تتحرك المصارف الأوروبية الكبرى لتشكيل حركة مالية هدفها إيجاد التوازن الضروري بين ما لها من أموال وما عليها. ويكفي نقل جزء من السيولة المالية التابعة لفروع هذه المصارف الغنية، في كل من فرنسا وبلجيكا وألمانيا ولوكسمبورغ والنمسا، وإيداعها لدى فروع في دول مثل إسبانيا وإيطاليا واليونان، التي تعاني من هروب لرؤوس الأموال إلى دول أوروبا الشمالية، ودول غير أوروبية أحياناً. وفي ما يتعلق بشركات التأمين، فإن سياستها تشبه الخطط الطارئة التي تبنتها المصارف الأوروبية، إذ كلما تعاظمت الأخطار المالية داخل أسواق دول المحيط الأوروبي، سارعت هذه الشركات إلى توطيد استثماراتها في مناطق عدة في العالم، من شأنها امتصاص أي صدمة أو خسارة مالية قد تتعرض لها هذه الشركات داخل أسواق دول اليورو الفقيرة. وفسر خبراء سويسريون التدابير العاجلة التي اتخذتها المصارف وشركات التأمين الأوروبية، لتغذية فروع ثانوية لها تعاني من شح فاضح في سيولتها، بأنها عشوائية ومقلقة في ضوء تداعياتها المحتملة على الأسواق السويسرية. وفي ظل حديث عن عودة بعض دول أوروبا الجنوبية إلى عملاتها القديمة، لاحظ الخبراء ولادة إمبراطورية مالية، إلى جانب لوبي المضاربات في أوروبا، مؤلفة من مصارف ومؤسسات مالية ضخمة، ستفرض قوانينها على دول اليورو بما أن أوضاع السيولة المالية لديها تبقى أفضل من إيداعات الأموال الحكومية السوداوية لدى خزائن اليونان والبرتغال وإسبانيا وإيطاليا. ونظراً إلى الأوضاع الأوروبية المالية المتردية، لا ترى سويسرا مخرجاً جدياً لمأزق منطقة اليورو. ورأى مصرفيون سويسريون أن الأزمة الائتمانية مع الديون السيادية الأوروبية لم تكن أبداً معقدة كما هي اليوم، عازين تدهور أوضاع منطقة اليورو إلى رجعية العقلية السياسية الأوروبية وخطوات المصرف المركزي الأوروبي الخاطئة، والذي أسسه ويديره المصرف المركزي الألماني، على حد تعبيرهم، ما جعل دولاً أوروبية تتخبط في مشاكلها. وفي موازاة ما يجري في ألمانيا من احتجاجات مناهضة لإمداد دول أوروبا الجنوبية بالمال وأي محاولة لتوحيد أوروبا مصرفياً، ثمة دول أخرى، مثل سلوفاكيا وهولندا وفنلندا، تهدد بالخروج من منطقة اليورو. لذلك، فلأمر لا يتعلق باحتمال انهيار اليورو فحسب، بل بخطر عودة حركات وطنية شعبوية تحمل تحت طياتها سلوكيات مشابهة للنازية.