استدعى موقف وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور في اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب في القاهرة أول من أمس، مزيداً من الردود. وهو أكد بعد عودته أمس أنه «لم يغرد خارج السرب الحكومي»، سائلاً: «أين المشكلة في كلامي حول عودة سورية إلى حضن الجامعة العربية؟». وقال في تصريح أن «الضجيج الذي أثير حول موقفي مبرمج وممنهج من قبل كثر من السياسيين»، وقال: «كل القرارات التي اتخذتها الجامعة منذ أكثر من سنة ونصف السنة لم تؤد إلى نتيجة بينما ازدادت دورة العنف التي طاولت تأثيراتها لبنان». وقال: «خطابي حضّرته بنفسي واخترت كل الكلمات فيه»، مؤكداً أنه على تواصل مع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، وأنه يضعهم في صورة ما يحصل. وأشار وزير البيئة ناظم الخوري إلى أن «ما قاله منصور لا يعكس سياسة الحكومة»، مشدداً على أن «النأي بالنفس عن الأزمة السورية هي سياسة الحكومة ولا تزال». واعتبر وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور أن «موقف منصور لا يعبر عن موقف الحكومة بل عن رأي سياسي ما في الحكومة وبالتأكيد لا يعبر عن موقف وزراء «جبهة النضال» داخل الحكومة الذين لهم موقف معاكس تماماً». ورأى ان موقف منصور «يخالف سياسة النأي بالنفس التي تنتهجها الحكومة، ويخالف التوجيهات المعطاة له من رئيس الجمهورية ميشال سليمان بالتشاور مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي». وقال: «عندما اتخذ منصور هذا الموقف هل تذكّر ما يتعرض له الشعب السوري من قبل النظام من اعمال قتل وتدمير وتهجير ومعاناة؟ وهل فكّر باللبنانيين الموجودين في دول الخليج العربي وما يمكن ان يتعرضوا له بسبب مواقف لبنانية تضعه في موقع متعارض مع اخلاقياته وكل المجتمع العربي وهل فكر بمئات آلاف النازحين السوريين وحاجات الدولة للقيام بواجباتها تجاههم؟». ودعا في مؤتمر صحافي، إلى «وضع استراتيجية لمعالجة وضع النازحين السوريين الذين بدأ يتزايد عددهم وسيصل إلى مليون نازح في نهاية هذا العام». ولفت وزير الدولة أحمد كرامي إلى أن «الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي لم يكونا على علم بهذا الموقف وفق ما ورد في الصحف، وبالتالي يكون موقف منصور مخالفاً لسياسة النأي بالنفس التي تعتمدها الحكومة وهذا أمر غير جائز»، مشيراً إلى أن «ميقاتي خارج لبنان وعندما يعود سيتّخذ الموقف المناسب، وأعتقد أنه سيؤكد رفض هذا الموقف». تصحيح الموقف وطالب النائب بطرس حرب في تصريح، الحكومة ب «اتخاذ موقف علني برفض موقف منصور، وتصحيحه بموقف صادر عن مجلس الوزراء ينسجم مع سياسة النأي بالنفس ولا يتناقض مع الشعور الوطني العام الرافض عمليةَ القتل التي يمارسها النظام السوري ضد شعبه تحت طائلة اعتبار الحكومة مسؤولة عن هذا الموقف»، مستغرباً هذا الموقف الذي «ناقض موقف رئيس الجمهورية ميشال سليمان وموقف الحكومة ككل». وتخوف «من أن يكون منصور محصناً بدعم القوى السياسية التي تشكل أكثرية مجلس الوزراء من «التيار الوطني الحر» و «حزب الله» وحركة «أمل»، وألا يكون قلقاً من محاسبة قد يدعو إليها رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة». «أسوأ وقت» وقال النائب مروان حمادة ل «صوت لبنان»: «العتب الكبير والغضب على وزير الخارجية أنه اختار أسوأ وقت في تاريخ لبنان ليعبر عن أسوأ موقف تجاه القضية السورية»، معتبراً أن منصور «نسف كل قرارات الحكومة في وداعه رئاسة جامعة الدول العربية وكأنه يقول سياسة الحكومة شيء وسياستي شيء آخر وهي تعبر عن منحى سوري - إيراني ممثل في شكل واسع في الحكومة اللبنانية». وأكد عضو كتلة «المستقبل» النيابية سمير الجسر أن «تصريح منصور خروج على سياسة الحكومة، وتمرد عليها لأن رئيسها أكد أنه متمسك بالنأي بالنفس وكلام منصور إدخال لبنان في وضع غير سليم، وله انعكاسات سلبية علينا». وعما يمكن فعله، قال: «يمكن اقالته، وهذا يلزمه موافقة عشرين وزيراً»، معتبراً أن «في هذا امتحاناً لميقاتي لتأكيد ما إذا كان يمتلك القدرة على إقالة الوزير أم لا». ولاحظ عضو الكتلة ذاتها جمال الجراح، في حديث إلى «إذاعة الشرق»، أن منصور «يمارس الدور الذي يريده له المحور الإيراني - السوري أن يعبر عنه، ولذلك أصبح وزير خارجية النظام السوري وليس لبنان». ودعا عضو «الجماعة الإسلامية» النائب عماد الحوت في تصريح رئيس الحكومة إلى «عدم الاكتفاء بتصريحات صحافية يؤكد فيها سياسة النأي بالنفس للحكومة، وإنما بالمبادرة إلى ترجمة هذه السياسة ببيان رسمي يصدر عن الاجتماع المقبل للحكومة، وكف يد وزير الخارجية عن تمثيل الدولة في أي اجتماع خارجي ما دام مستمراً في مخالفة موقف الحكومة». رعد وفي المقابل، رأى رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية محمد رعد في تصريح، أن «ما تضمنته كلمة الوزير منصور، يعبِّر بكل دقة ومسؤولية وطنية وقومية عن الموقف الرسمي اللبناني الذي أقرته الحكومة لجهة النأي بالنفس عن التورط في الأزمة السورية، وحض جميع الأطراف على اعتماد حل سياسيٍ يحفظ وحدة سورية ويحقق استقرارها ويلبي متطلبات شعبها من دون أي تدخل خارجي في شؤونها». وأكد «أن الكلام الواضح وغير الموارب الذي قاله وزير الخارجية ينطوي على إيجابية وحرص كبيرين تجاه دول المنطقة العربية كلها وتجاه مصالح شعوبها التي تتضرر نتيجة استمرار النزف التدميري الذي يضعف سورية والبلدان العربية ولا يستفيد منه إلا أعداء الأمة»، معتبراً «أن تحامل بعض المعارضين في لبنان على منصور، ترجمة مفهومة للتعهد الذي تلتزمه المعارضة ضد الدولة نكاية بالحكومة، ومن أجل مآرب سلطوية خاصة». وقال: «فخر لبنان أن يلعب دوماً دوراً إيجابياً لمصلحة العرب مجتمعين من دون مجاملة لطرف أو افتئات على طرف آخر، والعار هو في التحريض الذي يمارسه بعض الفئويين اللبنانيين الذين ارتضوا أن يكونوا بيادق في مشروع التخريب والإجهاز على كل فرص الإصلاح والاستقرار سواء في لبنان أو المنطقة العربية».