شهدت جلسة مجلس الوزراء اللبناني التي عُقدت أمس برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سجالاً جديداً حول الموقف الذي أعلنه وزير الخارجية عدنان منصور في مؤتمر وزراء الخارجية العرب في القاهرة الأسبوع الماضي، ودعا فيه الى إلغاء قرار تعليق عضوية سورية في الجامعة العربية والذي اعتبره رئيس الجمهورية ميشال سليمان وميقاتي خروجاً على سياسة النأي بالنفس حيال الأزمة السورية. وانتهت الجلسة التي غاب عنها منصور لوجوده مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان في جولته الأفريقية، بالاكتفاء بإعلان ما قاله ميقاتي خلالها عن وجوب التزام سياسة النأي بالنفس. وتركز السجال الذي تخللها على رفض بعض الوزراء الانتقادات التي تعرض لها الوزير منصور ومحاسبته من رئيس الحكومة، بينما قال ميقاتي إنه لن يرد على تناول موقفه و «أتكلم بالسياسة العامة والخطوط العريضة فقط». لكنه شدد على أن «هذه المسألة دستورياً، هي من مسؤوليتي ومسؤولية رئيس الجمهورية». وكان ميقاتي افتتح الجلسة بإثارة مداخلة منصور في الجامعة العربية فأكد ضرورة تحييد لبنان و «التقيد بدعوة الرئيس سليمان الى التزام إعلان بعبدا وأن آراء مختلف القوى السياسية لا تلزم الحكومة أو تبدل من ثوابتها». وقال: «ما يدور حولنا لا يسمح لأي منا بأن يبدي رأياً شخصياً يشكل ثغرة ملتبسة تسمح بالتشكيك بصدقية الحكومة». وقالت مصادر وزارية ل «الحياة» إن الوزيرين نقولا فتوش وعلي قانصو تصدرا الدفاع عن منصور، وأن الوزيرين علي حسن خليل ومحمد فنيش، تبنيا ما أورده فتوش وقانصو عن أن «السياسة الخارجية يرسمها مجلس الوزراء مجتمعاً ومخاطبة الوزير باتهامه بالخروج على سياسة الحكومة ومن خلال توجيه رسالة إليه من ميقاتي ليست هي السياسة المعتمدة في المخاطبة». ولفتا الى أن هناك قضايا عدة في حاجة الى نقاش في مجلس الوزراء إضافة الى إعادة ترسيم السياسة الخارجية انسجاماً مع سياسة النأي بالنفس. ونقلت المصادر عن فتوش قوله إن الوزير سيد وزارته وإن من يحاسبه على أقواله وأفعاله هو مجلس الوزراء مجتمعاً وليس أي مسؤول آخر، مستغرباً الأسلوب الذي لجأ إليه ميقاتي. وقال فتوش، لميقاتي: «الوزير لم يخالف الأصول وهو ليس تلميذاً في المدرسة ولا يجوز أن تخاطبه كما فعلت، خصوصاً أن لا صلاحية لرئيس مجلس الوزراء على الوزير وهو لم يرتكب أي خطأ في المضمون ولا في السياسة. دافع عن مصلحة لبنان بدلاً من أن نغرق بلدنا في مزيد من المشكلات التي تؤثر في الاستقرار، إضافة الى أن هناك اتفاقيات معقودة بين البلدين لا بد من احترامها». وأيد قانصو ما قاله فتوش مضيفاً: لا نستطيع أن نراعي الدول العربية على حساب مصلحة لبنان وأن نسير معها في موقفها من سورية». وأوضحت المصادر أن ميقاتي رد على قانصو وفتوش بأن منصور «تسلّم رئاسة مجلس الجامعة العربية من منطلق النأي بالنفس، واتبع هذا الموقف الى أن جاءت مداخلته الأخيرة ملتبسة في لحظة إقليمية ملتبسة». وأكد أنه «لم يُطلع الرئيس سليمان على الموقف ولم يتشاور معي». واعتبر ميقاتي أن سياسة النأي بالنفس تعود الى ثلاث اعتبارات: العلاقة السياسية والجغرافية مع سورية، الانقسام السياسي الداخلي، وضع اللبنانيين في الخليج العربي، وهذه أولوية. وردّ الوزيران من «جبهة النضال الوطني» النيابية غازي العريضي ووائل أبو فاعور، بالقول إن موقف ميقاتي كان في محله وينسجم مع سياسة النأي بالنفس وكل ما هو وارد في «إعلان بعبدا» بتحييد لبنان عن تداعيات الأزمة في سورية. ومن غير الجائز لوزير الخارجية أن يقول ما قاله في القاهرة وهو بموقفه من النظام السوري خالف الموقف الرسمي». وقال أبو فاعور إن منصور لم يقف عند حد مخالفته الموقف الرسمي بل وضع منبر وزارة الخارجية بتصرف السفير السوري علي عبدالكريم علي (الذي) يستخدم هذا المنبر لشن هجومه على أطراف لبنانيين. وتحدث العريضي عن تعريض كلام منصور مصالح لبنان واللبنانيين للخطر عبر كلامه. ورد على رفض وزراء 8 آذار الخضوع للضغط بالقول: «هل حين نتحدث مع الهيئات الدولية ونواجه الحملة على المصارف نخضع لضغطها وشروطها أم ندافع عن مصلحة لبنان ومصارفه والمتمولين اللبنانيين. أما في شأن دول الخليج فنحن أضررنا بأنفسنا سياسياً ومالياً وسياحياً ووجهنا لهم الانتقادات ثم حاول بعضنا الذهاب الى دول أخرى لدعوة السياح منها ولم يفلح ثم عدنا الى مجلس الوزراء وطالبنا باجتماع مجلس الأمن المركزي لتطمين دول الخليج واقترحنا ذهاب وفود إليها وطلب البعض أن نناشد الرئيس سعد الحريري أن يتدخل لإقناع هذه الدول بإرسال السياح. فهل عندما نفعل ذلك نكون نسعى لتأمين مصلحة اللبنانيين والاقتصاد أم نعمل على تأييد سياسة الرئيس الحريري؟ إن الحديث عن الخضوع لضغط دول الخليج هو تخبط وارتباك هذا فضلاً عن أن جميعنا يعرف ماذا قدمت هذه الدول للبنان». وعن تحذير وزراء 8 آذار من أن يؤدي قرار الجامعة العربية تسليح المعارضة الى الضغط لفتح الحدود، قال العريضي «إن حدودنا فلتانة من النظام ومن معارضيه في الاتجاهين. والقرارات القضائية التي صدرت حول ذلك نعرفها جميعاً» (يقصد نقل الوزير السابق ميشال سماحة المتفجرات). وسأل: «أليس هناك قوى سياسية تتدخل في سورية وتعبر الحدود، هل الآن خطر ببالكم أن نضبط الحدود؟».