أفاد مصدر جزائري رفيع ل»الحياة» بأن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عاد إلى الجزائر مساء أمس، بعدما قضى شهرين وعشرة أيام في رحلة علاج في باريس، وتوقع ان تسفر عودته عن تداعيات سياسية تنهي حديث المعارضة عن الخلافة المبكرة. وذكر المصدر ان «عودة بوتفليقة ستؤكد الإنطباع بأن مؤسسات الدولة لم تتعطل بغيابه»، لكنه أضاف ان «الأطباء نصحوه بالراحة التامة»، مؤكداً ان «الأمر بات واضح الآن. فبوتفليقة سيكمل ولايته بأي شكل من الأشكال، لكنه لن يترشح لولاية رابعة». ونقل بوتفليقة (76 عاما) الى مستشفى فرنسي في 27 نيسان (أبريل) الماضي بعد تعرضه لجلطة دماغية حيث خضع لعلاج أولي في مستشفى «فال دوغراس» العسكري بباريس، قبل أن ينقل إلى مصحة «ليزانفاليد» حيث خضع لعملية «تأهيل وظيفي» على حد وصف أطبائه. وذكر المصدر أن فريقاً من الأطباء العسكريين الجزائريين سافر الأربعاء الماضي إلى فرنسا للتحضير لعودة بوتفليقة الذي سبقت عودته وصول تجهيزات طبية، ما يعني خضوعه لفترة نقاهة لأسابيع أخرى في إقامة تابعة للدولة. ونقلت مصادر باريسية أن بوتفليقة عبر عن رغبته قضاء شهر رمضان في الجزائر، مشيرة الى أن الوضع الصحي للرئيس أفضل حالاً مما يعتقد كثيرون. ورافق غياب بوتفليقة جدل سياسي غير مسبوق، وسارعت تكتلات حزبية معارضة للمطالبة بتطبيق مادة دستورية تخص انتقال السلطة في حال وجود «مانع صحي» أمام ممارسة الرئيس مهماته. وتنص المادة 88 من الدستور الجزائري على إنه «إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدستوري وجوباً ويقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع. ويعلِن البرلمان، المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معاً، ثبوت المانع لرئيس الجمهورية بغالبية ثلثي أعضائه، ويكلف رئيس مجلس الأمة بتولي رئاسة الدولة بالنيابة مدة أقصاها 45 يوماً». ومن شأن عودة بوتفليقة إلى الجزائر، ولو في وضع صحي لا يسمح له بأداء النشاط الرئاسي كالسابق، أن ينهي الحديث عن الخلافة المبكرة وفق آليتين تطرحهما أحزاب معارضة: الأولى وفق المادة الدستورية 88، والثانية بتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة في أواخر أيلول (سبتمبر) أو بداية تشرين الأول (اكتوبر) المقبلين. وحاولت الحكومة الجزائرية إعطاء انطباع بأن مؤسسات الدولة لم تتعطل تماماً بغياب بوتفليقة، وكثف رئيس الحكومة عبد المالك سلال من جولاته الى الولاياتالجزائرية، ونظم عدة اجتماعات للحكومة، وأعلن إجراءات كثيرة في الشأن الإجتماعي في سياق سياسة «تحقيق السلم الإجتماعي» في فترة حرجة من تاريخ البلاد. وأمام ضغط الرأي العام الجزائري وقلق عواصم عربية وغربية من عدم ظهور بوتفليقة خلال فترة مرضه، اضطرت رئاسة الجمهورية لنقل صور له وهو يستقبل رئيس حكومته عبد المالك سلال برفقة رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح. ورغم ان هذه تلك الصور أدت الى تحقيق «مكاسب سياسية» لأنصار بوتفليقة إلا أنها زادت من يقين الشارع بأن صحته لم تعد تسمح له بالإستمرار في الحكم بعد ربيع 2014.