عقد وزراء المالية الأوروبيون اجتماعاً أمس تحت ضغط رؤساء دولهم والرأي العام للدفع باتجاه مكافحة التهرب الضريبي قبل قمة أوروبية في هذا الشأن الأسبوع المقبل. ومع أن برنامج الاجتماع يشمل مواضيع عدة من الاتحاد المصرفي إلى الموازنة الأوروبية، يفترض أن تحتل القضايا الضريبية الجزء الأكبر من المناقشات. وتأتي جهود الأوروبيين لإرساء أسس خطة لمكافحة التهرب الضريبي بعد كشف قضية «اوفشورليكس». واشتد الضغط الجمعة مع إعلان بريطانيا والولايات المتحدة واستراليا فتح تحقيق دولي واسع بعد حصولها على آلاف السجلات الالكترونية حول حسابات سرية في جنات ضريبية. والتحدي الرئيسي سيكون التوصل إلى إجماع بين الوزراء حول مراجعة قانون أوروبي يطلق عليه اسم ضريبة التوفير. وهذا النص يقضي بتبادل آلي للمعلومات حول الفوائد التي تدفع لأفراد غير مقيمين. وتريد المفوضية تعزيز هذا النص وتوسيع تطبيقه ليشمل التأمين على الحياة. وقال رئيس المفوضية جوزيه مانويل باروزو في رسالة وجهها الأسبوع الماضي إلى القادة الأوروبيين: إن «الاتحاد الأوروبي يضع منذ سنوات مبدأ تبادل المعلومات بشكل آلي في صلب اهتماماته»، مؤكدا ضرورة توسيع هذا القانون «ليشمل كل أشكال الدخل». وتتمثل المهمة الاولى في اقناع فيينا بأن ترفع جزئيا السرية المصرفية كما التزمت بذلك لوكسمبورغ مؤخرا، بينما تخضع فيينا الى ضغط كبير لانها باتت الدولة الوحيدة من الاتحاد الاوروبي التي لا تسمح بتبادل تلقائي للمعطيات المصرفية وتعرقل المصادقة على قانون اوروبي حول الادخار تم تعديله لتحسين مكافحة التهرب الضريبي. واعربت فيينا على لسان مستشارها فيرنر فايمان عن استعدادها التفاوض لكن بشروط وهي الاحتفاظ بالسرية المصرفية للمقيمين النمساويين وعدم تعديل الاتفاقات الثنائية مع سويسرا وليشتنشتاين حول تبادل المعطيات المصرفية. وقال المفوض الاوروبي المكلف الضرائب الليتواني ألجيدراس سيميتا: انه «سيكون من الصعب على النمسا ان تبقى عقبة»، مؤكدا انه «واثق انها ستتخذ قرارها خلال هذا الاجتماع او خلال القمة المقبلة في 22 مايو». اما وزير المال الفرنسي بيار موسكوفيسي فقال ان «شيئا ما بدأ يتحرك»، مؤكدا انها «حركة لا تقاوم ومن الافضل مواكبتها». وسعيا الى تحسين نظام مكافحتهم الاحتيال الضريبي يريد الاوروبيون ايضا اعادة التفاوض حول اتفاقات ضريبية مع دول اخرى خارج الاتحاد وفي هذا السياق يفترض ان يمنحوا المفوضية الاوروبية تفويضا لفتح مفاوضات مع سويسرا واندورا وموناكو وسان مارين وليشنشتاين. واوضح سيمينا مؤخرا ان «الهدف من ذلك هو التوصل الى اتفاقات طموحة لتقاسم المعلومات تغطي العديد من الجوانب» وتريد بروكسل خصوصا مكافحة الشركات الوهمية التي تسمح بإخفاء المسفيدين الحقيقيين من الاموال المهربة عن الضرائب في الدول الاعضاء. وسيعقد اجتماع الدول السبعة والعشرين غداة لقاء على مستوى منطقة اليورو فقط لا يبدو حاسما رغم جدول عمل مثقل. ويفترض ان يعكف وزراء مالية الاتحاد الاوروبي الاثنين على تقييم الوضع في قبرص بعد ان صادقوا بصعوبة على خطة مساعدة لذلك البلد فرضت عليه اعادة هيكلة هائلة في القطاع المصرفي، وستجري المناقشات في حين يستعد صندوق الاتحاد الاوروبي في منطقة اليورو الى تسديد الدفعة الاولى من مساعدة بثلاث مليارات الاثنين. كما يتوقع ان يوافقوا ايضا على تسديد دفعتي مساعدة لليونان واحدة ب4,2 مليار متوقعة في مايو والثانية من 3,3 مليار في يونيو وتقييم الوضع في البرتغال رغم انه ليس متوقعا اتخاذ قرار نهائي حول الزيادة في قرض منح لهذا البلد في اطار برنامج مساعدته. وهو اول اجتماع يشارك فيه وزير المالية الايطالي الجديد فابريزيو ساكوماني الذي سيعرض على نظرائه اوليات ايطاليا السياسية وسيولي الحاضرون اهتماما خاصا لبرامج روما في تعديلها المالي من اجل الدفع بالنمو. وعلى صعيد متصل أطلع وزير المالية في سلوفينيا أروس كوفر نظراءه في منطقة اليورو على خطط بلاده لتفادي طلب حزمة إنقاذ مالية دولية، وذلك خلال المحادثات الجارية في بروكسل حالياً، ومن المتوقع أيضا أن تركز على اليونان وقبرص اللتين تتلقيان برامج إنقاذ. حيث من المقرر أن ينضم إلى جانب وزراء مالية منطقة اليورو ال 17، نظراؤهم العشرة الباقون في الاتحاد الأوروبي لإجراء محادثات موسعة. وتضم منطقة اليورو 17 دولة من الدول ال 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وكانت رئيسة الوزراء السلوفينية ألينكا براتوسك أعلنت الأسبوع الماضي زيادة في ضريبة القيمة المضافة وخفض الإنفاق، بهدف خفض الفجوة المالية في ميزانية البلاد والتي تجاوزت مليار يورو (1,3 مليار دولار). وسيتولى «بنك سيئ» الأصول المعدومة وهي القروض ضعيفة الأداء التي تتسبب في عرقلة القطاع المصرفي المملوك للدولة. وشدد مسؤول بالاتحاد الأوروبي قبيل محادثات بروكسل على عدم طرح برنامج لإنقاذ سلوفينيا. وليس من المتوقع إجراء تقييم رسمي للوضع الاقتصادي في البلاد حتى يوم 29 مايو، عندما تصدر المفوضية الأوروبية توصياتها لكل دولة من الدول الأعضاء. ومن المتوقع أن تتخذ مجموعة اليورو قرارا بشأن اليونان، مما يمهد الطريق أمام الإفراج عن شريحتيها التاليتين من القروض، بقيمة 4,2 مليار يورو الشهر الجاري، و3.3 مليار يورو في يونيو. وتنفذ اليونان إجراءات تقشف لا تحظى بقبول شعبي يطالب بها الدائنون الدوليون في مقابل تقديم قروض إنقاذ. ولا تزال البلاد في ركود للعام السادس على التوالي. وقال وزير المالية اليوناني يانيس ستورناراس مؤخرا، من دون تقديم إحصاءات تدعم توقعاته «أتوقع تعافيا بداية من عام 2014 وما بعده». وأضاف أنه لن يتم تطبيق إجراءات تقشف جديدة طالما أن الإجراءات التي تعهدت البلاد فعلا بتنفيذها لدائنيها الدوليين مطبقة. وأوضح أنه «ليس هناك حاجة إلى إجراءات جديدة طالما أننا نتبع إجراءات تعهدنا بتطبيقها». ومن المقرر أيضا أن يبحث الوزراء تطورات الوضع في قبرص المقرر أن تحصل قريبا على أول شريحة بقيمة 3 مليارات يورو، من حزمة إنقاذها من منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي. كما تخضع البرتغال لعملية مراجعة بعدما أبطلت محكمتها الدستورية إصلاحات كانت تستهدف الوفاء بشروط برنامج إنقاذها. ووافق الائتلاف الحاكم في البلاد على استقطاعات جديدة لأوجه الإنفاق في وقت سابق الشهر الجاري. وسيستمع الوزراء أيضا من نظيرهم الإيطالي الجديد فابريزيو ساكوماني لخططه لتنشيط اقتصاد بلاده.