شهدت جلسة مجلس الوزراء اللبناني في القصر الجمهوري أول من أمس نقاشاً موسعاً في الموضوع الأمني، لا سيما ما يحصل في عكار بالارتباط بالأزمة السورية، وبتداعيات حادثة مقتل الشيخين وما أثاره إخلاء العسكريين المتهمين بإطلاق النار عليهما من ردود فعل محتجة من أهالي المنطقة وقواها السياسية ومطالبتهم بإحالة القضية على المجلس العدلي. وكذلك موضوع «داتا» الاتصالات الذي عاد إلى البروز مع محاولة اغتيال النائب بطرس حرب. وكان البارز في الجلسة تفهم رئيس الجمهورية ميشال سليمان لاعتراض أهالي عكار على إطلاق العسكريين المتهمين، وكذلك الوزير علي حسن خليل في مقابل رفض وزراء «8 آذار» طلب إحالة القضية على المجلس العدلي بحجة الحفاظ على هيبة المؤسسة العسكرية والدولة. وفيما أكد الرئيس سليمان أن لا وجود لمعسكرات في الشمال تابعة ل «الجيش السوري الحر»، قدم الوزير غازي العريضي مطالعة مطولة رد فيها على استحضار وزراء 8 آذار، لا سيما وزراء «حزب الله» و»تكتل التغيير والإصلاح» أحداث جسر المطار وحي السلم ومار مخايل التي لم تحل على المجلس العدلي، كما طرح إشكاليات التعاطي مع منطقة عكار ونقل لواء من الجيش من الجنوب أو غيره إلى الشمال والاحتمالات والمحاذير المترتبة على ذلك. استهل سليمان الجلسة متحدثاً عن المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان بسبب الظرف الاستثنائي الذي تشهده المنطقة، ما يتطلب بذل أقصى الجهود لتجاوزها. وتوقف أمام التهديدات الإسرائيلية المستمرة للبنان والاضطرابات على الحدود اللبنانية السورية وردود الفعل على إخلاء سبيل 3 ضباط و5 عسكريين في قضية مقتل الشيخين في بلدة الكويخات في عكار، من قطع للطرقات وظهور مسلح في بعض البلدات ومطالبة بإحالة هذه القضية على المجلس العدلي. ولفت سليمان الى عودة مسلسل الاغتيالات من خلال محاولة اغتيال النائب بطرس حرب وعدم إعطاء حركة الاتصالات «الداتا» التي طالبت بها الأجهزة الأمنية، وقال إن عدم توفير «الداتا» بالكامل يتحول الى شبهة لأنه يترك انطباعاً لدى الناس بأن هناك من يغطي على من يخطط للاغتيالات أو يُظهر الأجهزة الأمنية وكأنها غير مؤتمنة على حرية اللبنانيين، وهذا يتطلب معالجة هذه المسألة لئلا تحصل اغتيالات أو محاولات تستهدف أشخاصاً، ويتذرع البعض بأن السبب عدم إعطاء «الداتا». وتبعه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقال إن أمام مجلس الوزراء ثلاث قضايا هي المستجدات الأمنية وإعطاء «الداتا» وردود الفعل على إخلاء سبيل العسكريين في قضية مقتل الشيخين في عكار. ورأى الوزير نقولا فتوش في مداخلته، أن من غير الجائز الرضوخ لأي ضغط من الشارع لأنه يضرب هيبة الدولة، وأن إخلاء سبيل العسكريين لا يعني قانونياً أن النزاع انتهى، ويجب الحفاظ على معنويات الجيش. وقال: «يكفينا دلعاً، وأرفض الإحالة على المجلس العدلي». وحذر الوزير عدنان منصور من تفاقم الوضع في صيدا بسبب استمرار إقفال أوتوسترادها الجنوبي، وقال إن لا مجال للرضوخ للأمر الواقع على خلفية الاعتصام الذي يقيمه الشيخ أحمد الأسير. وعاد ميقاتي الى الحديث مقدراً ما قاله عدد من الوزراء حول استعمال السلطة وهيبة الدولة، وقال: «نحن في بلد في داخل العواصف، ولو كنا في وضع مغاير لذلك لأبدينا تفهماً للأمر. لكن في هذا الظرف يجب التنبه الى أن الذين لم يتمكنوا من جعل عكار منطقة عازلة يراهنون الآن على تحقيق ما يطالبون به كأمر واقع. وعندها يتداخل لبنان مع الأزمة في سورية، لهذا يجب التعاون لسحب فتيل التفجير لتبقى الدولة موجودة ونحافظ على صدقية الجيش والقضاء، ويمكن إذا رأينا الصورة هكذا ألا نصل الى إحالة القضية على المجلس العدلي». وشدد ميقاتي على ضرورة سحب الفتيل «وبعدها نفكر هنا في مجلس الوزراء في أي حل يحفظ كرامة الناس». واعتبر الوزير علي قانصو أن «هناك ضرورة لنبني على كلام رئيس الحكومة حول المنطقة العازلة»، وقال إنه كشف عن جوهر المسألة وهذا ما تطالب به جهات سياسية لإقامة ممرات آمنة، والمطالبة بإحالة أحداث عكار على المجلس العدلي ما هي إلا حجة للتذرع بتنظيم هجوم على الدولة التي يجب أن تهجم بدلاً من أن تتراجع». ورأى أن تراجع الدولة أمام اعتصام الأسير يقويه أكثر، على رغم «أننا أمام فتنة سنية - شيعية لذلك لا أساس قانونياً للإحالة على المجلس العدلي، وكانت حصلت في السابق أحداث مماثلة تحت جسر المطار في أيلول (سبتمبر) 1993، وفي حي السلم ومار مخايل ولم تُحَلْ على المجلس العدلي. إضافة الى مجزرة حلبا في أيار (مايو) 2008. وهل المطلوب أن نقطع الطرقات للضغط من أجل إحالة هذه القضية؟». وقال وزير الدفاع الوطني فايز غصن إن «التشكيك بهذه الحكومة بدأ فور تشكيلها واستمر في محاولات ضرب مؤسسات الدولة حتى وصلت الى المؤسسة العسكرية، والقول إن في الجيش قتلة يمس هيبته، ولم ينقطع من يقود هذه الحملة عن شن الهجوم تلو الآخر في وسائل الإعلام. وكأن هذا الجيش معادٍ لطائفة معينة ومحسوب على طوائف أخرى». وأضاف: «إذا أردنا التشكيك بالضابط وبسلوكيته ونطلب التدقيق في هويته على الحواجز، إنني أسأل الى أين نحن ذاهبون ولم يعد من مبرر لوجودنا والتمادي في هذا الموضوع هو كالذي ينحر نفسه». وأدلى الوزير سليم جريصاتي بمطالعة قانونية دافع فيها عن عدم إحالة قضية عكار على المجلس العدلي، وقال إن من حق المدعي العام العسكري طلب التوسع في التحقيق، على رغم أن حوادث مماثلة من جسر المطار الى مار مخايل مروراً بحي السلم لم تحل على المجلس. وسأل: «لنرى ماذا تريد الحكومة من الجيش وماذا يريد الجيش منا، وقد أخطأنا عندما أعلنا عن بدء الشهر الأمني لما ترتب علينا من انعكاسات سلبية وكان يفترض بنا أن نقدم ولا نعلم». وشرح وزير العدل شكيب قرطباوي التقنيات المتعلقة بتشكيل المجلس العدلي باعتباره أعلى محكمة استثنائية، وتبنّى ما قاله عدد من الوزراء الذين سبقوه حول عدم إحالة أحداث جسر المطار وحي السلم ومار مخايل على المجلس العدلي، محذراً من التشكيك بالجسم القضائي، مع أن إخلاء سبيل العسكريين لا يعني أن التحقيق انتهى. وسئل عن المقصود من وراء كلامه فأجاب: «طلبنا من المعنيين التوسع في التحقيق». ونبه رئيس الجمهورية بعض الوزراء ممن سألوا لماذا هذه الضجة في عكار، وقال: «لقد قتل شيخان. أليس من حق ذويهما التحرك، مع أنني أوافق على بعض ما أدليتم به». وعاد سليمان الى تذكير الوزراء بموقفه يوم كان قائداً للجيش في حادثتي حي السلم ومار مخايل، وقال: «لم أفرج عن الذين أوقفوا رهن التحقيق وأبقيت عليهم أكثر من 30 يوماً لأنه سقط شهداء، وقلت حينها في عقلي المتوازن إن المسألة تحتمل ولا بد من التريث». وسأل سليمان على طريقته هل لدى المحكمة طريقة ثانية لمراجعة قرار إخلاء السبيل، ما اعتبره الوزراء تمهيداً لما تقرر في نهاية الجلسة في هذا الخصوص. ورد قرطباوي بأن هذا الأمر يطلب من وزير العدل. لكن فتوش اعترض وقال إن هذا يشكل تدخلاً في القضاء. وتحدث الوزير وائل أبو فاعور وقال إن «بعض الذي نسمعه ما هو إلا كلام نظري ولا أعرف إذا كنا نتحدث عن لبنان أم أنا مخطئ وأسأت فهم ما يقال عن منطق الدولة وعدم تراجعها أمام الضغوط». ورفض أبو فاعور إدراج ما يقال بين منطق الدولة واللادولة. وقال: «في التسعينات أوقف الشيخ أبو حسن عارف حلاوي على حاجز للجيش، وكان رد الفعل أن المنطقة هبت احتجاجاً وقام قائد الجيش بزيارته معتذراً واضطر وليد جنبلاط أن يقسو على محازبيه وأنصاره رغبة منه بضبط الوضع ولملمة المسألة. صحيح أن سلامة الوطن من سلامة الجيش، ووزير العمل يقول إن الدولة لا تستطيع إخراج مياومين من مؤسسة تابعة لها، وأنا أسأل كيف يجب التعامل مع قضية عكار: هل بالهجوم على أهلها؟ إن هذا تبسيط للأمور وإنكار للواقع، وإخلاء سبيل العسكريين قرار خاطئ أياً كان من أوصى بإخلائهم أو تدخل. إن القرار كان سياسياً ولم يكن قضائياً بصرف النظر عن الذي توسط لأجلهم، وليس هناك من قاضٍ أو وزير أو نائب أو ضابط أهم من بلده». ولفت أبو فاعور الى أن هناك شعوراً لدى غالبية الطائفة السنية بأن الجيش يستهدفها، وأيده الوزير أحمد كرامي. وقال الوزير حسين الحاج حسن: «إذا أوقف أي مواطن في ظروف عادية تكون هناك مشكلة فكيف في ظروف غير عادية، لا أحد يقلل من أهمية ما حصل ونعرف ماذا يخطط لعكار، إن الدولة والحكومة في أضعف مراحلهما ولا يجوز أن نزيد من ضعفهما، وهل إذا أحلنا القضية على المجلس العدلي تنتهي الأمور؟». وأعطى الحاج حسن مثلاً على تدخل «حزب الله» لفتح طريق المطار، وقال: «لم تفتح الطريق لو لم نتخذ هذا الموقف، وعلى الحكومة أن تقوم بهجوم سياسي على المعارضة تحملها مسؤولية ما يجري بدلاً من أن تشن الهجوم علينا ونحن لا نتحرك. ومن غير الجائز السكوت على ما يحصل في البلد». خليل: مواجهة مع المعارضة وقال الوزير علي حسن خليل: «نحن في مواجهة مع معارضة تحاول الإفادة من الظروف الراهنة لتحسين أوضاعها، وكلما طرحنا موضوعاً تسارع الى مطالبتنا بالاستقالة. نحن أخطأنا كثيراً وأعطينا خصومنا الكثير من الأوراق وإذا وجدنا الحل لعكار وفي أفضل صيغة، فإن موقف المعارضة لن يتغير». وأضاف: «إذا لم نحوّل القضية على المجلس العدلي لا يعني أن هيبة الجيش استعيدت، وفي حال قررنا إحالتها لا يعني أن هذه الهيبة كسرت، نحن مع أي إجراء يعيد ثقة الناس بالدولة، والجيش يجب أن يدعمه، وليس من الحكمة أن نستخف بمقتل شيخين أو أن نصطدم بأهلنا في عكار التي هي كبرى حاضنات الجيش وقدمت الشهداء دفاعاً عن البلد ضد الإرهاب». واقترح خليل التوسع في التحقيق على أن يأخذ طريقه من دون أي تدخل. العريضي: كلام غير واقعي ورأى الوزير غازي العريضي «أن كلاماً كثيراً حكي في هذه الجلسة بعيداً من الواقع». وقال: «نسمع هذا الكلام في كل جلسة ونعود الى النتيجة نفسها ونقول نريد أن نفرض وجودنا وأن نتقدم وأن نحضر كدولة ونعد أنفسنا للمواجهة، لكن سرعان ما نكتشف أن الهواء في كف والماء في كف آخر، ما يعني أننا لسنا ممسكين بشيء، كما أننا نتحدث في كل مرة عن هيبة الدولة ولا نحصد إلا الخيبة وراء الخيبة. نحن في الواجهة وكلنا يتحمل مسؤولية، ويمكن رئيس الحكومة نظراً الى التركيبة الطائفية في البلد، أن يكون الأكثر تعرضاً للإحراج لأن المشكلة واقعة في بيئته وحاصلة في منطقته لكن في النهاية كلنا نتعرض الى المساءلة». وتابع: «نحن الفريق الأصغر في الحكومة، لكن الناس تسألنا ماذا نفعل ولماذا نستمر في الحكومة، وبالتالي نحن لسنا على استعداد لتغطية أعمال غير محسوبة وتحمل نتائجها، نسمع كلاماً عن العودة الى ظروف عام 1975 التي كانت وراء اندلاع الحرب الأهلية وعن حماية الجيش، وهذا واجب، لكن هل نحمي الجيش بحماية الضابط المتهم أو المرتكب؟ وهل نحمي الإدارة بحماية المفسد؟ الجيش مؤسسة فيها عناصر إذا أخطأت تحاسب وإذا تحدثنا عن ضابط هناك من يقول إننا تجاوزنا الحدود، ليقف كل واحد منهم عند حدوده ونحن السلطة السياسية في البلد». وقال العريضي: «مع أننا السلطة السياسية في البلد، فإننا أحياناً لا نعرف شيئاً ونرى أجهزة أمنية تتنافر ولا تصل الى الحقيقة. ونرى الاختلاف بين هذه الأجهزة ولا نقوى على شيء، هل نعيش في ظل نظام أمني أم نحن سلطة سياسية في نظام ديموقراطي. تحكون عن السلطة السياسية وعن ناس تستهدف المؤسسات وأنا أدافع أحياناً عن هؤلاء لأن ما قيل في هذه الحكومة في الأسبوع الماضي من داخلها ومن مكوناتها بعضهم في وجه بعض، إضافة الى اتهامات داخل الحكومة للحكومة، أصابت ثقة الناس بالمؤسسات وضربت هيبة الدولة». وسأل العريضي: «عن أي هيبة تتحدثون؟ إن ما فعلته الحكومة بنفسها هو أكبر خدمة لأي معارضة. ولماذا تلومونها وتتحدثون عن إقامة منطقة عازلة يرفضها كل العالم وجاء جون ماكين (سيناتور أميركي) الى لبنان وأشار في تصريح الى منطقة آمنة واضطر الى التوضيح بأن لبنان ليس مقصوداً». وأضاف: «إن العالم يجمع على تحييد لبنان، ونحن في المقابل نرهق بلدنا، وهيبة الجيش لا تمس إذا كانت هناك محاسبة، ولا تتكرس ما لم نحاسب، البعض تحدث عن تحرك في منطقة معينة على رغم أن التحركات حصلت في مناطق عدة، وتتحدثون عن مشكلة في عكار، أطلب منكم أن تحترموا عقولنا وذاكرتنا، لم يكن الدم قد جف في ذاك اليوم وسمعنا من البعض منا وفي الخارج كلاماً فيه أنهم لا يقبلون بمحاكمة أحد». وسأل العريضي: «ماذا نقول لأهل عكار عندما نخاطبهم بهذه الطريقة وقبل أن يبدأ التحقيق وتصدر النتائج؟ وهل الإصرار على رفض المحاكمة يحفظ هيبة الدولة أم يسقطها في حال عدم الوصول الى الحقيقة؟ لماذا الاختباء وراء أصابعنا، هذا الكلام قيل وسمعنا أكثر منه، لقد حصل تدخل لدى القضاء وكنا تناقشنا خارج القاعة ورأينا أن ثمة خطأ في إطلاق الضباط والعسكريين، وكلنا يعرف كيف صدر القرار وكيف حصل التدخل في القضاء، ونأتي الى هنا ونتغنى بشعار عدم التدخل، ولماذا نلوم أهالي الموقوفين في بعبدا ولماذا نلوم أهالي الموقوفين في سجون أخرى ونحن نفرج عن العملاء؟ ولماذا حصل ما حصل مع شادي المولوي ووسام علاء الدين هذه كلها حقائق نحن تسببنا بها». وتوقف العريضي أمام استحضار عدد من الوزراء أحداث جسر المطار وحي السلم ومار مخايل في معرض تبرير رفضهم إحالة مقتل الشيخين في عكار على المجلس العدلي، وقال: «سمعنا كلاماً كثيراً عن هذه الأحداث. السوري كان في البلد أثناء حادثة جسر المطار والمسألة عولجت في حينها سياسياً وكنا في ظرف إقليمي حساس، أي بعد أيام من توقيع اتفاق أوسلو وكل الجهات المعنية دعمت الحل السياسي آنذاك». أما في شأن حي السلم، فقال العريضي: «كنت شاهداً على الأمر ومتابعاً مع السيد حسن نصرالله، وتشاء الصدف أن يكون اليوم حول هذه الطاولة رمزان كانا في موقعين آخرين، الرئيس سليمان يعرف تفاصيل ما جرى من موقعه على رأس المؤسسة العسكرية والرئيس ميقاتي من موقعه وزيراً للأشغال العامة والنقل، يومها تم الإصرار على أن تترك القضية للقاضي عدنان عضوم للتحقيق فيها، ووزع علينا تقرير قبل الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء وتوجهنا الى الجلسة لمناقشته، لكن فوجئنا بسحبه من التداول واستبدال تقرير آخر به لأن التقرير الأول لم يحظ بموافقة الجهات المعنية. فهل تعرفون هذه الحقائق؟»، والتفت العريضي الى أمين عام مجلس الوزراء الدكتور سهيل بوجي وقال له: «وزع محضر هذه الجلسة على الشباب». وأضاف العريضي: «وبالنسبة إلى مار مخايل، فالأمر متروك إلى فخامة الرئيس الذي كان في حينه قائداً للجيش، وأذكر أنه لم يقل إن المحاكمة ممنوعة ولم يذهب إلى محاكمة ظالمة ونجح في استيعابها سياسياً. فلماذا نتصرف اليوم بطريقة أخرى، هذه الأمور لا تعالج بهذه الطريقة ولا بد من العمل على مسارين سياسي وقضائي. الأول يتطلب الانفتاح والتعاطي المباشر من أبناء عكار ونوابها، وللأسف لم يتحدث أحد معهم في السياسة وقيل لهم ممنوع المحاكمة وعليهم القبول بذلك. أي دولة تتعاطى مع أهلها هكذا وهم من منطقة قدمت الشهداء؟». ولفت العريضي إلى أنه مضى 50 يوماً ولم يتم الاتصال بنواب عكار وذوي الشيخين. وقال إن «أول مسؤول يتحدث معهم هو رئيس الجمهورية الذي يخبركم عن أجواء اللقاء مع النواب». أما في المسار القضائي فأكد العريضي أن «أحداً لا يطلب من مجلس الوزراء إصدار بيان حول ما إذا أدى التوسع في التحقيق إلى إعادة توقيف بعض من أخلي سبيلهم، لأن التوسع إذا أدى إلى التوقيف فهذا أمر طبيعي ولا يجوز أن يأتي أحد ويعترض على التوقيف. ونحن لا نوافق على من يقول اذهبوا واستخدموا هيبتكم فهذه سياسة تأخذنا إلى مكان آخر». وتحدث سليمان عن اجتماعه مع نواب عكار وقال: «في الحقيقة قلت لهم أنا أضمن لكم العدالة وإن كانوا يفضلون إحالتها على المجلس العدلي، وهم أيدوا كلامي». باسيل و «الجيش الحر» وهنا تدخل جبران باسيل وأثار مسألة ما تردد عن وجود 5 معسكرات في الشمال للجيش السوري الحر، وقال: «هذه المعسكرات لم تكن لتوجد لولا الفلتان وعدم ضبط النازحين السوريين. ومهما قدمنا في موضوع عكار فإن المسألة لن تنتهي لأنهم يريدون إصدار حكم فيها». وقال ميقاتي الذي دعا إلى أن تؤخذ القضية في الاعتبار: «لقد قتل شيخان، أحدهما أصيب في رأسه من بعد 70 سنتم، أنا ابن الدولة وعواطفي مع الجيش، لكن خذوا مصلحة لبنان. وهنا لا أحكي كلاماً طائفياً ولا تضطروني إلى قول كلام آخر، نعرف أن لدى البعض غايات لكن يجب أن نظهر للرأي العام أن شيئاً حصل وأدى إلى مقتل شيخين. أرجو احترام شعورنا وتقدير الوضع في المنطقة». وتحدث الوزير محمد فنيش عن التحريض السياسي ضد الجيش والقضاء وقال إن «هذا الأمر بدأ يأخذ البلد إلى الخراب ولا نريد أن نعطي أوراقاً للآخرين، بل يجب أن تظهر الدولة هيبتها وأن تبسط سلطتها على الحدود وتمنع الفلتان الحاصل في هذه المنطقة». ثم انتقل البحث في مجلس الوزراء إلى نشر الجيش بكثافة على الحدود الشمالية في عكار، وكان لسليمان موقف استبق طرحه في الجلسة بلقاءات مع قادة الأجهزة الأمنية. ونقل الوزراء عن سليمان قوله إن الجيش سيضطر إلى سحب لواء من منطقة الجنوب أو من منطقة أخرى لتكثيف انتشاره شمالاً، مشيراً إلى أنه بحث في الأمر مع قائد الجيش العماد جان قهوجي وناقشه مع قيادة «يونيفيل» مؤكداً أنه لن يقدم على مثل هذه الخطوة إلا أن يستكمل البحث فيها. ورد حسن خليل قائلاً: «لا أحد يعترض على الأمر لكن لا بد من معرفة تأثير ذلك في تطبيق القرار 1701 في حال تقرر سحب لواء من الجيش من منطقة العمليات المشتركة في جنوب الليطاني وهل من جدوى لهذه الخطوة طالما نحن نتحدث عن دعم الجيش القوات الدولية». وأكد سليمن أن قرار سحب لواء من الجنوب سنغطيه مع «يونيفيل»، فرد حسن خليل قائلاً: «نخشى أن يقحم الجيش في تجاذبات سياسية تؤدي إلى تعطيل دوره وبالتالي نأمل بألا يحصل ما حصل مع بداية تطبيق الشهر الأمني». وأكد فنيش أن الجميع مع تعزيز انتشار الجيش في الجنوب، لكن الأخطر في هذه القضية أن لا يكون القرار واضحاً، اليوم نرى الجيش السوري يدخل إلى الأراضي اللبنانية كما نرى مجموعات مسلحة تدخل إلى الأراضي السورية. وهل إذا تصدى لهذه المجموعات سيحصل رد فعل، وكيف سيكون الوضع؟ لذلك لا بد من قرار واضح، خصوصاً أننا نسمع عن وضع غير طبيعي في الشمال». سليمان: لا مخيمات وعاد سليمان إلى القول: «كم كنت أتمنى لو كنتم معنا في اجتماعي مع قائد الجيش الذي طمأننا إلى أنه لا يوجد تحرك غير طبيعي في وادي خالد، وكنت سمعت كلاماً عن وجود معسكرات للمعارضة السورية، لكن قادة الأجهزة الأمنية أكدوا لي أن هذه المعسكرات غير موجودة». وقال العريضي: «هذا يفرض علينا سحب لواء من الجنوب أو من الداخل وإذا حصل أي حادث في الداخل أو في الجنوب ماذا نفعل، وكيف سيتم التعاطي؟ لذلك أسأل لماذا إرسال الجيش وما هو دوره؟». وأوضح سليمان قائلاً: «كلما سقطت قذيفة داخل الأراضي السورية سألوا في عكار أين الجيش». وعلق العريضي: «يعني انتشاره لمنع إطلاق القذائف». وهنا تدخل قانصو وسأل: «هل سيرد الجيش على إطلاق القذائف من داخل الأراضي السورية؟». ورد سليمان مؤكداً أن الجيش يرد لكنه في الوقت نفسه سيمنع التدخل من داخل الأراضي اللبنانية كما تم الاتفاق على طاولة الحوار. وعاد العريضي إلى السؤال: «إذا انتشر الجيش بكثافة وحصل قصف من داخل الأراضي السورية ولم يرد الجيش على مصدر النيران ماذا سيقول الأهالي وهم الذين يطالبون به لحمايتهم. وإذا لم يحصل رد سيصابون بخيبة أمل. لذلك يجب التنبه إلى هذه المسألة». ورأى العريضي «أن إرسال لواء من الجيش إلى الشمال يفترض أعلى درجات الانضباط والتحصين الداخلي كي لا يحصل فلتان في الداخل ويكون الجيش قادراً على ضبط الوضع في موازاة حمايته الحدود في عكار». ثم سأل العريضي عن المعلومات المتناقضة عن الوضع الأمني في الشمال خصوصاً أن الجيش ينفي وجود معسكرات للمعارضة السورية، وهناك وزراء يؤكدون وجودها فهل من هو أهم من رئيس الجمهورية ليدحض ما يؤكده قادة الأجهزة بعدم وجود معسكرات. وأكد سليمان مجدداً أن لا معسكرات. لكن فنيش قال إن بعض وسائل الإعلام من محلية وأجنبية أكد وجود معسكرات للمعارضة السورية. وأجاب سليمان: «إن قادة الأجهزة الأمنية يقولون إن هذا كذب وإن لا أساس له من الصحة». لكن الوزير فيصل كرامي دخل على خط الأسئلة ولفت إلى أن بعض وسائل الإعلام يقول عكس ذلك. ودعا سليمان من يريد من الوزراء التوجه إلى قيادة الجيش ليضعوا ما لديهم من معلومات لدى العماد قهوجي وليسمعوا ما أقوله بعدم وجود معسكرات. ودخل الوزير باسيل على الخط وكرر ما قاله فيصل كرامي من أن بعض وسائل الإعلام تحدث عن وجود معسكرات. ورد سليمان: «قلت لكم من قبل وأكرر الآن إن هذه المعلومات غير صحيحة وأنا دقيق في كل ما أقوله، ولا توجد قواعد أو معسكرات لوجيستية وقد يكون هناك وجود لأفراد، خصوصاً أن العماد قهوجي قال أخيراً لم نذهب إلى مكان في عكار ووجدنا فيه قاعدة عسكرية». «الداتا» وناقش مجلس الوزراء في مسألة توفير حركة الاتصالات «الداتا» للأجهزة الأمنية وعاد سليمان إلى تأكيد أن من غير الجائز أن نزرع في أذهان اللبنانيين أن كل ما يحصل بسبب عدم إعطاء «الداتا» ولهذا يجب أن يحسم الأمر. وتدخل الوزير نقولا صحناوي بعرض تقني لمسألة «الداتا» فيما تبنى ميقاتي موقف سليمان بينما سأل قانصو: «لماذا يريدون «الداتا» مع أنها كانت متوافرة في السنوات الماضية ولم يتمكنوا من اكتشاف جريمة، وأن ما يهمهم وضع اليد على المعلومات وكانت «الداتا» معهم في حكومات الوحدة الوطنية. ورأينا ماذا فعلوا؟ وقال العريضي: «إننا في دولة تستدعي منا الخروج من عقدة الماضي وأن لا نكون أسرى الموقف من جهاز أمني معين ورئيسه أي العميد وسام الحسن الذي هو على رأس فرع المعلومات من أكفأ الضباط، وكلامي قد لا يعجب الكثيرين وهذه الحقيقة، مع أنه تابع للدولة كما هي الحال في كل الأجهزة الأمنية وإذا نجح أي رئيس لجهاز أمني نقدر إنجازه وإذا أخطأ نحاسبه». وأكد العريضي أنه لا يؤيد من يسأل عما فعله هذا الفرع يوم كانت «الداتا» معه ولم يفعل شيئاً، وقال: «حرام أن نضيع إنجازات الدولة في كشف شبكات التجسس وتوقيف العملاء. هذا إنجاز لحركة الاتصالات ولكل جهاز أمني نجح في هذا المجال. ناهيك بأن فرع المعلومات سلم في مرحلة معينة للمقاومة ولسورية معلومات أمنية انطلاقاً من (الداتا)». وقال العريضي: «تتحدثون عن السنتين الماضيتين عندما كنا في حكومات وحدة وطنية ولم يكن الحدث السوري حصل آنذاك، أما بعد الذي حصل فهناك مخاوف من عودة مسلسل الاغتيالات، من محاولة اغتيال قائد «القوات» اللبنانية سمير جعجع إلى محاولة اغتيال النائب بطرس حرب ويجب أن لا ننسى أن المستهدفين من لون معين والآن ماذا نفعل هل نترك البلد مكشوفاً؟». جلسة مفتوحة حتى إقرار الموازنة شدد الرئيس اللبناني ميشال سليمان خلال جلسة مجلس الوزراء التي عقدت امس في القصر الجمهوري على «أهمية اقرار مشروع قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة للعام 2012 بأسرع وقت ممكن». وقال وزير الاعلام وليد الداعوق بعد انتهاء الجلسة ان المجلس تداول في المواد الثلاثين الاولى من مشروع الموازنة، ودعا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المجلس الى الانعقاد صباح اليوم في السراي الكبيرة لمتابعة درس مشروع الموازنة، على ان تكون هذه الجلسة مفتوحة، وإذا اقر المشروع، يدعى المجلس الى الانعقاد في السراي الخميس للبحث في جدول أعمال الجلسة التي كان مقرراً انعقادها في الرابع من الجاري. واكد مواصلة «نقاش بنود الموازنة حتى إقرارها، وجلسة الغد ستستمر طيلة النهار واذا لم ننته منها سنكمل نقاشها الخميس فالاولوية لإقرارها».