هل يمكن اعتبار الاثنين الماضي يوم نحس أو يوم حسم أو يوم فضح لقناة «الجزيرة مباشر مصر»؟ هذه القناة التي انطلقت قبل «ثورة يناير» استطاعت في تلك المرحلة أن تكون ملتقى لكل الذين خرجوا يهتفون بسقوط حكم مبارك، من كل التيارات، واستطاعت أن تتحرك بحرية في الشارع المصري الذي كان يغلي من تجاوزات عهد مبارك، وهو ما جعلها هدفاً لغضب آخر وزراء إعلام مبارك أنس الفقي. وهكذا دخلت عليها «ثورة يناير» وهي تحظى برصيد جيد لدى الثائرين استثمرته جيداً في الميادين حتى بدأ الإعلام الخاص في توسيع نطاق تغطياته في مصر لتصل إلى المدن والقرى والمحافظات البعيدة، ولتدخل «الجزيرة مباشر مصر» في منافسة حقيقية مع هذا الإعلام بينما كان إعلام الدولة يدفع ثمن انحيازه المبدئي للنظام المخلوع ودخوله في حال من الفوضى. ومنذ هذا الوقت، نيسان (أبريل) 2011 وحتى الاثنين الماضي، وقناة «الجزيرة مباشر مصر» لا تكف عن الانحياز لكل فصائل الإسلام السياسي. وسرعان ما تحولت من قناة تعبر عن عموم المصريين المطالبين بالحرية وسقوط نظام مبارك الى قناة تعبّر عن جزء من المصريين المطالبين بإبقاء نظام مرسي مهما فعل وفشل... وبالتالي تحولت عنها غالبية المشاهدين، الى درجة أهلتها لحمل لقب «قناة الإخوان» لدى جزء من المشاهدين المصريين، وهو ما أهلها لمعرفة بعض الأحداث، متفردة بها، مثل حادث الهجوم على دار الحرس الجمهوري صباح الاثنين والذي راح ضحيته 51 قتيلاً، وأثار ضجة واسعة وأسئلة عدة منها كيف تعلم «الجزيرة مباشر مصر» بالحدث وحدها من دون التلفزيون المصري العام والخاص؟ ثم اكتملت الصورة باستقالة شبه جماعية للعاملين فيها في اليوم نفسه احتجاجاً على سياسات توجيههم لنقل أحداث دون غيرها وإغماض العين عن العنف الذي تمارسه جماعات الإخوان في مصر، وكان من بين المستقيلين مراسلان من صعيد مصر، والباقون في القاهرة ومنهم كبيرهم كارم محمود وقارئتا النشرة فاطمة نبيل ونادية حسن. قال المستقيلون إنهم يرفضون العمل وسط أجندة منحازة لطرف ضد أطراف أخرى وتعليمات تقيدهم-وهو أمر مذهل- وهو السبب ذاته الذي استقال من أجله بعض العاملين في التلفزيون المصري أيضاً، فهل تدرك شبكة «الجزيرة» الأم أنها وضعت نفسها الآن في صف واحد مع التلفزيون المصري الذي كان موصوماً بأنه تلفزيون النظام، وأنها من خلال منهجها هذا نجحت نجاحاً باهراً في صرف عدد كبير من المصريين عن مشاهدتها؟