توصلت قبرص ليل الأحد - الاثنين إلى اتفاق مع ترويكا المانحين يجنبها الإفلاس والخروج من منطقة اليورو، لقاء خسائر فادحة لدائني اكبر مصارف الجزيرة وتصفية ثاني اكبر مصارفها. وبعد أسبوع على محاولة أولى فاشلة نصت على فرض ضريبة على كل الودائع المصرفية في البلاد، عدل الاتحاد الأوروبي والمصرف المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي بنود الاتفاق ليراعي القواعد الأوروبية، فاستُبعِدت أي ضريبة على الودائع التي تقل عن مئة ألف يورو. ويعد الاتفاق مكلفاً لودائع الأجانب غير المقيمين وغالبيتهم من روسيا. وسيصفَّى بنك «لايكي» فوراً حيث سيخسر المودعون الودائع التي تفوق قيمتها 100 ألف يورو إذ تضمن قوانين منطقة اليورو الودائع حتى 100 ألف يورو. وسينجو «بنك قبرص» لكنه سيتعرض لإعادة هيكلة. ويملك المصرفان 80 في المئة من الأصول المصرفية في قبرص. ويقدر أن تدر الضرائب على الودائع الكبيرة 4.2 بليون يورو في مقابل الحصول على حزمة مالية بقيمة 10 بلايين يورو تحتاج إليها قبرص لمعالجة مشكلات اقتصادية فادحة، أبرزها تعثر مصارفها بسبب انكشافها على ديون اليونان. وقال رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو إن قبرص «كانت على حافة الهاوية» قبل الاتفاق، محذراً القبارصة من «أن إنقاذ النظام المصرفي سيكون مكلفاً» إذ سيجب عليهم التخلي عن «النموذج الاقتصادي القبرصي» الذي اعتمد على الودائع الخارجية البالغة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي. وتمثل الودائع الروسية الجزء الأكبر من ودائع المصارف القبرصية. ويصف كثيرون اقتصاد قبرص بأنه «اقتصاد كازينو»، في إشارة إلى ما ينسب إلى الجزيرة من نشاطات تبييض لأموال شبكات المافيا الروسية وغيرها. وأكد باروزو أن رئيس قبرص نيكوس اناستاسياديس «قبِل تولي جهات متخصصة مستقلة تقويم نشاطات التبييض المزعومة». وقال وزير المال القبرصي ميخائيل ساريس إن الاتفاق «ينقذ البلاد من كارثة». وقال المفوض الأوروبي للشؤون المالية اولي ريهن: «نظراً إلى عمق الأزمة المالية في قبرص، ستكون المرحلة المقبلة صعبة للغاية للقبارصة». وأعلنت المفوضية ألأوروبية تشكيل لجنة خاصة ستعمل على تقديم الدعم التقني للحكومة القبرصية في مجالات التنافسية والتشغيل واستعادة النمو. ويعد الاتفاق الثاني بعد اتفاقٍ ولد ميتاً، أصدره مجلس وزراء المال لدول منطقة اليورو في 15 آذار (مارس) وأثار غضباً شديداً في صفوف الرأي العام أدى إلى رفضه من قبل برلمان قبرص. وقضى الاتفاق الأول بفرض ضرائب تصل إلى 6.5 في المئة على الودائع دون 100 الف يورو وضعف هذه الضريبة على اودائع التي تفوق 100 ألف يورو . وكان الاتفاق بمثابة أمر ب «السطو» على مدخرات أبسط المواطنين وأكبر الأثرياء والمتهربين الأجانب من الضرائب على حد سواء. واضطرت المصارف إلى إقفال أبوابها الأسبوع الماضي للحؤول دون سحب المودعين أموالهم. ويتوقع أن يهرع المدخرون إلى شبابيك المصارف وآلات السحب على رغم استثناء الودائع دون 100 ألف يورو من الضرائب في الاتفاق الأخير. ديسلبلويم وقال رئيس مجموعة مجلس وزراء المال لمنطقة اليورو يوروين ديسلبلويم في نهاية الاجتماع فجر أمس: «وضعنا حداً للغموض الذي ساد قبرص ومنطقة اليورو على مدى الأسبوع الماضي». وكان المصرف المركزي الأوروبي ربط مد المصارف القبرصية بالسيولة العاجلة بتصفية «لايكي» المشتبه بامتلاكه أصولاً «مسمومة» سيُعمَل على التخلص منها. ورأت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد أن الاتفاق «يضمن حلاً مستديماً». وقالت إن «تقييد حجم المصارف في قبرص سيمكن البلاد من التحكم في الدين السيادي فلا يتجاوز 100 في المئة من الناتج وهذا أحد الشروط الرئيسة» للصندوق كي يساهم في خطة الإنقاذ. وستحصل قبرص على القسط الأول من القروض في أيار (مايو) المقبل. وانفجرت عبوة ناسفة يدوية الصنع ليل الاحد أمام فرع ل «بنك قبرص» في جنوب الجزيرة ما تسبب بأضرار طفيفة. وكل المصارف في قبرص مغلقة منذ 16 آذار وستظل كذلك حتى صباح اليوم على اقرب تقدير. ومن مويكو، نقلت وكالة «فرانس برس» عن رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف قوله ان روسيا ستدرس عواقب الاتفاق المبرم في بروكسيل بين قبرص والجهات الدائنة على مصالحها. وأضاف: «يجب ان نفهم ما سينتج عن ذلك وما ستكون العواقب على النظام المالي والنقدي العالمي وعلى مصالحنا». وأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السلطات المالية في بلاده بإعادة هيكلة قرض منحته موسكو لنيقوسيا وقيمته 2.5 بليون دولار.