بدأ قادة الاتحاد الأوروبي أمس قمة في بروكسيل تركز أساساً على مكافحة التهرب الضريبي وتتجه فيها الأنظار خصوصاً إلى كل من لوكسمبورغ والنمسا، آخر معاقل مقاومة رفع السرية المصرفية. ولدى وصولهما إلى بروكسيل اكد رئيسا وزراء البلدين موقفهما المؤيد للتخلي عن السرية المصرفية شرط بدء مفاوضات مع الدول الأخرى ومنها سويسرا، كي يلتزم بلداهما بالمثل. وأضيفت مكافحة التهرب الضريبي أخيراً إلى جدول أعمال القمة القصيرة. وأكد رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي ان الاتحاد يريد «الاستفادة من الزخم السياسي» الذي تحقق بفضل تحقيقات «أوفشورليكس» في الملاذات الضريبية والهدف منها خصوصاً تشكيل جبهة أوروبية موحدة خلال قمة مجموعة الثماني المقررة مطلع حزيران (يونيو). ومن أجل مكافحة التهرب الضريبي في شكل أفضل، حض رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو أول من أمس الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على تعميم تبادل المعطيات المصرفية على كل أنواع الموارد. وأدرِج التبادل التلقائي للمعلومات في القانون الأوروبي حول الموارد والادخار الصادر في 2003، لكن لوكسمبورغ والنمسا تستفيدان من استثناء. وقرر الوزراء حينها منح المفوضية الأوروبية تفويضاً لتعيد التفاوض حول الاتفاقات الضريبية مع خمس دول هي سويسرا وأندورا وموناكو وسان مارينو وليشتنشتاين، لكنهم لم يتمكنوا من تجاوز نقطة خلاف كبيرة وهي مراجعة القانون الأوروبي حول الضرائب والادخار الذي يقتضي الإجماع. وكان ذلك القانون الصادر في 2003 ينص على تبادل تلقائي للمعلومات داخل الاتحاد الأوروبي لكن لوكسمبورغ والنمسا تستفيدان من استثناء. يونكر وسرعان ما استذكر رئيس وزراء لوكسمبورغ جان كلود يونكر موقف بلاده بتصريحه لدى وصوله إلى القمة: «سنتخلى عن السرية المصرفية ونتوجه إلى تبادل المعلومات تلقائياً الذي نريد إدخاله حيز التطبيق في 1 كانون الثاني (يناير) 2015». لكنه أضاف ان ذلك سيجري «شرط ان نجري قبل ذلك مفاوضات مع الدول الأخرى وخصوصا سويسرا». وأحبط يونكر الأسبوع الماضي الآمال المعقودة على هذه القمة عندما قال «لن يكون ممكناً» الذهاب أبعد مما قرره وزراء المال في الدول الأعضاء في الاتحاد خلال آخر اجتماع لهم في 14 أيار (مايو). وجاء في مشروع قرار اطلعت عليه وكالة «فرانس برس» ان المفاوضات مع تلك الدول «ستبدأ في اقرب وقت ممكن». لكن على رغم هذه العرقلة يرى البعض ان النقاش احرز تقدماً وقال الوزير المنتدب الفرنسي المكلف الشؤون الأوروبية تيري ريبنتان ان «الأجواء تغيرت جوهرياً وهناك انفتاح لم يكن متوقعاً قبل 12 شهراً». غير ان رئيس الحكومة الإيطالية إنريكو ليتا احتج منتقداً «نفاقاً لا يمكن تصوره على الصعيد الأوروبي» في مكافحة الاحتيال الضريبي وقال: «لا بد من فرض الشفافية والتهاون لم يعد مقبولاً». وإذا لم تتمخض القمة عن تقدم ملموس فقد يجري الاتفاق في شأن الضرائب على المدخرات خلال القمة المقبلة في كانون الأول (ديسمبر)، كما أفاد مصدر ديبلوماسي أوروبي. وأفاد مصدر أوروبي آخر قريب من الملف بأن قمة نهاية السنة قد تتناول مجدداً مواضيع ضريبية أخرى مدرجة على برنامج أمس، مثل الاحتيال في ضريبة القيمة المضافة أو غياب الانسجام الضريبي الدولي الذي يسمح لشركات متعددة الجنسية مثل «غوغل» و «أمازون» بتفادي دفع اكبر قسم من الضرائب. والموضوع الآخر المطروح هو الطاقة التي ستتناول نصف المناقشات، وسيدرس القادة الأوروبيون حلولاً تخفض فاتورة الطاقة وتضمن إنتاجاً محلياً مستداماً. ويتوقع ان يتناول النقاش الغاز والنفط الصخريين اللذين منح استغلالهما الصناعيين الأميركيين أفضلية إذ ان سعر الغاز المنتج أدنى بثلاثة أضعاف منه في أوروبا، لكن الدول الأعضاء في الاتحاد منقسمة حول هذه المسألة إذ ان بعضها يخشى من انعكاساتها البيئية. وقد تطرح مسألة سورية على القمة ويتحدث القادة الأوروبيون «في الوضع السياسي» لكن «لا يتوقع ان يتخذوا قراراً»، خصوصاً في شأن قضية العقوبات على ما أضاف المصدر.