بعد سنوات مضت من الجفاف، استعادت مزارع قرى شمال المدينةالمنورة والمتمثلة في قرية المثناة، الحفيرة، المندسة، العفرة، المليليح، وقرى زراعية أخرى الحياة من خلال مياه الصرف الصحي لها، والتي جرت في أوديتها، بعد أن كانت خاوية على عروشها من مزارعيها ونخيلها. وانعكس جريان تلك المياه إلى إنعاش تلك المزارع عقارياً، إذ شهدت ارتفاعاً في أسعار أراضيها الزراعية، وازداد الطلب والمنافسة للشراء بين المزارعين والعقاريين. في مقابل ذلك، تواصل أمانة المدينةالمنورة وفرع وزارة الزراعة بالمنطقة جهودها لمنع زراعة الورقيات والخصراوات بهذه القرى من أجل صحة المستهلك، واقتصارها على زراعة النخيل فقط. وأكد مصدر مطلع بصحة البيئة ل «الحياة» أن الصحة كثفت دورياتها بين الحين والآخر من أجل منع زراعة الورقيات والخضراوات بتلك المناطق، إضافة إلى منطقة الخليل. من جهته، قال المزارع بقرية المندسة محمد المحمدي إنه قبل ما يقارب السنتين مات نخيل مزرعته نتيجة جفاف المياه، ما دفعه إلى بيع بعض فصائل النخيل الأحرار، موضحاً أنه هجر مزرعته وتركها خاوية على عروشها لانتهاء الحياة بها. وأضاف: «بعد ما يقارب السنة زرت مزرعتي ولاحظت وجود مياه بقاع إحدى الآبار بالمزرعة، وقارب جريان مياه الصرف الصحي إلى القرية، وهو ما ساعد على عودة المياه الجوفية للآبار بالقرية، وحينها قمت بإيصال خرطوش من مياه الصرف إلى المزرعة وإعادة تشغيل الآبار والعودة مجدداً إلى زراعة النخيل». أما المزارع خالد الحربي فبيّن أنه بعد هجر معظم المزارعين مزارعهم بقرية المندسة بسبب قلة المياه والتي عرفت سابقاً بكثرة مزارعه، أعيدت الحياة للقرية والقرى المجاورة لها من خلال الاستفادة من المياه المعالجة للصرف الصحي. وأكد أن جميع المزارع التي تسقى من مياه الصرف تلتزم بالتعليمات الصحية، والمتمثلة في عدم زراعة الخضراوات والورقيات، مبيناً أن جميع المزارع تقتصر على زراعة النخيل فقط، كونه المصدر الرئيس لها. وبين صاحب إحدى المزارع المطلة على المجرى محسن الحربي أن المياه المعالجة أسهمت في انتشار الزراعة والإنتاج الزراعي بشكل كبير في المنطقة، مطالباً الجهات المعنية بتنظيف المجرى من الأشجار والحشائش ورشه بالمبيدات الحشرية بسبب كثرة البعوض. وأشار إلى وجود دوريات تابعة للأمانة، تتعاون مع المزارعين للإبلاغ عن مخالفي التعليمات بشأن أنواع المزروعات، وزاد: «القرى والمناطق المحاذية للمجرى زادت قيمتها العقارية بنسبة 130 في المئة بسبب وفرة المياه، إذ تشهد المنطقة تنافساً في عملية الشراء والبيع». بدوره، أفاد أحد أصحاب مكاتب العقار في المنطقة نهار الحبلاني بأن الطلب على شراء الأراضي الزراعية زاد بشكل كبير، ما أسهم في زيادة أسعارها، إذ إن أسعار الأراضي والمزارع التي تطل على مجرى مياه الصرف تخطت المعقول، إضافة إلى ارتفاع الطلب عليها من دون عرض، لتمسك الكثير بمزارعهم للاستفادة منها زراعياً.