عاد الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة أمس إلى الجزائر بعد غياب دام 82 يوماً في رحلة علاج في فرنسا. وقطع رئيس الوزراء عبدالمالك سلال زيارة إلى ولاية تيزي وزو (110 كلم شرق العاصمة) لاستقبال بوتفليقة الذي يعتقد بأن طائرته هبطت في مطار بوفاريك العسكري في غياب الإعلام. وقال سلال أمام ممثلين للمجتمع المدني في تيزي وزو ان «الرئيس سيعود»، ما يبرر تقليص مدة زيارته إلى المدينة وإعلانه ضرورة العودة إلى العاصمة في أقرب فرصة. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر في مطار لوبورجيه قرب باريس أن بوتفليقة توجه إلى الجزائر على متن الطائرة الرئاسية في كرسي متحرك، وأقلعت الطائرة من المطار بعد ظهر أمس. وذكرت أن الطائرة أقلعت وسط تكتم من مدرج مخصص لرجال الأعمال. وقبل دقائق من ذلك، وصل موكب يضم بضع سيارات سوداء وسيارة فان بيضاء إلى المدرج حيث تمركز دراجون من الشرطة وشرطيون بالزي المدني ومسلحون. وكان ضابط كبير في «الحرس الجمهوري» الذي يشرف على جزء من الأمن الرئاسي ذكر الأسبوع الماضي ل «الحياة» أن تعليمات بلغت إلى المؤسسات الرسمية بالاستعداد لاستقبال بوتفليقة في غضون ساعات على أمل وصول طائرته ليلاً. لكن عودته تأخرت أسبوعاً كاملاً لدواع غير معروفة. ونقلت مصادر في باريس أن بوتفليقة كان على متن كرسي متحرك لدى صعوده الطائرة الرئاسية من مطار لوبورجيه ما يعني أن الرئيس لم يستعد كامل قدرته على المشي والحركة. ونُقل بوتفليقة (76 سنة) في 27 نيسان (أبريل) الماضي إلى مستشفى فال دوغراس العسكري في باريس إثر تعرضه لجلطة دماغية وصفت أول الأمر بأنها «نوبة عابرة»، لكن مصالح الرئاسة وجدت نفسها مضطرة في وقت لاحق إلى إعلان أن الأمر يتعلق ب «جلطة دماغية» تحتاج إلى فترة «تأهيل وظيفي». ونقل بوتفليقة من فال دوغراس إلى مصحة ليزانفاليد في 12 ايار (مايو) الماضي ولم يظهر في التلفزيون الرسمي إلا بعدها بشهر مستقبلاً الوزير الأول ورئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح. وقال سلال للصحافيين المرافقين له في زيارته إلى ولاية تيزي وزو أمس إنه سيعود للعاصمة الجزائر في حدود الثانية ظهراً بالتوقيت المحلي «لأن الرئيس في طريق عودته». ويبدو أن رئيس الوزراء نفسه لم يكن على علم بموعد عودة الرئيس. وخلّف غياب بوتفليقة عن الساحة الداخلية حال تململ كبيرة بسبب التعاطي السيء من الحكومة مع هذا التطور غير المتوقع. وشهدت علاقة الحكومة تشنجاً مع الصحافة المحلية بسبب منع جريدتين من الصدور لتضمنهما ملفين عن صحة الرئيس ثم توبع مسؤولهما بتهم ثقيلة تتصل ب «أمن الدولة». وكفت الحكومة تدرجياً عن تقديم بيانات عن تطور الوضع الصحي للرئيس حتى توقفت، قبل أن يقول الوزير الأول: «لست طبيب الرئيس حتى تسألوني عن حالته». ورافق الغياب جدل سياسي غير مسبوق ببروز تكتلات حزبية من المعارضة سارعت إلى المطالبة بتطبيق مادة دستورية تخص انتقال السلطة في حال وجود مانع صحي. ونُصح بوتفليقة بالراحة التامة بعد عودته إلى الجزائر، ما يعني مواصلة فترة النقاهة في البلاد. لكن عودته ستحيي بالتأكيد مطالب بظهوره الرسمي في البروتوكولات الرئاسية ما قد يغذي مجدداً الحديث عن مدى إمكان مواصلة مهماته حتى الربيع المقبل موعد الانتخابات الرئاسية التي لن يترشح لها بوتفليقة وفق غالبية الترجيحات.