صعدت جماعة «الإخوان المسلمين» في الأردن أمس لهجتها ضد الحكم، كما هاجمت الزيارة التي قام بها الملك عبد الله الثاني قبل ايام للقاهرة، فيما وصف مصدر حكومي رفيع تحدث الى «الحياة» خطاب بانه يمثل «استفزازاً في غير مكانه». وقال «الإخوان»، في بيان، إنهم يرفضون زيارة الملك عبد الله الثاني للقاهرة، معتبرين أن الموقف الرسمي الأردني من الأحداث في مصر «لا يعبر عن مصالح الأردن، ولا يراعي حتمية استكمال منهج الإرادة الشعبية». وكان العاهل الأردني زار القاهرة السبت الماضي، والتقى الرئيس الموقت عدلي منصور، ووزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، ليكون أول زعيم عربي وأجنبي يزور مصر بعد إطاحة حكم الرئيس محمد مرسي و»الإخوان». وقالت الجماعة الأردنية إن الزيارة «لم تنظر إلى مفاعيل ثورة الشعب الممتدة في كل مناطق القطر المصري، والتي تتعاظم يوماً بعد يوم، وتطالب بالعودة إلى الشرعية، وعلى طريق استكمال بناء الدولة المدنية الحديثة». ورأت أن ذهاب العاهل الأردني إلى القاهرة في هذا الوقت «يضفي شرعية على مبدأ الانقلابات العسكرية، ويعيق حركة الشعوب نحو إنجاز الحرية والكرامة الوطنية والاستقلال الحقيقي، وهو موقف لا يتفق مع عموم الأردنيين»، مطالبة ب «تصويب التشوهات التي طرأت على السياسة الأردنية خارجياً وداخلياً». وكان المراقب العام ل «الإخوان» همام سعيد قال أول من أمس أمام المئات من أنصاره خلال إفطار رمضاني إن الجماعة في الأردن «لا تحتاج إلى مراجعة رؤيتها السياسية، في ضوء مجريات الأحداث التي تشهدها مصر والانقلاب على الرئيس مرسي». وكان بيان «الإخوان» الذي حمل عدداً من العبارات التصعيدية، كشف على نحو غير مسبوق تحولاً كبيراً في خطاب الجماعة الأردنية، التي حافظت طيلة العقود الماضية على عدم انتقاد النظام الملكي، مكتفية بتوجيهه إلى السلطة التنفيذية ممثلة بالحكومة. كما التزمت طيلة عامي الربيع العربي خصوصاً في ذروة الحراك الإصلاحي برفع شعار «إصلاح النظام» بدل إطاحته. وربما يعكس البيان، وهو الأول من نوعه، شكل المرحلة الاستثنائية التي وصلت إليها العلاقة المتوترة بين التنظيم الأوسع في البلاد والملك عبدالله الثاني شخصياً، وربما يعبر أيضاً عن تراكمات عدة لدى الجماعة، بسبب النقد اللاذع الذي كان وجهه العاهل الأردني صراحة إلى جماعات «الإخوان» في المنطقة، عندما قال لمجلة «ذي اتلانتك» الأميركية قبل شهور إن هذه الجماعات «أقرب إلى الحركة الماسونية»، وإن قادتها «أشبه بالذئاب الذين يرتدون ثياب الحملان». وعلى رغم حال التوتر المتصاعد بين الطرفين، إلا أن كل القراءات تشير إلى عدم رغبة السلطة في الوصول لمرحلة كسر العظم مع «الإخوان» عبر حلهم أو الزج بقادتهم في السجون، بسبب الكلفة الباهظة التي قد تترتب على مثل هذه الإجراءات. كما تستبعد القراءات ذاتها لجوء قيادة الجماعة إلى المطالبة بإطاحة النظام، للأسباب ذاتها. وكان حزب «جبهة العمل الإسلامي» الذراع السياسية ل «إخوان» الأردن، قدم أمس الشكر إلى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، بسبب مواقفه «الشجاعة» في خصوص عزل الجيش المصري لمرسي. وقال الحزب عبر مذكرة سلمها وفد برئاسة حمزة منصور أمينه العام إلى السفير التركي في عمان: «كان موقفكم متميزاً إزاء الانقلاب الكوني على مصر». وبدا واضحاً خلال الأيام الماضية توجه قيادة «الإخوان» الأردنية إلى وضع نفسها في قلب الصراع السياسي المصري. وكانت هذه القيادة نظمت لقاءات عدة على مستوى الفروع الإخوانية في مختلف الأقاليم، وخلصت إلى توصيات بتنفيذ سلسلة من النشاطات الاحتجاجية شبه اليومية أمام مقر السفارة المصرية في عمان. وقال المصدر الحكومي إن بيان الإسلاميين «لم يكن مفاجئاً» لكنه مثل «استفزازاً في غير مكانه». وأضاف أنه كشف أيضاً «حال التوتر الذي تعيشه الجماعة عقب عزل مرسي». وكان الناطق باسم الحكومة، الوزير محمد المومني أكد عزم الحكومة التعامل مع تحركات «الإخوان» الداخلية، وفق إطار القانون، خصوصاً في حال حدوث «تجاوزات». فيما قال الرجل الثاني في الجماعة زكي بني أرشيد إن السياسات الأردنية الأخيرة على الصعيد الداخلي والخارجي «تعبر عن مغامرة سياسية، واستمرار للمواقف الخاطئة والرهانات الفاشلة».