أعلنت الصين أخيراً بيانات ناتجها المحلي الإجمالي للربع الأخير من عام 2012، التي أظهرت أن الاقتصاد الصيني عاد فعلاًً للتعافي بعدما نما الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأخير 7.9 في المئة على أساس سنوي، مقارنة بمعدل 7.4 في المئة الذي استمر لثلاثة أشهر. وعلى رغم تحسن الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأخير، فإن نمو العام الماضي لم يتجاوز متوسط النمو الذي حققه الاقتصاد الصيني في عام 2011 حين بلغ 9.3 في المئة على أساس سنوي. ويعود السبب للنمو المنخفض نسبياً للاقتصاد الصيني في الفصول الثلاثة الأولى من عام 2012 إلى عوامل أبرزها تضرر الصادرات الصينية من تباطؤ الطلب العالمي، ما أدى إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي. ومن ناحية أخرى، تأثر الاقتصاد المحلي بانخفاض أرباح الشركات، وضعف القطاع الاستهلاكي. لهذا، يأتي الانتعاش الصيني في وقت غير متوقع حيث لا يزال النمو العالمي يشهد تباطؤاً. ووفق تقرير أصدرته شركة «آسيا للاستثمار» فإن هذا التحسن جاء بسبب توسيع السياسة النقدية وزيادة الإنفاق المالي، خصوصاً على مشاريع البنية التحتية. واعتبر التقرير أن المحفزات الحكومية نجحت في رفع النشاط الصناعي، «ففي كانون الأول (ديسمبر) ارتفع الإنتاج الصناعي للشهر الرابع على التوالي، إلى 10.3 في المئة على أساس سنوي، من 10.1 في المئة على أساس سنوي في الشهر السابق، بفضل ارتفاع الاستثمارات المحلية، وزيادة الطلب الخارجي، الذي دلت عليه أرقام الصادرات». وعلى رغم ارتفاعها في الفترة الأخيرة، لا تزال الصادرات متذبذبة جداً، ما يشير إلى أن الأوضاع الخارجية لا تزال تشكل خطراً على تعافي الاقتصاد. وكان الحدث الرئيس للربع الرابع من العام السابق هو الارتفاع الكبير في مبيعات التجزئة، التي أحرزت نمواً للشهر الخامس على التوالي في كانون الأول. وهذه إشارة قوية إلى عودة ثقة المستثمرين في الاقتصاد، كما بيّنت الأسواق الصينية، على رغم انخفاض الثقة في مستقبل الولاياتالمتحدة الاقتصادي، والقلق الذي تسببه الديون السيادية في الاتحاد الأوروبي. واعتبر التقرير أن «الحوافز الاستثمارية هي الحل الصيني المعتاد للتباطؤ العالمي، مع التركيز على تطوير البنية التحتية. وباعتمادها على الاستثمارات، تبتعد الصين عن أخطار التباطؤ العالمي، وهي الأخطار الرئيسة على المدى القصير، ولكنها في الوقت ذاته تزيد من أخطار الإفراط في الاستثمار على المدى المتوسط». وأضاف «على رغم أن هذا النموذج غير مستدام على المدى الطويل، إلا أنه غير مكلف على المدى القصير. ومن المتوقع أن يواصل القطاع الصناعي انتعاشه الحالي، في حال لم تشهد الاقتصادات المتقدمة انهياراً. إلا أن البرنامج يركز حالياً على انتعاش الاقتصاد المحلي، بدلاً من النشاطات الصناعية المرتبطة بالتصدير، والتي تمثل جزءاً كبيراً من الاقتصاد المتنامي». وتابع «على رغم الأوضاع الخارجية الضعيفة، إلا أن أداء الاقتصاد المحلي جيد، وزاد نمو مبيعات التجزئة للشهر الخامس على التوالي، وهي أطول مدة منذ أكثر من عقد، ما يعني أن وضع الاستهلاك الشخصي جيد. ومن المتوقع أن يؤدي نمو بيئة الأعمال وزيادة ثقة المستهلكين إلى نمو أرباح الشركات في القطاع الاستهلاكي، ما يوفر دعماً للسوق الصينية». وخلص التقرير إلى أن «المؤشرات الاقتصادية الأساسية لا تزال تسير في اتجاه الانتعاش ما يعني استمرار احتمال التحسن خلال الجزء الأول من العام الحالي، ونتوقع أن يؤثر هذا الاتجاه إيجاباً في صادرات السلع الرأسمالية والمواد الخام من اقتصادات آسيوية أخرى، ما يبقي الشركات المنفتحة على التجارة الآسيوية في حال جيدة خلال الأشهر الأولى من السنة».