أفاد تقرير لمصرف الكويت الوطني، عن مناخ الاقتصاد الدولي أصدره أمس، بأن «أسعار الأسهم والسلع ارتفعت عالمياً في نيسان (أبريل) و بداية أيار (مايو) الماضيين. فمع نهاية نيسان، كانت أسعار السلع ارتفعت 7.4 في المئة على أساس سنوي، مدفوعة بأسعار المعادن التي قفزت أكثر من 25 في المئة. ووصل مؤشر «داو جونز» منتصف أيار إلى 8400 نقطة، مرتفعا 28% في المئة عن مستوياته الدنيا التي بلغها في آذار (مارس)، لكنه بقي متراجعاً 45 في المئة عن مستواه قبل عام. وشهدت أسواق عالمية أداء مماثلا، وكان أداء بعضها أفضل (الهند). وجاء التحسن الطفيف في ثقة المستثمرين وأداء الأسواق على خلفية التزام الحكومات المتصاعد بالتصدي لتدهور الاقتصاد وعودة الاستقرار وتحقيق النمو الاقتصادي بحلول أواخر 2009 أو بداية 2010. واعتبر محللون تصريحات رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي الميركي بن برنانكي، التي تضمنت بوادر على التفاؤل أو ما يمكن تسميته «البراعم الخضراء»، أن التعافي قد بدأ، في حين تمسك آخرون بشكوكهم. وبقي الجميع حذراً جداً بخصوص التطلعات المستقبلية. وكانت الخزانة الأميركية قد أعلنت نتائج اختبارات الضغط التي أجريت على موازنات أكبر 19 مصرفاً أميركياً، وخلصت إلى أن بعض هذه المصارف يحتاج إلى زيادة رأسماله». وأضاف التقرير «لا شك في أن بوادر التعافي بدأت في التبلور، سواء في بيانات المبيعات والإنتاج أو في مؤشرات الثقة، لكنها جاءت في وقت تعتبر خسارة 539 ألف وظيفة في الولاياتالمتحدة في نيسان مؤشراً إيجابياً، وفي وقت بات المحللون يتحدثون عن تباطؤ في وتيرة التراجع بدلاً من التدهور الحاد. فاستمرار التراجع بوتيرة أبطأ، إشارة تبعث الى التفاؤل. ورأى التقرير، أن «بوادر التعافي أو البراعم الخضراء لا تحمل في طياتها أنباء إيجابية بخصوص مستويات البطالة. فعلى رغم كون المؤشر يحتاج عادة وقتاً أطول ليعكس التغيرات، إلا أن آثاره تبدو واضحة، لاسيما في ضوء المعدلات المرتفعة في الوقت الراهن. وبلغ معدل البطالة في الولاياتالمتحدة خلال نيسان 8.9 في المئة، أعلى مستوى له منذ 1983. وكان الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الأميركي سجل في الربع الأول من السنة الحالية، ثاني انكماش متتالٍ له بلغ 6 في المئة على أساس سنوي، بينما شهد الاقتصاد الأوروبي انكماشاً أسوأ بلغ 10 في المئة خلال الفترة ذاتها. وجاءت بيانات الاقتصاد الأوروبي أسوأ مما كان متوقعاً، ووفرت برهاناً إضافياً على أن أوروبا ستتخلف عن الولاياتالمتحدة في تعافي اقتصادها. وكان البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة مجدداً منتصف أيار، وكان آخر بنك مركزي يعلن برنامجاً لشراء السندات، وبقيمة صغيرة نسبياً تبلغ 60 بليون يورو». أسواق الائتمان وأكد التقرير، أن «أسواق الائتمان تأثرت ب «البراعم الخضراء» والأنباء الإيجابية. فمع ازدياد التفاؤل حول الاقتصاد، تراجعت هوامش أسعار الفائدة على خلفية الانطباع بتراجع الأخطار المالية. وفي ضوء تراجع المخاوف من التعثر المصرفي وانخفاض الأسعار، ارتفعت أسعار الفائدة على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات و30 سنة فوق مستوى 3 و4 في المئة على التوالي، للمرة الأولى خلال هذه السنة. وساهمت الأنباء الإيجابية بتحويل الأنظار في الوقت الراهن إلى العجوزات الضخمة التي ستسجلها الولاياتالمتحدة، لاسيما في ظل أسعار الفائدة المنخفضة التي شهدتها عمليات البيع الأخيرة للسندات الأميركية لأجل 30 سنة، ما يذكر بأن تمويلات جديدة ببلايين الدولارت ستكون مطلوبة في المستقبل القريب، حتى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما نبه إلى ضرورة معالجة العجوزات المالية، وأن الإقبال على أدوات الدين الأميركية قد يصبح محدوداً». وتشير التقديرات الرسمية الأميركية إلى أن عجز الموازنة قد يبلغ هذه السنة 1840 بليون دولار، تمثل نحو 13 في المئة من الناتج المحلي الأميركي، مقارنة مع 459 بليوناً في 2008 (3 في المئة من الناتج المحلي). وفي الاتجاه ذاته، أكد بن برنانكي مجددا أن البنك لن يتردد في سحب السيولة من الجهاز المصرفي الأميركي إذا دعت الحاجة. لكن عادة ما تكون السياسات المالية والنقدية الانكماشية صعبة التبرير، وخصوصاً في بيئة اقتصادية ضعيفة وهشة. لذلك، فإن الانتظار وحده سيكون كفيلاً بتوضيح الصورة. ولحظ التقرير أن التضخم لا يزال حالياً خارج الأولويات، فالبيانات تظهر أن الأسعار في اليابان تتراجع إلى ما دون مستوياتها في العام الماضي كما في منطقة اليورو والولاياتالمتحدة الأميركية، ويعزى التراجع في شكل رئيس إلى انخفاض أسعار الطاقة، ولم يشمل بعد أسعار السلع الصناعية وغيرها. وعزا محللون التراجع إلى تقلص فائض المخزونات نتيجة تحسن الطلب، وقدّر تراجع قيمتها في الربع الأول، بأكثر من 100 بليون دولار بالأسعار الثابتة، ما دفع إلى الاعتقاد أن مرحلة تعافي القطاع الصناعي قد تكون وشيكة في المستقبل القريب. وفي الصين دلالات على أن برامج الحفز التي أطلقتها الحكومة مبكراً بدأت بتنشيط الإنتاج والاقتصاد، على رغم أن الصادرات لا تزال ضعيفة». واعتبر التقرير، أن «اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، لا تزال نسبياً مستفيدة من السياسات والإجراءات الحكومية المتخذةً إلى جانب الاحتياطات المالية الضخمة (صناديق سيادية واحتياطات العامة). وساعد مؤخراً ارتفاع أسعار النفط وتعافي أسواق المال الخليجية، في تعزيز مؤشري ثقة المستهلكين وقطاع الأعمال».