وافق المصرف المركزي الهندي خلال الاجتماع الذي عقده في 29 كانون الثاني (يناير) الماضي لمناقشة السياسة الاقتصادية التي يتّبعها على خفض سعر الفائدة، في حين كان يتعرض سابقاً إلى ضغوط سياسية، خصوصاً مع قرب الانتخابات العام المقبل، لاتخاذ إجراءات أكثر دعماً للنمو الذي تراجع العام الماضي. وأشارت المحللة الاقتصادية في شركة «آسيا للاستثمار» دانا الفقير في تقرير إلى أن «خفض سعر الفائدة شكّل إشارة واضحة مفادها أن المصرف المركزي قرر تحويل تركيزه إلى دعم النمو وإن كان على حساب التضخم». وكان مؤشر أسعار الجملة «دبليو بي أي»، المقياس الأساس للتضخم في الهند، ثابتاً خلال الفترة الماضي ما يمنح المصرف المركزي مجالاً أكبر لخفض أسعار الفائدة، في حين بقي المؤشر خلال كانون الأول (ديسمبر) الماضي ثابتاً عند 7.18 في المئة، بينما كانت أسعار السلع المصنعة تنخفض بسبب ضعف قطاع الإنتاج الصناعي. ولفت التقرير إلى أن «الإنتاج الصناعي ينخفض منذ 2010 وقد يستمر على هذا التوجه ما استمر الطلب المحلي في مستوياته الضعيفة، وبما أن الأسعار الأساس تعادل ثلثي سلة أسعار الجملة فسيبقى مستوى التضخم تحت السيطرة إلى حد ما ولكنه ما زال مرتفعاً وأعلى من المعدل الذي يستهدفه المصرف المركزي والذي يتراوح بين أربعة وخمسة في المئة، ولأن مستوى التضخم كان إما ثابتاً أو متراجعاً منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي كانت الحكومة والشركات تطالب المصرف المركزي بخفض سعر الفائدة إذ إن خفض كلفة الاقتراض يساعد على جذب الاستثمارات ودعم النمو». وأشار إلى أن «المصرف المركزي الهندي يستخدم سعر الفائدة على اتفاقات إعادة الشراء، ريبو، كسعر الفائدة الأساس، وهو السعر الذي تقترض فيه المصارف الروبية الهندية من المصرف المركزي، كما يُستخدم مرجعاً للقروض بين المصارف ولحجم الودائع المطلوبة من قبلها». ويشبه مؤشر أسعار الجملة مؤشر أسعار المستهلك في أنه يقيس الزيادة السنوية في أسعار سلة واحدة من السلع، ويختلف في تركيزه على السلع المتبادلة بين الشركات بدلاً من السلع التي يشتريها المستهلكون، وذلك لأن متابعة سلع المستهلكين في الهند أمر صعب وغير دقيق. زيادة اجراءات التحفيز ومع انخفاض التضخم الذي كان ثابتاً لفترة، والأداء الضعيف للقطاعين الصناعي والتجاري، إضافة إلى العجز المالي الكبير، أدركت كل من الحكومة والمصرف المركزي ضرورة زيادة الإجراءات التحفيزية. وفيما تعيش الحكومة شللاً سياسياً، الذي يبدو أنه سيستمر حتى انتخابات عام 2014، إضافة إلى معاناتها في محاولة السيطرة على العجز المالي، أصبحت البلاد تعتمد على المصرف المركزي لمنح الاقتصاد الدفعة التي يحتاج إليها. وبيّن التقرير أن «خفض المصرف المركزي سعرَ الفائدة يمكن اعتباره مكافأة للحكومة التي بدأت ببطء اتخاذ موقف أكثر نشاطاً في اعتماد الإصلاحات الهيكلية، إذ أعلنت في أيلول (سبتمبر) الماضي السماح لمتاجر التجزئة الأجنبية بدخول السوق الهندية، وسمحت بمزيد من الاستثمارات الأجنبية في قطاعي الطيران والاتصالات». وفي ما خص النظام المالي، أظهرت الحكومة بعض التقدم، وفق التقرير، إذ أعلنت أخيراً رفع أسعار التذاكر في القطارات للمرة الأولى في حوالى عشر سنين، كما اقترحت وزارة النفط رفع جزئي للقيود على الديزل بهدف خفض الدعم النفطي، ما من شأنه المساعدة في خفض العجز المالي. وعلى رغم ذلك، أضاف التقرير، ما زال احتمال ارتفاع التضخم قائماً بسبب ضعف البنية التحتية ورداءة وسائل النقل، فإذا لم تتبنَّ الحكومة إجراءات أكبر من جانب العرض فقد تستمر معاناة الهند مع ارتفاع مؤشر أسعار الجملة في شكل كبير ومستمر. وخفض مستوى التضخم يتطلب من الحكومة المحافظة على إجراءاتها الإصلاحية أو زيادتها، ولكن ذلك لا يبدو محتملاً قبل الانتخابات.