كشفت الساعات ال 48 الماضية عن ابتهاج رسمي داخل أوساط القرار الأردني عقب ساعات على قرار الجيش المصري عزل الرئيس محمد مرسي. فلم تمض ساعات قليلة على عزل مرسي، حتى سارع وزير الخارجية الأردني ناصر جودة إلى تهنئة السلطة المركزية في القاهرة، مؤكداً احترام بلاده القوات المسلحة المصرية التي وصفها بأنها قوات «عريقة تقوم بأدوار وطنية مشرفة». وأمس فقط، أرسل الديوان الملكي الأردني برقية يهنئ فيها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الرئيس عدلي منصور الذي أدى اليمين الدستورية أول من أمس رئيساً موقتاً لمصر. واعتبر معلقون سياسيون تحدثت إليهم «الحياة» أن عزل حكم «الإخوان المسلمين» في مصر «خلق أجواء ارتياح كبيرة داخل مؤسسات الحكم المختلفة في عمان» على اعتبار أن ذلك «سيوجه ضربة قاضية إلى جماعة الإخوان الأردنيين» التي تعتبر الأكثر مناكفة لنظام الحكم الهاشمي في البلاد. وقال جودة إن الأردن «يدعم مصر قيادة وشعباً في هذا الظرف المفصلي»، مؤكداً احترامه «إرادة الشعب المصري وقواتها المسلحة». وأضاف أن الشعب المصري «شعب عظيم ما فتئ يذهل العالم بإرادته القوية والعزيمة التي لا تلين». وعبر عن أمل الحكومة الأردنية في أن «تمضي الأوضاع في مصر باتجاه الاستقرار والوئام والازدهار لتؤدي القاهرة دورها المحوري المعهود في محيطها العربي وعلى الساحة الدولية». وفي موقف أكثر وضوحاً، أكد العاهل الأردني دعم مملكته «إرادة الشعب المصري» عبر برقية تهنئة أرسلها إلى الرئيس الموقت. ووفق الديوان الملكي الأردني، أكد الملك عبد الله «الحرص الكامل على تعزيز علاقات التعاون الثنائية في الميادين المختلفة». كما شدد على دعم بلاده «إرادة شعب مصر العظيم وخياراته الوطنية». وكان لافتاً الهجوم الذي شنته وسائل إعلام حكومية خلال اليومين الماضيين على التنظيم الدولي ل «الإخوان» والرئيس المصري المعزول، خصوصاً صحيفة «الرأي» الناطقة باسم الحكومة والتي عنونت صفحاتها الرئيسة ب «السقوط المروع للإخوان». وقال المعلق السياسي ماهر أبو طير، أحد أبرز القريبين من مؤسسة القصر الأردني، ل «الحياة» إن المؤسسة الرسمية الأردنية «كانت تتمنى منذ البداية فوز المرشح الرئاسي الخاسر أحمد شفيق، ولم تكن مرتاحة أبداً لفوز مرسي على اعتبار أنه ينتمي لجماعة الإخوان». وأضاف أن فوز الأخير في الانتخابات الرئاسية السابقة «ارتد على الداخل الأردني، وترك أثراً داعماً لإخوان الأردن». واعتبر أن العلاقات الثنائية في زمن مرسي «شهدت تدهوراً على الصعد المختلفة، وكانت تمر بحال برود واضح». ولفت إلى أن التغييرات المتسارعة في مصر «تتطابق تماماً مع ما يريده الأردن على الصعيد الإقليمي والداخلي على حد سواء». وأشار إلى أن الدولة الأردنية «تشعر بالارتياح الآن، وهي تتحلل من كل الضغوط الداخلية التي أثرت عليها خلال الفترة الماضية، خصوصا أن عملية الإصلاح السلمية ستخضع هذه المرة لتوجهات المؤسسة الرسمية، من دون التأثر بضغوط أي فريق سياسي، حتى لو كان الإخوان». ويخشى المعلق السياسي والباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية لدى الجامعة الأردنية محمد أبو رمان أن يعزز ما جرى في مصر «موقف التيارين المتشددين داخل الدولة والإخوان»، لافتاً إلى أن التغيير الأخير «شكل أمراً صادماً لجماعات الإخوان في الأردن والعالم». وقال ل «الحياة» إن عزل النظام المصري الجديد «شكل انتصاراً ساحقاً للدولة الأردنية على جماعة الإخوان والتنظيم الدولي، وقد يشكل أيضاً نهاية لمشروع الجماعة وقدرتها على الانتقال من صفوف المعارضة إلى صفوف الحكم». لكن أبو رمان اعتبر أن على «الإخوان» الأردنيين «التعامل في شكل عملي مع الحدث، وإعلان مراجعات داخلية عميقة، إضافة إلى تبني مقاربة جديدة لرؤية الإصلاح التي يتبنونها، وهو الأمر ذاته المطلوب من السلطة حتى تخرج البلاد من حال الانسداد السياسي». ويشهد الأردن منذ أكثر من عامين تظاهرات سلمية ينظمها إسلاميون وعلمانيون وشخصيات عشائرية تستلهم انتفاضات الربيع العربي، لكنها تركز على إصلاح الحكومة والحد من صلاحيات الملك بدل إطاحته.