يرى محللون أن الاردن تنفس الصعداء اثر "سقوط حكم الاخوان" في مصر بعد ان عزل الجيش الرئيس محمد مرسي، والذي يرجح ان ينعكس على نفوذ وطموحات الحركة الاسلامية المعارضة في المملكة والتي تقود حراكاً يطالب باصلاح شامل. وأصدرت وزارة الخارجية الاردنية بياناً بعد نحو ساعتين على اطاحة الجيش المصري بالرئيس الاسلامي محمد مرسي اكدت فيه "احترام ارادة الشعب المصري"، وعقب تولي رئيس المحكمة الدستورية العليا عدلي منصور ادارة البلاد مؤقتاً ارسل له الملك عبدالله الثاني برقية تهنئة اكد فيها دعم "ارادة الشعب". ويقول مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي، ان "الأردن كان من بين ثلاث دول هي الأسرع والأوضح في التعبيرعن ترحيبها بالإطاحة بمرسي، إلى جانب السعودية والإمارات، لإعتبار أن كل دولة من هذه الدول لديها مشكلة خاصة مع الإخوان المسلمين فيها ومع الجماعة في الإقليم برمته". وأضاف "لاشك ان الأردن مرتاح الآن، هناك فئات واسعة من المجتمع الاردني بما فيها اصدقاء الاخوان المسلمين بدأوا ينظرون بعين الشك والريبة لحقيقة المشروع الاصلاحي الاخواني ولعمق المفاهيم الديمقراطية في خطاب الجماعة". ورأى ان "على الاخوان المسلمين ان يبذلوا جهوداً مضاعفة الآن لإقناع الآخرين بمصداقيتهم، فبعد فشل تجربة حكمهم في مصر اصبح من الصعب ان يصدق احد احاديثهم عن الآخر وعن المشاركة والتعددية والتداول السلمي للسلطة". ووصلت حركة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، اول رئيس منتخب ديمقراطياً، إلى السلطة نتيجة ثورات الربيع العربي التي اندلعت عام 2011. واوضح الرنتاوي "هناك تحولات وانقلابات في خطاب الاخوان في مصر وتحريض على العنف واستخدام الارهاب وتبريره في مواجهة ما حصل، وهذا زرع فجوة كبيرة بينهم وبين حتى حلفائهم في المجتمعات العربية وهذا لن ينعكس فقط على الاردن بل على المنطقة برمتها". وقتل 51 شخصاً واصيب المئات الاثنين الماضي خلال تظاهرة لمؤيدي مرسي في القاهرة، فيما دعت جماعة الاخوان المسلمين الشعب المصري الى "انتفاضة" ضد من يريدون "سرقة ثورته" عقب ما وصفته بأنه "مجزرة". ورأى الكاتب والمحلل السياسي حسن ابو هنية، المختص في شؤون الجماعات الاسلامية أن "ما يترتب على اوضاع الجماعة في مصر ينعكس على الاوضاع في الأردن بالتأكيد". واضاف أن "الاردن يتمنى ان تنتهي الامور الى نهاية جماعة الاخوان في مصر وبالتالي يتخلص من حركة معارضة اولى وكبرى في المملكة". واعتبر ابو هنية ان "هناك حالة تراجع عامة لجماعة الاخوان المسلمين ولكن سقوط حكم الاخوان بمصر ليس نهاية الجماعة". ويشهد الاردن منذ كانون الثاني/يناير 2011 تظاهرات واحتجاجات تطالب باصلاحات سياسية واقتصادية جوهرية ومكافحة جدية للفساد، قادت معظمها الحركة الاسلامية المعارضة. وتأسست جماعة الاخوان المسلمين في الاردن عام 1946 كجمعية خيرية، ونشأ عنها عام 1992 حزب جبهة العمل الاسلامي كذراع سياسية لها، ووصل عدد من اعضائه للبرلمان اكثر من مرة. الا ان الحزب قاطع الانتخابات النيابية الاخيرة في كانون ثاني/يناير "لعدم وجود ارادة للاصلاح". ويقول الكاتب والمحلل السياسي لبيب قمحاوي لوكالة فرانس برس ان "سقوط الاخوان في مصر يؤثر على الحركات الاسلامية في المنطقة والجماعة في الاردن فذلك اضعف وضعها واثبت انها ان وصلت للسلطة لا تلتزم بما وعدت به، اصبحت الثقة فيهم ضعيفة جدا واحتمالية ان يتم انتخابهم اصبحت شبه معدومة". ورأى قمحاوي ان "اسقاط الجماعة في مصر بشكل عام اساسه نهجها الاقصائي وهذا يضعف الحركة الاسلامية في الاردن التي باتت لا تحظى بالقبول في الشارع وبالتالي الآن النظام اكثر ارتياحاW". واوضح ان "النظام بات اكثر ارتياحاً لأن الضغوط التي كان يواجهها للاسراع في الاصلاح اصبحت اقل قوة" مضيفا ان "هذه فرصة امام الحكم الاردني ليستجيب لمطالب الاصلاح بأريحية دون ان يقلق من تنامي النفوذ السياسي للحركة الاسلامية". اما نائب المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين في الاردن زكي بني ارشيد، فرأى ان "استعجال الاردن في الترحيب بما حصل في مصر يعبر عن خفة سياسية ليست محسوبة ولا موزونة". وادان "ترحيب الاردن بالانقلابات العسكرية وعكس ارادة الشعوب" مؤكداً ان "الاردن احد ادوات المؤامرة على الشرعية في مصر". واطاح الجيش المصري في 3 تموز/يوليو بالرئيس محمد مرسي بعد نحو عام على انتخابه، فيما ادى المستشار عدلي منصور اليمين الدستورية في اليوم التالي كرئيس انتقالي الى حين تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة وانتخاب رئيس جديد. وادانت جماعة الاخوان المسلمين في الاردن "الانقلاب العسكري" في مصر، فيما رحب الملك عبد الله الثاني والحكومة بتعيين عدلي منصور. وحول ما اذا كانت الاطاحة بمرسي ستؤثر على نشاط الحركة الاسلامية في الاردن، اكد بني ارشيد "سنمضي في طريقنا وحراكنا السلمي الحضاري حتى نحقق ما نريد نحن سئمنا ومللنا حالة المراوحة بين الفساد والاستبداد". واضاف ان "برنامجنا اصلاح محلي ذاتي وطني ليس مرتبطاً باي جهة خارجية او اجندة او تأثيرات للحدث الاقليمي وعليه فنحن ماضون في برنامجنا ومطالباتنا الاصلاحية لأنها تعبير حقيقي عن ارادة الشعب الاردني".