استقبلت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل أمس نظيرها الصيني لي كيكيانغ بهدف تعزيز العلاقات المميزة بين القوتين التجاريتين، على رغم المواضيع الخلافية بينهما، بدءاً بحقوق الإنسان وصولاً إلى العقوبات الصينية المفروضة على شركات صناعة السيارات. ويشارك لي، الذي يرافقه 14 وزيراً من حكومته، في مشاورات ثنائية مع فريق مركل. ويذكر أن ألمانيا هي الدولة الوحيدة في العالم التي تجري معها الصين مثل هذه المشاورات على المستوى الحكومي، في حين تخص ألمانيا بها عدداً ضئيلاً من الشركاء، بينهم فرنسا. وقالت مركل قبل الزيارة: «علينا أن نعمل على التعرف إلى بعضنا البعض أكثر»، وذلك بعدما قامت بسبع زيارات إلى الصين حتى الآن، آخرها في تموز (يوليو) الماضي. وأعلن وزير الاقتصاد الألماني سيغمار غابريال خلال افتتاحه منتدى اقتصادياً ألمانياً صينياً عقد في برلين في موازاة الزيارة، أن «انتهاء الفترة التي كان فيها تسجيل أعلى أرقام ممكنة هو الأهم، والمطلوب اليوم تعميق علاقتنا». وأصبحت الصين الشريك التجاري الثالث لألمانيا، مع بلوغ المبادلات 140 بليون يورو العام الماضي. وإلى اتفاقات التعاون في مجال الصحة وحماية البيئة، يُتوقع إبرام عقود تجارية عدة، بينما أشارت وزارة الاقتصاد الألمانية الى ما قيمته بليونا يورو. وقال الخبير في معهد «ميركاتور» للدراسات حول الصين في برلين سيباستيان هيلمان: «ألمانيا أصبحت بالنسبة إلى بكين نقطة ارتكاز لعلاقاتها الدبلوماسية مع أوروبا»، ولكنه رأى أن «مرحلة الوئام شارفت على نهايتها، وتقوم خلافات متزايدة بين البلدين». ومن هذه النقاط الخلافية مسألة حقوق الإنسان، إذ دانت مركل قبل أيام حكم السجن مدى الحياة الصادر بحق الأستاذ الجامعي الأويغوري إلهام توهتي، وقالت: «نتطرق مع الصينيين إلى الحالات الخاصة»، مشددة على أهمية حرية التعبير في هونغ كونغ، حيث يتظاهر عشرات الآلاف منذ نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي للمطالبة بمزيد من الديموقراطية. ولكن من غير المتوقع أن تخرج مركل عن نبرتها المعتدلة، حرصاً منها على مراعاة بكين. وقال الوزير الصيني المنتدب للشؤون الخارجية وانغ تشاو: «نحن مستعدون للحوار حول مسألة حقوق الإنسان على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون دول أخرى». ومن نقاط الخلاف الأخرى، الضربات التي نفذتها السلطات الصينية ضد شركات إنتاج السيارات، كما باشرت الهيئة الألمانية لضبط المنافسة تحقيقات قادت خصوصاً إلى فرض غرامات على المشروع المشترك بين شركة «فولكسفاغن» الألمانية وشريكها الصيني «فاو» بتهمة التوافق على الأسعار، كما يستهدف التحقيق شركة «دايملر». وتعتبر الشركات الأجنبية لانتاج السيارات نفسها مستهدفة في شكل خاص، وسيكون الموضوع على جدول أعمال اللقاءات بين مركل ولي، كما أعلن السفير الألماني في بكين ميكايل كلاوس في حديث الى صحيفة «ساوث تشاينا مورنينغ بوست» أخيراً. وأضاف: «لن يعود هناك استثمارات أجنبية في الصين إلا في سياق إطار قانوني قوي وواضح وشفاف». وقال رئيس لجنة آسيا والمحيط الهادئ في الاتحادات الاقتصادية الألمانية هوبرت لينهارد «برلين تطالب عموماً بالمساواة في المعاملة بين المستثمرين الألمان والصينيين في السوق الصينية، ما يعني السماح للشركات الألمانية بالاستثمار من دون شركاء صينيين». وحددت الحكومتان الألمانية والصينية هدفاً يقضي برفع المبادلات التجارية بينهما إلى 200 بليون يورو العام المقبل. وتراجع نمو الصادرات الألمانية إلى الصين في السنوات الماضية إلى 0.4 في المئة فقط بين عامي 2012 و2013، نتيجة تفضيل عدد كبير من الشركات الألمانية الإنتاج محلياً. وتعتزم «فولكسفاغن» استثمار 18 بليون يورو في الصين بحلول عام 2018، في حين توظف شركة «باسف» للمنتجات الكيماوية نحو ثمانية آلاف شخص في الصين، ولكن الاستثمارات الصينية في ألمانيا، التي بلغت 1.4 بليون يورو عام 2012، لا تقارن باستثمارات ألمانيا في الصين التي تبلغ 44.8 بليون بليون يورو خلال العام ذاته.