بدأ القبارصة عطلة نهاية أسبوع طويلة مجدداً، على أمل أن تخفف السلطات في الأيام المقبلة القيود على حركة رؤوس الأموال في مواجهة خطر انهيار القطاع المصرفي. وتزامن ذلك، مع بدء السلطات القبرصية أمس، تحقيقاً حول محو مفترض لديون حصلت عليها شخصيات سياسية على الجزيرة، بعدما نشرت الصحافة قائمة بقروض حصل عليها هؤلاء ولم تسدد. وأكد الناطق باسم الحكومة خريستوس ستيليانيديس، أن «التحقيق سيشمل أيضاً منح قيمة قروض أو محوها أو خفضها، أو خدمات أخرى قدمتها المصارف القبرصية محلياً وخارجياً». وأوردت الصحافة اليونانية، أن «بنك قبرص» و «لايكي بنك» و «هيلينيك بنك»، شطبت ديوناً بالملايين في السنوات الخمس الأخيرة لمصلحة نواب أو أقارب لهم أو شركات مرتبطة بشخصيات سياسية». ونفى قبارصة وردت أسماؤهم على هذه اللائحة، تلقيهم أي معاملة تفضيلية أو ارتكاب جرم. وأكد رئيس بلدية لارنكا السابق اندرياس موسيوس، عدم شطب قرضه، معتبراً أنه يتعرض ل «مؤامرة». وكانت الحكومة شكلت الخميس الماضي لجنة تحقيق مكلفة تحديد المسؤوليات في أزمة المصارف. ولفت النائب ماريوس مافريديس من حزب «ديسي»، إلى أن اللجنة «ستنظر في القروض المثيرة للجدل، وستُناقش هذه الأسبوع المقبل في البرلمان، فضلاً عن قائمة أسماء أفراد نقلوا أموالهم خارج قبرص في الشهرين الماضيين». وسيكون غداً الإثنين يوم عطلة للأسبوع الثالث، إذ ستحتفل قبرص هذه المرة بذكرى بداية الثورة المسلحة على الانتداب البريطاني في الأول من نيسان (إبريل) 1955، الذي أدى إلى استقلال الجزيرة عام 1960. وبمعزل عن يوم العطلة، يبقى النشاط الاقتصادي معقداً بسبب القيود المشددة المفروضة على حركة رؤوس الأموال، إذ لا يُسمح بسحب الأموال سوى للصفقات التجارية العادية بالنسبة إلى الشركات، والتي تصادق عليها لجنة مستقلة، فيما حُدّدت السحوبات لكل فرد بمبلغ ثلاثمئة يورو في اليوم، وعدم تجاوز المدفوعات ببطاقة الائتمان في الخارج مبلغ 5 آلاف يورو شهرياً، في وقت تبقى التحويلات المصرفية مستحيلة إلى الخارج ومحدودة إلى قبرص ذاتها. ومُدد العمل بالمرسوم الذي يفرض هذه التدابير خمسة أيام إضافية، بعدما كانت المدة أربعة أيام لدى صدوره الأربعاء الماضي. وأعلن البنك المركزي القبرصي، «إعادة النظر في التدابير على أساس يومي لتعديلها أو تخفيفها». كما تنتظر قبرص إيضاحات عن مصير المبالغ التي تفوق قيمتها مئة ألف يورو والمجمدة في «بنك قبرص» مع 18.5 بليون يورو من الودائع، التي ستخضع لضريبة في مقابل الحصول على خطة إنقاذ دولية في بروكسيل. وتجري مفاوضات حول مصير الحسابات التي تتجاوز مئة ألف يورو، لاتخاذ قرار في شأن إعفاءات، إذ تبدو أموال تقاعد أصحاب الأجور أو الأموال الأوروبية في مأمن، لكن البلديات حذرت من إبقاء ودائعها مجمدة، وربما تفقد القدرة على الاضطلاع بمسؤولياتها مثل «جمع القمامة». وكشفت الصحافة المحلية، عن «لجوء الكنيسة الأرثوذكسية النافذة في قبرص إلى القضاء، في مسعى إلى منع أي مصادرة لأرصدتها في «بنك قبرص». ودعا رأس الكنيسة المونسنيور خريسوستوموس، إلى الخروج من منطقة اليورو»، وطالب بذلك رئيس البرلمان الاشتراكي ياناكيس اوميرو، لكن الرئيس نيكوس اناستاسيادس رفض هذا الاحتمال، مؤكداً «عدم الدخول في تجارب محفوفة بالمجازفات تضع مستقبل بلادنا في خطر». وعن نسبة الاقتطاع ومدة العمل بالقرار، كشف مافريديس في حديث إلى وكالة «فرانس برس»، أن العمل «لا يزال جارياً لاحتساب نسبة الاقتطاع من الودائع المصرفية التي تزيد على 100 ألف يورو، وحُددت حتى الآن ب 37.5 في المئة، وربما تصل إلى 60 في المئة». ولفت إلى أن «كل المبالغ التي تزيد على 100 الف يورو والمودعة في «بنك قبرص» مجمدة، وستبقى كذلك لأسابيع». وأشار إلى أن هذه الاقتطاعات «ستُعوّض بأسهم في المصرف، فيما ستُجمّد نسبة إضافية ب 22.5 في المئة لمدة 90 يوماً». وقال إن «نسبة ال 40 في المئة المتبقية، ستوضع في حساب مجمد لستة أشهر لمنع الأشخاص من سحب كل أموالهم، وستعود في النهاية إلى أصحابها». وأكد أن هذه الأموال «ليست ضائعة، لكن ستطرح مشكلة للمؤسسات، التي لن تتمكن من الوصول إلى رؤوس أموالها». وتوقع الخبير والمسؤول في «بنك قبرص» ماريو سكنداليس، أن «يبلغ الاقتطاع نسبة 40 في المئة أو أكثر». وفي هذا الإطار، حذّر معهد المالية الدولية من أن يبقى الخروج من منطقة اليورو «احتمالاً حقيقياً»، خصوصاً أن الاقتصاد سيشهد «تدهوراً كبيراً»، مع انكماش قد يصل إلى 20 في المئة في العامين المقبلين. وفي ظلّ هذه الظروف، سعت الحكومة إلى خفض أسعار الكهرباء المرتفعة جداً في الجزيرة. وأعلنت شركة الهاتف نصف الحكومية «سيتا»، أن الاتصالات من الهاتف الثابت وإليه وإلى الخليوي عبر شبكتها «ستكون مجانية في نيسان (ابريل) المقبل، كما ستمنح تسهيلات بالدفع للزبائن الذين يمرون في صعوبات». وفي موقف يسعى إلى طمأنة المودعين في منطقة اليورو بعد تكاثر الحديث عن انتقال النموذج القبرصي إلى قطاعات مصرفية أخرى فيها، أكد وزير المال الألماني فولفغانغ شيوبله، أن المدخرات في منطقة اليورو «آمنة»، معتبراً أن قبرص «حالة خاصة، وأكد ثقته في «قدرة قبرص على تسديد قيمة المساعدة بالكامل».