شهدت المناطق ذات الأكثرية السنية في لبنان أمس، حالات تعاطف مع إمام مسجد بلال بن رباح الشيخ أحمد الأسير، غذتها أخطاء إعلامية خطيرة ساهمت في إذكاء حال الفلتان الأمني التي تنقلت من عكار إلى بيروت مروراً بطرابلس ووصولاً إلى إقليم الخروب، وضاعفت من تداعياتها البيانات الصادرة عن قيادات مجموعات إسلامية. وخرج المسلحون في طرابلس إلى الشوارع لليوم الثاني على التوالي فأرهبوا الناس لإقفال محلاتها التجارية وأطلقوا النار في الهواء لشل الحركة في المدينة، وتمادى المسلحون من خلال استهداف نقطتين للجيش اللبناني في شارع سورية بإطلاق الرصاص عليهما من دون وقوع إصابات ورد عناصر الجيش على مصادر النيران. كما أطلق مسلحون النار في الهواء في الشارع الرئيسي قرب سراي طرابلس، مرددين شعارات مؤيدة للأسير. وجرى قطع الطريق عند تقاطع شارع المئتين في المدينة بالإطارات المشتعلة. وقطع بعضهم طريق طرابلس - عكار في البداوي. واعتصم شبان ومشايخ في ساحة عبد الحميد كرامي في طرابلس وسط ظهور مسلح كثيف ورفعوا رايات دينية. وألقيت كلمات دعت إلى نصرة الأسير. وسمع إطلاق نار كثيف في منطقة باب التبانة وتكبيرات من مآذن مساجدها دعت إلى نصرة الأسير أيضاً. وترددت أصوات طلقات نارية في الهواء في منطقة الضم والفرز في طرابلس وأحياء أخرى في المدينة. وأطلق مجهول قنبلة صوتية في باحة الحديقة الملاصقة للمسجد المنصوري الكبير في طرابلس وأدى انفجارها إلى المزيد من الذعر. وتسبب حال الفلتان بنزوح كثيف للأهالي من مدينة طرابلس باتجاه منطقة الضنية، وشهدت الطريق الرئيسة التي تربط بين الضنية وطرابلس حركة سير نشطة. ووسط هذه الأجواء المتشنجة، أكد النائب محمد عبد اللطيف كبارة «الوقوف إلى جانب الجيش»، داعياً إياه إلى «بسط سيطرته على كل البؤر الأمنية وأن يواجه كل السلاح المتفلت في كل لبنان»، داعياً «أبناء طرابلس إلى التعاطي مع الحدث الصيداوي بترو وتعقل، لتفويت الفرصة على حزب الله والنظام السوري بنقل الفتنة إلى المدينة». وشدد في بيان على أن لبنان «يمر اليوم في منعطف أمني كبير قد يكون الأخطر على صيغته وعيشه المشترك وكيانه منذ اتفاق الطائف، وبلغ الشحن المذهبي مداه بفعل تعنت حزب الله واستقوائه بسلاحه وشبيحته على الفئات اللبنانية كافة وعلى الشعب السوري من خلال مشاركته مع النظام السوري في أعمال القتل». وأضاف أن «الشحن الذي يقف وراءه حزب الله والنظام السوري، أدّى إلى فتنة مسلحة عمياء أطلت بنيرانها من عاصمة الجنوب صيدا، وهذا الوضع المتأزم يتطلب منّا كثيراً من الوعي والحكمة والإدراك لمواجهة من يريد زج الطائفة السنية في حرب مع الجيش اللبناني، هذا الجيش الذي يضم أبناءنا وإخواننا يبقى صمام أمان الدولة اللبنانية التي نريد أن نعيش جميعاً في كنفها وفي ظل قوانينها بأمن واستقرار ومن دون تمييز أو تفرقة بين أبناء الشعب اللبناني». وسجل في بيروت ظهور مسلح في منطقة الطريق الجديدة وإقفال للمحال التجارية. وحضرت دوريات للجيش اللبناني ونفذت انتشاراً كثيفاً. وأعاد الجيش فتح طريق قصقص بعدما عمد شبان إلى إقفالها بمستوعبات النفايات. وأعاد الجيش فتح طريق الناعمة بعدما أقفلها مناصرون للأسير. وفي البقاع، قطع مؤيدون للأسير طرق بر الياس - المصنع، وقب الياس - عميق، وشتورة - سعدنايل، وطريق الفرزل وعمل الجيش على إعادة فتح جميع الطرق. وفي المقابل، قطع شبان من بلدتي فيع وقلحات في الكورة، ولبعض الوقت، طرقاً تضامناً مع الجيش وتجمع اهالي رأس بعلبك امام فصيلة الدرك تضامناً مع الجيش. ولبى المحامون في قصر العدل في بيروت قرار نقابة المحامين التوقف عن حضور الجلسات شجباً لما تعرض له الجيش وتضامناً معه. الأخطاء الإعلامية وكانت محطة «أو تي في» (التيار الوطني الحر) عرضت شريطاً مصوراً يتضمن صور عشرات الجثث ملقاة على أرض مسجد، وذكرت المحطة أن المشهد من مسجد بلال بن رباح، بعد السيطرة عليه من قبل الجيش اللبناني، وتناقلت محطات التلفزة الشريط نفسه على أنه للأسير وتبين لاحقاً أن الصور مزيفة والشريط يظهر مشهداً من مسجد في العراق. وكانت الصور المعروضة كفيلة بإثارة المزيد من الغرائز المتفلتة في كل مكان. وسارعت المحطات التي تبنت عرض الشريط إلى التنصل منه. وكانت إذاعة «صوت المدى» فتحت الهواء أمام المتصلين الذين شنوا حملة شتائم بحق الأسير وتضامن مع الجيش اللبناني.