشير محللون إلى أن اقتحام المصارف السويسرية الكبرى أسواق القروض العقارية في أوروبا الجنوبية، يأتي رداً على التراجع المتوقع لعدد زبائنها داخل سويسرا، لا سيما أولئك الأجانب الذين يفتحون حسابات مصرفية سويسرية. وبنظرة إلى قيمة الأموال الأجنبية التي سيتم تهريبها من سويسرا إلى «جنة ضريبية» أخرى، فهي ستتجاوز مئة بليون دولار هذا العام. وهذه ليست كارثة حقيقية ستقع على المصارف السويسرية فحسب انما على بعض المصارف الهولندية والنمسوية والألمانية أيضاً. لذلك، تعتبر أسواق القروض العقارية في أوروبا الجنوبية، مخرجاً للمصارف السويسرية التي يتوقع أن تحقق أرباحاً متواضعة من الفوائد على هذه القروض، قد تتراوح بين 450 و500 مليون فرنك سويسري سنوياً (533 مليون دولار).