واصل الاقتصاد الصيني تباطؤه منذ مطلع السنة وسط توقعات باستمراره حتى نهايتها، ما يعزى أساساً إلى تراجع الصادرات التي تسببت بدورها بضعف الإنتاج الصناعي. وانخفضت بالتالي الاستثمارات الصناعية خلال العام الماضي. ولا يُتوقع أن يتحسن القطاع الصناعي الصيني إلى أن يتعافى الاقتصاد العالمي. وخفض المصرف المركزي الصيني السيولة لتجنب ارتفاع الأسعار في قطاعات العقار وإدارة أصول الثروات. وطرحت السلطات قوانين خاصة بالقطاع العقاري تجعل تقدم الاستثمارات العقارية أكثر صعوبة، ويُتوقع فرض قيود إضافية هذا العام، خصوصاً إذا استمرت أسعار المنازل بالارتفاع. ووفق تحليل نشرته شركة «آسيا للاستثمار» وأعده الخبير الاقتصادي كميل عقاد، قد يعيق ذلك كم الاستثمارات العقارية حيث ترتفع أسعار العقار بأعلى معدل لها منذ أكثر من سنتين. وأظهرت آخر البيانات الصينية أن الأسعار ارتفعت من ستة في المئة على أساس سنوي في أيار (مايو)، إلى 6.8 في المئة في حزيران (يونيو)، في 69 مدينة من أصل 70 من المدن الصينية الكبرى. وبينما تعيش الصين ضغوطاً لتحقيق نمو نسبته 7.5 في المئة هذا العام، تشهد قطاعات عدة تباطؤاً. وقد يكون ضخ السيولة من خلال السياسة النقدية أحد الحلول، لكنه قد يزيد من المشاكل التي تحاول الصين السيطرة عليها في الوقت الحالي. وتوقع التقرير أن تلجأ الحكومة إلى دعم الاستثمارات بدلاً من ذلك، ما سيتم على الأرجح عن طريق زيادة مشاريع البنية التحتية، التي تحافظ بدورها على معدل نمو الاستثمارات فوق 20 في المئة على أساس سنوي هذه السنة. وجاء في التقرير: «نعتقد أن هذا السيناريو كفيل بالوصول إلى معدل نمو مستهدف يبلغ 7.5 في المئة، والمساعدة في تغطية تراجع الاقتصادي الصيني». وتشكل الاستثمارات الجزء الأكبر من الناتج المحلي الإجمالي الصيني. وتعادل الاستثمارات 45 في المئة من حجم الاقتصاد، أي أعلى من حصة الاستهلاك التي تبلغ 35 في المئة، أو حصة الصادرات التي تبلغ 30 في المئة من حجم الاقتصاد. وتستثمر الصين في ثلاثة قطاعات أساسية يشكل كل منها نحو ثلث إجمالي الاستثمارات، وهي هو الصناعة التي ترتبط بشدة بنمو الصادرات، والعقار، والبنية التحتية. وتهدف الحكومة عادة إلى دعم استثمارات البنية التحتية، خصوصاً عند تباطؤ الاقتصاد المحلي والعالمي، بهدف المحافظة على النمو، وبسبب وجود مناطق عدة غير مطوّرة في الصين. وبحسب التقرير حافظت الصين على معدل النمو في الاستثمارات بشكل منتظم فوق معدل 20 في المئة منذ مطلع السنة. وكانت الاستثمارات السبب في عدم انهيار النمو الاقتصادي في الربع الثاني، إذ ساهمت بمعدل 4.1 في المئة من أصل 7.5 في المئة، بعد أن كانت تمثل 2.3 في المئة من معدل نمو الربع الأول والبالغ 7.7 في المئة. وكان لنمو الاستثمارات القوي أثر واضح في طلب الصين على السلع الأجنبية، خصوصاً بفضل الاستثمارات في مشاريع البنية التحتية. وكان نمو الواردات يفوق نمو الصادرات بشكل متواصل هذا العام، خصوصاً الواردات المتعلقة بالبنية التحتية التي حافظت على مرونتها، مثل واردات الماكينات والإلكترونيات. كما تعافت واردات السلع الأولية قليلاً، إذ تستخدم أساساً في الاستثمارات العقارية التي تباطأت بدورها أخيراً. وإجمالاً، يعني هذا أن أكبر مصدّري السلع الرأسمالية سيستفيدون من ثورة قطاع البنية التحتية في الصين. وأشار التقرير إلى أن الدول المستفيدة من هذه الاستثمارات هي دول آسيا الناشئة التي تنكشف بشكل كبير على الطلب الصيني، وبشكل أكبر من دول الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة واليابان، وأن صادرات تايوان وسنغافورة وكوريا إلى الصين تعادل ما بين أربعة في المئة وستة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لكل من هذه الدول، بينما تعادل صادرات دول مجموعة الثلاث واحداً في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لكل منها. إضافة إلى ذلك، فإن آسيا الناشئة تصدر في الغالب سلعاً رأسمالية للصين، حيث تمثل الصادرات الرأسمالية من كل من الفيليبين وماليزيا وتايوان وتايلاند وسنغافورة وكوريا إلى الصين، ما يقارب 60 في المئة من إجمالي صادراتها، وهو أعلى كثيراً من صادرات الولاياتالمتحدة أو أميركا اللاتينية. أما دول الخليج، فمن المؤكد أنها ستستفيد كذلك من ارتفاع الطلب على الطاقة كنتيجة لتحسن البنية في الصين، خصوصاً مع استمرار تعزيز العلاقات التجارية بين الطرفين.